المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رابعا: من أحداث الغزوة: - فقه السيرة النبوية لمنير الغضبان

[منير الغضبان]

فهرس الكتاب

- ‌بين يدي البحث

- ‌أولامباحث تمهيدية

- ‌الفصل الأولمعنى السيرة النبوية وأهميتها

- ‌تعريف بالسيرة النبوية:

- ‌أهمية السيرة النبوية:

- ‌دراسة السيرة عبادة:

- ‌مصادر السيرة:

- ‌أولا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيا كتب السنة:

- ‌ثالثا: كتب السير والتراجم:

- ‌رابعا: كتب الدلائل والشمائل والمعجزات والخصائص:

- ‌خامسا: كتب التاريخ والأدب:

- ‌مدى عناية المسلمين بها:

- ‌وكلمة عن ابن هشام وعمله في سيرة ابن إسحاق:

- ‌السيرة النبوية خلال القرون:

- ‌الفصل الثانيالنبوة

- ‌حاجة البشر إلى الأنبياء:

- ‌حاجتهم إلى خاتم الأنبياء:

- ‌الإيمان هو الأصل والشرك طارئ:

- ‌النبوة اجتباء من الله تعالى واصطفاء:

- ‌الفصل الثالثلمحة عن‌‌ أصل العرب وعقيدتهم

- ‌ أصل العرب وعقيدتهم

- ‌طروء الشرك عليهم:

- ‌عناية الإسلام بسد ذرائع الشرك:

- ‌الفصل الرابعنبذة عن حياة العرب

- ‌أصول العرب:

- ‌ العرب البائدة:

- ‌ العرب العاربة:

- ‌ العرب العدنانية:

- ‌الحالة الدينية:

- ‌الطواغيت:

- ‌الحالة السياسية:

- ‌ الملك باليمن:

- ‌الملك بالحيرة

- ‌الملك بالشام:

- ‌الإمارة بالحجاز:

- ‌الحياة الاجتماعية والخلقية:

- ‌الحالة الاقتصادية:

- ‌الحالة الخلقية:

- ‌محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة

- ‌الفصل الخامساختياره من بيت شرف ونسب

- ‌الفصل السادسيتم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رضاعه صلى الله عليه وسلم:

- ‌الفصل السابععمله ب‌‌الرعيوالتجارة

- ‌الرعي

- ‌التجارة:

- ‌الفصل الثامنحفظ الله تعالى لنبيه قبل البعثة

- ‌لقاؤه مع بحيرا الراهب:

- ‌أمره بستر عورته:

- ‌أمر الجاهلية:

- ‌وقوفه بعرفات:

- ‌الفصل التاسعمشاركته في أحداث قومه

- ‌حضوره حرب الفجار

- ‌شهوده حلف الفضول:

- ‌بناء الكعبة والتحكيم:

- ‌الفصل العاشرزواجه من خديجة

- ‌العهد المكي للدعوة

- ‌الفصل الحادي عشرالوحي

- ‌الفصل الثاني عشرمراحل الدعوة

- ‌الفصل الثالث عشرمن أسلوب المخالفين في مواجهة الدعوة

- ‌أولا: التشويه:

- ‌ثانيا: التهديد:

- ‌ثالثا: التعذيب:

- ‌رابعا: الترغيب:

- ‌ المال:

- ‌ الجاه:

- ‌ النساء:

- ‌خامسا: التعجيز:

- ‌سادسا: الاغتيال:

- ‌سابعا: المقاطعة:

- ‌الفصل الرابع عشرسنة الله تعالى في الابتلاء

- ‌ تزكية الفرد:

- ‌ نفي الخبث عن الدعوة:

- ‌ الدعاية لها:

- ‌ جذب بعض العناصر القوية إليها:

- ‌وجوب الصبر على الابتلاء

- ‌الفصل الخامس عشرالاستفادة من قيم الجاهلية

- ‌الفصل السادس عشروطن الداعية حيث مصلحة الدعوة

- ‌الهجرة إلى الحبشة:

- ‌قريش تحاول إعادة المهاجرين إليها:

