الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونزل عن سريره إلى الأرض وأسلم على يد جعفر بن أبي طالب وكتب إلى النبي (ص) كتابا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة. سلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركات الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت تفروقا (1). وقد عرفنا ما بعثت به إلينا، وقد عرفنا ابن عمك وأصحابك. فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا. وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين) (2).
هـ -
بقية الكتب:
وأرسل سليط بن عمرو إلى هوذة بن علي الحنفي .. وأرسل العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين .. فأما هوذة بن علي (الحنفي) فبعث وفدا بأن يجعل له رسول الله (ص) الأمر بعده حتى يسلم وإلا قصده وحاربه. فقال النبي (ص)((اللهم اكفنيه!)) فمات بعد قليل. وأما المنذر بن ساوى. فأسلم وأسلم أهل البحرين. وأما الحارث بن أبي شمر الغساني. فإنه لما أتاه الكتاب قال: أنا سائر إليه (يعني محاربا) فقال رسول الله (ص) وقد بلغه ذلك عنه: باد ملكه) (3).
وقد روى مسلم بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن
(1) التفروق: غلافة بين النواة والقشرة.
(2)
زاد المعاد لابن القيم 72/ 3.
(3)
إمتاع الأسماع للمقريزي /1/ 308 - 309.
رسول الله (ص) كتب قبل مؤته إلى كسرى وقيصر، وإلى النجاشي، وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله عز وجل (1).
…
10 -
وحقق الله تعالى موعود نبيه. على يد الجيل الذي رباه، والذي تلقى البشائر عنه. ففتحت الشام ومن ورائها بلاد الروم، والعراق ومن ورائها بلاد فارس، ومصر، واليمن، ودانت الأرض في أقل من مائة عام للمسلمين. ويكفي أن نعرض نموذج عدي بن حاتم رضي الله عنه. مع هذا الدين إذ يقول:
(ما من رجل من العرب كان أشد كراهية لرسول الله (ص) حين سمع به مني. أما أنا فكنت امرءا شريفا وكنت نصرانيا. وكنت أسير في قومي بالمرباع (2). فكنت في نفسي على دين. وكنت ملكا في قومي لما كان يصنع بي فلما سمعت برسول الله (ص) كرهته. فقلت لغلام كان لي عربي، وكان راعيا لإبلي: لا أبالك، أعدد لي من إبلي أجمالا ذلالا سمانا. فاحتبسها قريبا مني. فإذا سمعت بجيش لمحمد قد وطىء هذه البلاد فآذني، ففعل، ثم إنه أتاني ذات غداة فقال: يا عدي، ما كنت صانعا إذا غشيتك خيل محمد فاصنعه الآن. فإني قد رأيت رايات فسألت عنها. فقالوا: هذه جيوش محمد. قال: قلت: فقرب إلي أجمالي. فقربها. فاحتملت بأهلي وولدي. ثم قلت: ألحق بأهل ديني
(1) مسلم ك 32 الجهاد والسير ج 3 ص 1397.
(2)
المرباع: الربع من الغنائم في الجاهلية الذي كان يأخذه رئيس القبيلة. انظر القاموس المحيط باب العين ص 928.
من النصارى بالشام. وسلكت الجوشية. وخلفت بنتا لحاتم في الحاضر. فلما قدمت الشام أقمت بها) (1).
ثم يذكر قصة أخته وأسرها من المسلمين ثم عودتها إليه في الشام. وحثها له ليقدم على محمد (ص). فيقول: (.. فخرجت حتى أقدم على رسول الله (ص) المدينة فدخلت عليه، وهو في مسجده فسلمت عليه، فقال:((من الرجل؟)) فقلت: عدي بن حاتم. فقام رسول الله (ص) فانطلق بي إلى بيته. فوالله إنه لعامد بي إليه، إذ لقيته امرأة ضعيفة فاستوقفته فوقف لها طويلا تكلم في حاجتها؛ قال: قلت في نفسي: والله ما هذا بملك ثم مضى بي رسول الله (ص) حتى إذا دخل بي بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفا فقذفها إلي فقال: ((اجلس على هذه)(2) ثم قال:
((لعلك يا عدي إنما يمنعك من دخول هذا الدين ما ترى من حاجتهم. فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم فلا يوجد من يأخذه. ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف. ولعلك إنما يمنعك من دخول هذا الدين أنك ترى الملك والسلطان في غيرهم. وأيم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض في أرض بابل قد فتحت عليهم))) قال: فأسلمت.
(1) و (2) السيرة النبوية لابن هشام 578/ 2 - 581.
وكان عدي يقول: قد مضت اثنان وبقيت الثالثة: والله لتكونن. قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت. وقد رأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف حتى تحج هذا البيت وأيم الله لتكونن الثالثة، ليفيضن المال حتى لا يوجد من يأخذه) (1).
…
(1) السيرة النبوية لابن هشام 2/ 578 - 581.