الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمرئية لتشويه الإسلام وتصويره دينا وثنيا أو إرهابيا أو متخلفا يمثل حضارة الجمل والصحراء لأكبر دليل على استمرار هذا الخط الدعائي ضد الإسلام.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية تصوير المسلمين بأنهم متخلفون لأنهم متمسكون بإسلامهم، وتحميل الإسلام كل التخلف الحضاري عند المسلمين، وتمثيل الصحوة الإسلامية المعاصرة بأنه يقودها الأصوليون والمتطرفوق الذين يريدون تدمير كل منتجات الحضارة البشرية المعاصرة، والعودة بالبشرية إلى القرون الوسطى وعهود الرق والتخلف.
ثانيا: التهديد:
(قال ابن عباس: قال أبو جهل: لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن على عنفه. فبلغ ذلك رسول الله (ص) فقال: ((لو فعل لأخذته الملائكة عيانا))) (1).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (مر أبو جهل بالنبي (ص) وهو يصلي، فقال: ألم أنهك أن تصلي يا محمد؟ لقد علمت ما بها أحد أكبر ناديا مني، فانتهره النبي (ص)، فقال جبريل:{فليدع ناديه سندع الزبانية} والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب) (2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (قال أبو جهل هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال فقيل: نعم. فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل
(1) البخاري ك. التفسير ب. سورة العلق ورواه الإمام أحمد.
(2)
الإمام أحمد 256/ 1 والترمذي والنسائي.
ذلك لأطأن على عنقه، أو لأعفرن وجهه في التراب. قال: فأتى رسول الله (ص) وهو يصلي، زعم ليطأ على رقبته. قال: فما فجئهم إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه. قال: فقيل له: ما لك؟ فقال: إن بيني وبينه لختدقا من نار وهولا وأجنحة. فقال رسول الله (ص): ((لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا)) قال: فأنزل الله عز وجل لا ندري في حديث أبي هريرة أم شيء بلغه - {كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ..} إلى آخر السورة) (1).
وقال محمد بن إسحاق: (أبو جهل الفاسق الذي يغري بهم في رجال من قريش، إذ سمع بالرجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه، وقال: تركت دين أبيك وهو خير منك، لنسفهن حلمك، ولنقيلن رأيك، ولنضعن شرفك، وإن كان تاجرا قال: والله لنكسدة تجارتك، ولنهلكن مالك، وإن كان ضعيفا ضربه وأغرى به)(2).
وقال يونس بن بكير: حدثني محمد بن إسحاق .. عن ابن عباس في قصة طويلة جرت بين مشركي مكة وبين رسول الله (ص).
(فلما قام رسول الله قال أبو جهل بن هشام: يا معشر قريش! إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا، وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وسب آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر، فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه، فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم (3).
(1) مسلم ك. المنافقين ب. قوله {إن الإنسان ليطغى} ح. 38. ورواه أحمد والنسائي والبيهقي.
(2)
السيرة النبوية لابن هشام 1/ 320.
(3)
السيرة النبوية لابن هشام 298/ 1.
أسلوب التهديد يمثل الحرب النفسية التي تنصب على الداعية، بحيث تخور عزيمته وتضعف نفسه، ويستسلم للطواغيت، ويتراجع ويفتن عن دينه. ومن أنواع التهديد: التلويح بالعذاب والسجن لمن يعلن كلمة الحق، أو يسلك مسلك الدعاة في عبادتهم أو لباسهم، أو عفتهم عن الحرام، فتطلق الإشاعات وتبث بين الناس أن من يفعل ذلك فهو منضم لهؤلا الدعاة، ولا نجاة إلا بالتبرؤ منهم، ومخالفتهم عقيدة وسلوكا، والداعية الحق لا يرهبه التهديد ولا يثنيه الوعيد. بل يمضي قدما على طريق الحق منطلقا من قول الله عز وجل:{وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ..} (1).
وقد رأينا تهديد أبي جهل رسول الله (ص) ينهاه عن صلاته ويتوعد بوطأ عنقه إذا سجد، فكيف أخزى الله أبا جهل بما هدد.
ومن أهم أنواع التهديد كذلك: التهديد بقطع الرزق، والإخراج من الوظيفة، وتحطيم السمعة، والنيل من الجاه، والمركز الاجتماعي المرموق .. وهذه التهديدات لن تثني المسلم الحق عن دينه، وكيف تثنيه وهو يعلم أن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} (2).
وأنه: (لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب)) (3).
(1) يونس: 107.
(2)
هود: 6.
(3)
صحيح الجامع الصغير وزيادته 2/ ص 209 ح. 2081.