- ‌تخطيط ذكي جديد:

- ‌مؤامرة جديدة تتحطم:

- ‌ثانيا: عرض رسول الله (ص) نفسه على ثقيف

- ‌ثالثا: عرض نفسه على القبائل

- ‌بنو شيبان:

- ‌الفصل السابع عشرالإسراء والمعراج ودلالتهما

- ‌حديث الإسراء

- ‌حديث المعراج

- ‌الفصل الثامن عشرالهجرة إلى المدينة

- ‌أولا: أسبابها:

- ‌ثانيا: التخطيط لها وأهميتها في تاريخ الدعوة:

- ‌ تهيئة الركب:

- ‌ شراء البعيرين وعلفهما:

- ‌ جاء في نحر الظهيرة:

- ‌ مجيئه مقنعا:

- ‌ الأمر بإخراج الناس من البيت:

- ‌ تهيئة الزاد:

- ‌ الخروج من خوخة أبي بكر:

- ‌ كتمان الأمر:

- ‌ الخروج إلى الغار:

- ‌ عبد الله يتلقط الأخبار:

- ‌ عامر بن فهيرة يعفو على الأثر:

- ‌ ابن فهيرة وغنمه للزاد كذ

- ‌ رسول الله (ص) لا يبيت على فراشه:

- ‌ مبيت علي رضي الله عنه في الفراش:

- ‌ اختيار الدليل المناسب:

- ‌ اختيار طريق الساحل:

- ‌ الهادي على الطريق:

- ‌ حيلة أسماء في المال:

- ‌أهمية الهجرة في تاريخ الدعوة:

- ‌ثالثا: دور الشباب والمرأة في الهجرة:

- ‌العهد المدني للدعوة

- ‌الفصل التاسع عشرتنظيم المجتمع النبوي

- ‌أولا: بناء المسجد:

- ‌ثانيا: المؤاخاة:

- ‌ثالثا: وثيقة المدينة (الدستور الإسلامي):

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني

- ‌الباب الثالث

- ‌ دستور الدولة الإسلامية الجديدة

- ‌ الباب الأول: حقوق وواجبات المسلمين في الدولة المسلمة:

- ‌ الباب الثاني: حقوق وواجبات غير المسلمين في الدولة المسلمة

- ‌ الباب الثالث: أحكام عامة للمواطنين عامة:

- ‌الفصل العشرونالإذن في الجهاد

- ‌أولا: مرحلة كف اليد:

- ‌ثانيا: الإذن في الجهاد:

- ‌ثالثا: أهمية الجهاد في الإسلام:

- ‌الفصل الحادي والعشرونأهم السرايا والغزوات

- ‌أولا: الإحصاء الإجمالي:

- ‌ثانيا: سرية عبد الله بن جحش:

- ‌الفصل الثاني والعشرونغزوة بدر

- ‌أولا: أسباب الغزوة وأهدافها:

- ‌ثانيا: الاستشارة التي غيرت وجه المعركة:

- ‌ثالثا: استقصاء المعلومات عن العدو:

- ‌رابعا: من أحداث الغزوة:

- ‌خامسا: أهمية الغزوة:

- ‌سادسا: آثارها:

- ‌الفصل الثالث والعشرونغزوة أحد

- ‌أسباب الغزوة:

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌قوانين النصر والهزيمة:

- ‌التمحيص في أحد:

- ‌النماذج الإيمانية الرائعة:

- ‌القيادة النبوية العظيمة:

- ‌آثار المعركة:

- ‌ من حيث موقف المسلمين في المدينة:

- ‌ من حيث جرأة العرب على المؤمنين:

- ‌ من حيث الموقف مع قريش:

- ‌كيف عالج القرآن أثر المحنة

- ‌الفصل الرابع والعشرونغزوة الخندق

- ‌أسباب الغزوة:

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌الفصل الخامس والعشرونغزوة الحديبية

- ‌أحداث الحديبية:

