الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحياة الاجتماعية والخلقية:
لا شيء أوضح في وصف الحالة الاجتماعية والخلقية من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه بين يدي يزدجرد:
يقول يزدجرد: إني لا أعلم في الأرض أمة كانت أشقى ولا أقل عددا ولا أسوأ ذات بين منكم، قد كنا نوكل بكم قرى الضواحي ليكفونناكم، لا تغزون فارس ولا تطمعون أن تقوموا لهم. فإن كان عدكم قد كثر، فلا يغرنكم منا، وإن كان الجهد دعاكم فرضنا لكم قوتا إلى خصبكم وأكرمنا وجوهكم وكسوناكم وملكنا عليكم ملكا يرفق بكم، فأسكت القوم.
فقام المغيرة بن شعبة فقال: أيها الملك ....
فأما ما ذكرت من سوء الحال فما كان أسوأ حالا منا. وأما جوعنا فلم يكن يشبه الجوع، كنا نأكل الخنافس والجعلان والعقارب والحيات، ونرى ذلك طعامنا. وأما المنازل فإنما هي ظهر الأرض، ولا نلبس إلا ما غزلنا من أوبار الإبل، وأشعار الغنم ديننا أن يقتل بعضنا بعضا، وأن يبغي بعضنا على بعض، وإن كان أحدنا ليدفن ابنت هـ وهي حية كراهية أن تأكل من طعامه، وكانت حالتنا قبل اليوم على ما ذكرت لك ..) (1).
وقول جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه بين يدي النجاشي: (أيها الملك .. كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف ..)(2).
(1) البداية والنهاية لابن كثير ج 7/ 46.
(2)
السيرة النبوية لابن هشام 1/ 336.
وما رواه أبو داود عن عائشة رضي الله عنها في موضوع النكاح والزنا يضيء جانبا آخر: فعن عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن النكاح في الجاهلية على أربعة أنحاء:
فنكاح منها نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليته فيصدقها ثم ينكحها.
ونكاح آخر أن يقول الرجل لامرأته إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها لا يمسها أبدا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إن أحب وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، فكان هذا النكاح يسمى نكاح الاستبضاع.
ونكاح آخر يجتمع الرهط دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها فإذا حملت ووضعت ومر ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطع منهم رجل أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها فتقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم، وقد ولدت وهو ابنك يا فلان فتسمي من أحبت منهم باسمه، فيلحق به ولدها.
ونكاح رابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا. كن ينصبن على أبوابهن رايات يكن علما لمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت فوضعت حملها جمعوا لها ودعوا لهم القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاطه ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم هدم نكاح أهل الجاهلية كله إلا نكاح الإسلام اليوم) (1).
(1) البخاري ك. 67 ب. 37 ج 7 ص 20 وسنن أبي داود ك. النكاح باب وجود النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية ك. 3 ب. 32.