- ‌الفصل السادس والعشرونغزوة خيبر

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل السابع والعشرونغزوة مؤتة

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل الثامن والعشرونفتح مكة

- ‌ أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل التاسع والعشرونغزوة حنين

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل الثلاثونغزوة تبوك

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل الحادي والثلاثونمواقف المنافقين من الدعوة

- ‌ النفاق في مكة:

- ‌ بداية التجمع:

- ‌ دورهم في غزوة بني قينقاع:

- ‌ دورهم في غزوة أحد

- ‌ تآمرهم مع بني النضير

- ‌ المنافقون يوم الأحزاب

- ‌ الفريق الأول:

- ‌ الفريق الثاني:

- ‌ الفريق الثالث:

- ‌ المنافقون يوم بني المصطلق

- ‌ بعد الحديبية وفتح مكة

- ‌الفصل الثاني والثلاثونمواقف اليهود من الدعاة

- ‌ الموقف الديني:

- ‌ المواقف السياسية

- ‌المواقف العسكرية

- ‌الفصل الثالث والثلاثونأزواج النبي (ص)

- ‌المرحلة الأولى: حتى الخامسة والعشرين:

- ‌ عنف صبوة الشباب وتأجج العاطفة

- ‌المرحلة الثانية: حتى الخمسين من عمره

- ‌ زواجه من خديجة رضي الله عنها

- ‌المرحلة الثالثة: حتى الخامسة والخمسون من العمر

- ‌ الزواج بعائشة وسودة

- ‌المرحلة الرابعة: من الخامسة والخمسين حتى الستين

- ‌بقية نسائه

- ‌(أ) حفصة بنت عمر رضي الله عنها:

- ‌(ب) زينب بنت خزيمة

- ‌(ج) أم سلمة:

- ‌(د) زينب بنت جحش:

- ‌(هـ) أم حبيبة بنت أبي سفيان

- ‌(و) جويرية بنت الحارث:

- ‌(ز) ريحانة بنت زيد:

- ‌(ح) صفية بنت حيي:

- ‌(ط) مارية القبطية:

- ‌(ي) ميمونة بنت الحارث:

- ‌المرحلة الخامسة: من الستين إلى الثالثة والستين

- ‌لم يتزوج فيها رسول الله

- ‌خاتمة

- ‌الفصل الرابع والثلاثونعالمية الدعوة: أدلتها ومظاهرها من السيرة

- ‌ كتب رسول الله (ص) إلى كل ملوك الأرض

- ‌ كتاب هرقل عظيم الروم:

- ‌ كتاب كسرى عظيم الفرس

- ‌ الكتاب إلى المقوقس ملك مصر:

- ‌ الكتاب إلى النجاشي ملك الحبشة:

- ‌ بقية الكتب:

- ‌الفصل الخامس والثلاثونأخلاقه صلى الله عليه وسلم

- ‌وجوب محبته ومن لوازم محبته اتباعه:

- ‌نماذج من تربيته (ص) لأصحابه:

- ‌الفصل السادس والثلاثونوفاته صلى الله عليه وسلم. وبيعة الصديق

- ‌قبل أربعة أيام: يوم الخميس:

- ‌قبل ثلاثة أيام: يوم الجمعة:

- ‌قبل يوم واحد:

- ‌آخر يوم من الحياة:

- ‌اللحظات الأخيرة:

- ‌جهاز رسول الله (ص) ودفنه

- ‌تكفين رسول الله:

- ‌حفر القبر:

- ‌الصلاة على رسول الله ثم دفنه:

- ‌الفصل السابع والثلاثونبيعة الصديق وحروب الردة

- ‌الانقلاب على العقب:

- ‌إنفاذ جيش أسامة:

- ‌مانعو الزكاة:

- ‌ الكتاب الذي وجهه الصديق إلى هؤلاء المردة المرتدين

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم:

- ‌ثبت المراجع والمصادر

- ‌المحتوى

الفصل: ‌رابعا: من أحداث الغزوة:

لقد تم استقصاء المعلومات، على أربعة مراحل:

1 -

الأولى: عندما بعث طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد يتحسسان أخبار العير قبل خروجها من المدينة بعشر ليال وشهدا مرور العير من أرض جهينة.

2 -

والمرحلة الثانية: حين بعث عدي بن الزعباء، وبسبس بن عمرو إلى ماء بدر، واستطاعا أن يحددا وقت وصول العير إلى بدر.

3 -

والمرحلة الثالثة: حين أصبحت العير أمرا ثانويا أمام خروج قريش، حيث خرج عليه الصلاة والسلام بنفسه ومعه الصديق أبو بكر، وحددا الموقع الذي وصل إليه جيش قريش وذلك من خلال لقائهما مع الشيخ الأعرابي.

4 -

والمرحلة الرابعة: حين بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه والنفر الذين معه فاستاقا الغلامين من قريش، وعرف منهما عدد جيش قريش وأخطر الشخصيات التي حضرت مع قريش والتي عبر عنها عليه الصلاة والسلام بقوله:((هذه قريش قد ألقت إليكم بأفلاذ أكبادها)). وبذلك أصبحت الصورة كاملة لدى الرسول (ص) عن العدو،

وموقعه، وعدده، وشخصياته.

‌رابعا: من أحداث الغزوة:

1 -

(كانت غداة يوم الجمعة لسبع عشرة خلت من شهر رمضان على رأس

ص: 418

ثمانية عشر شهرا من الهجرة) (1).

2 -

عن البراء قال: (كنا أصحاب محمد (ص) نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، ولما يجاوز معه إلا مؤمن بضعة عشر ثلاثمائة) (2).

3 -

(سمعت ابن مسعود يقول: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به، أتى النبي (ص) وهو يدعو على المشركين، فقال: لا نقول كما قال قوم موسى: اذهب أنت وربك فقاتلا، ولكننا نقاتل عن يمينك وعن شمالك، وبين يديك ومن خلفك، فرأيت النبي (ص) أشرق وجهه وسره) (3).

4 -

عن ابن عباس قال: (قال النبي (ص) يوم بدر: ((اللهم أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد)) فأخذ أبو بكر بيده فقال:

حسبك، فخرج وهو يقول:((سيهزم الجمع ويولون الدبر ..))) (4).

5 -

عن ابن عباس (أن النبي (ص) قال يوم بدر: ((هذا جبريل آخذ برأس فرس عليه أداة الحرب))) (5).

(1) شرح السنة للبغوي 13/ 376.

(2)

البخاري ك. المغازي 64 ب. عدة أصحاب بدر 6 و 5 ص 94.

(3)

البخاري المصدر السابق ب 4 {إذ تستغيثون ربكم} ص 92.

(4)

المصدر السابق ص 93.

(5)

المصدر السابق ب. شهود الملائكة بدرا 11 ص 103.

ص: 419

6 -

عن ابن عباس قال: (حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله (ص) إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله (ص) القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه:((اللهم أنجز لي ما وعدتني. اللهم آتني ما وعدتني. اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض)) فما زال يهتف بربه، مادا يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فآتاه أبو بكر، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا رسول الله كذاك (1) مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله سبحانه وتعالى:{إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم إني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} فأمده الله بالملائكة. قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم إذ نظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه كضربة السوط، فاخضر ذلك أجمع. فجاء الأنصاري فحدث ذاك رسول الله فقال:

((صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة)) فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين) (2).

7 -

عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده قال: (بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، نظرت عن يميني وشمالي، فإذا أنا

(1) هكذا وقع لجاهير رواية مسلم لبعضهم كفاك. وكل بمعنى.

(2)

مسلم ك. الجهاد والسير 32 ب. غزوة بدر ح 1779 ص 1403 ج 3.

ص: 420

بغلامين من الأنصار، حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أصلح (1) منهما فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، ما حاجتك يابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله (ص)، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا (2) فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس. فقلت: ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني فابتدراه بسيفيهما، فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله (ص) فأخبراه، قال:((أيكما قتله؟)) فقال كل واحد منهما أنا قلته، فقال:((هل مسحتما سيفيكما؟)) قالا: لا. فنظر في السيف فقال: ((كلاكما قتله، سلبه لمعاذ بن عمرو ابن الجموح)) وكانا معاذ بن عفراء، ومعاذ بن الجموح) (3).

8 -

(عن أبي طلحة أن نبي الله (ص) أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، فقذفوا في طوي (4) من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم، أقام بالعرصة ثلاث ليال: فلما كان ببدر في اليوم الثالث، أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى، واتبعه أصحابه، وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شقة الركي (5)

فجعل يناديهم بأسمائهم، وأسماء آبائهم، ((يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟! فإنا قد وجدنا ما وعدنا

(1) الرواية في البخاري (أضلع) من الضلاعة وهي القوة.

(2)

الأعجل منا: الأقرب أجلا.

(3)

البخاري ك. 64 المغازي ب. 9 فضل من شهد بدرا ج 5 ص 100.

(4)

طوي: بئر.

(5)

الركي: البئر.

ص: 421

ربنا حقا؟)) قال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ قال النبي (ص): ((والذي نفس محمد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم)).

قال قتادة (أحياهم الله حتى أسمعهم له توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما)(1).

9 -

وعن أبي أيوب الأنصاري (قال: قال رسول الله (ص) ونحن بالمدينة: ((إني أخبرت ونحن بالمدينة عن عير أبي سفيان أيها مقبلة، فهل لكم أن نخرج قبل هذا العير لعل الله يغنمناها؟)) قلنا: نعم. فخرج وخرجنا معه، فلما سرنا يوما أو يومين، قال لنا:((ما ترون في القوم فإنهم أخبروا بمخرجكم؟)) فقلنا: لا والله ما لنا طاقة بقتال العدو، ولكن أردنا العير. ثم قال:((ما ترون في القوم؟)) فقلنا مثل ذلك. فقال المقداد بن عمرو: إذن لا نقول لك يا رسول الله كما قال قوم موسى لموسى {اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} فتمنينا معشر الأنصار أنا قلنا كما قال المقداد وأحب إلينا من أن يكون لنا مال عظيم فأنزل الله عز وجل على رسوله (ص): {

كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك بالحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون} ثم أنزل الله عز وجل: {إني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان} وقال: {وإذ يعدكم الله إحدى

(1) البخاري ك. المغازي 64 ب. قتل أبي جهل 8 ج 5 ص 97، 98.

ص: 422

الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم} والشوكة: القوم، وغير ذات الشوكة: العير. فلما وعد الله إحدى الطائفتين إما القوم وإما العير طابت أنفسنا .. ثم إن رسول الله (ص) بعث ينظر ما قبل القوم فقال: رأيت سوادا ولا أدري، فقال رسول الله (ص):((هم هم هلموا أن نتعاد)) فإذا نحن ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا. وأخبرنا رسول الله (ص) بعدتنا، ذلك وقال: عدة أصحاب طالوت. ثم إنا اجتمعنا مع القوم فصففنا. فبدرت منا بادر أمام الصف، فنظر رسول الله (ص) إليهم فقال:((معي معي)) ثم إن رسول الله () قال: ((اللهم إني أنشدك وعدك)) فقال ابن رواحة: يا رسول الله إني أريد أن أشير عليك ورسول الله (ص) أعظم من أن نشير عليه. والله أعظم من أن ننشده وعده. فقال: ((يابن رواحة لأنشدن الله وعده، فإن الله لا يخلف وعده)) فأخذ قبضة من التراب فرمى بها رسول الله (ص) في وجوه القوم فانهزموا. فأنزل الله عز وجل: {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ..} فقتلنا وأسرنا. فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ما أرى أن يكون لك أسرى، فإنما نحن داعون مؤلفون فقلنا معشر الأنصار: إنما يحمل عمر على ما قال حسد لنا. فنام رسول الله (ص) ثم استيقظ فقال: ((ادعو لي عمر)) فدعي له فقال: ((إن الله عز وجل قد أنزل علي: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم} (1)))) (2).

(1) الأنفال / 67.

(2)

مجمع الزوائد 6/ 74 وقال: رواه الطبراني وإسناده حسن.

ص: 423

10 -

وعن علي (1) قال: (لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها فا جتويناها (2) فأصابنا بها وعك (3)، فكان النبي (ص) يتخبر عن بدر، فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار رسول الله (ص) إلى بدر، وبدر بئر فسبقنا المشركون إليها، فوجدنا فيها رجلين منهم رجلا من قريش، ومولى لعقبة ابن أبي معيط، فأما القرشي فانفلت، وأما مولى عقبة فأخذناه، فجعلنا نقول له: كم القوم؟ فيقول: هم والله كثير عددهم شديد بأسهم، فجهد رسول الله (ص) أن يخبره فأبى. ثم إن النبي (سأله:((كم ينحرون من الجزر؟)) فقال: عشر لكل يوم. فقال رسول الله (ص): ((القوم ألف كل جزر لمائة ونيفها)) ثم إنه أصابنا طش (4) من مطر فانطلقنا تحت الشجر والحجف (5) نستظل تحتها من المطر، وبات رسول الله (ص) يدعو ربه ويقول:((اللهم إن تهلك هذه الفئة لا تعبد)) قال: فلما أن تطلع الفجر نادى: ((الصلاة عباد الله)). فجاء الناس من تحت الشجر والحجف، فصلى بنا رسول الله (ص) وحض على القتال ثم قال:((إن جمع قريش تحت هذه الضلع الحمراء من الجبل)). فلما دنا القوم وصافناهم إذا رجل منهم على جمل أحمر يسير في القوم فقال رسول الله (ص): ((يا علي ناد حمزة)) وكان أقربهم من المشركين من صاحب الجمل الأحمر، وماذا يقول لهم. ثم قال رسول الله (ص):

(1) أي علي بن أبي طالب.

(2)

أي أصابهم الجوى وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول.

(3)

وعك: أذى الحمى ووجعها.

(4)

طش من مطر: الطش والطشيش: المطر الضعيف وهو فوق الرذاذ.

(5)

الحجف: التروس من جلود بلا خشب ولا عقب.

ص: 424

((إن يكن في القوم أحد يأمر بخير فعسى أن يكون صاحب الجمل الأحمر)) قال: هو عتبة بن ربيعة وهو ينهى عن القتال ويقول لهم: يا قوم إني أري قوما مستميتين لا تصلون إليهم وفيكم؛ خير. يا قوم اعصبوها اليوم برأسي وقولوا: جبن عتبة بن ربيعة، ولقد علمتم أني لست بأجبنكم، فسمع ذلك أبو جهل فقال: أنت تقول ذلك، والله لو غيرك يقول لأعضضته، قد ملأت رئتك جوفك رعبا. فقال عتبة: إياي تعني يا مصفر استه. ستعلم اليوم أينا الجبان.

قال: فبرز وأخوه شيبة وابنه الوليد حمية فقالوا: من يبارز. فخرج فتية من الأنصار ستة، فقال عتبة: لا نريد هؤلاء، ولكن من يبارزنا من بني عمنا من بني المطلب فقال رسول الله (ص):((قم يا علي، وقم يا حمزة، وقم يا عبيدة بن الحارث بن المطلب)) فقتل الله شيبة وعتبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة. وجرح عبيدة، فقتلنا منهم سبعين، وأسرنا سبعين. فجاء رجل من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيرا فقال العباس: يا رسول الله إن هذا والله ما أسرني. أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق ما أراه في القوم. فقال الأنصاري: أى أسرته يا رسول الله. قال: ((أسكت فقد أيدك الله بملك كريم)) قال من: فأسرنا من بني المطلب العباس وعقيلا ونوفل بن الحارث) (1).

(1) مجمع الزوائد للهيثمي 75/ 6، 76 وقال الهيثمي: روى أبو داود طرفا منه. ورواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح غير حارثة بن مضرب وهو ثقة.

ص: 425