الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لإنهاء الإسلام ونبيه من الوجود، {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} .
أحداث الغزوة:
1 -
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أرى عن النبي (ص) قال: ((رأيت في رؤياي أني هززت سيفا فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد، ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان. فإذا هو ما جاء به الله من الفتح، واجتماع المؤمنين، ورأيت فيها بقرا والله خير. فإذا هم المؤمنون يوم أحد)) (1).
2 -
وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله (ص) قال: ((رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت بقرا تنحر فأولت أن الدرع الحصية المدينة، وأن البقر نقر والله خير)) فقال لأصحابه: ((لو أنا أقمنا بالمدينة فإن دخلوا علينا فيها قاتلناهم)) فقالوا: والله يا رسول الله ما دخل علينا فيها في الجاهلية، فكيف يدخل علينا فيها في الإسلام؟ فقال:((شأنكم إذن)) فلبس لأمته (2) قال: فقالت الأنصار: رددنا على رسول الله (ص) رأيه. فجاؤا فقالوا: يا نبي الله شأنك إذا. فقال: ((إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل))) (3).
(1) البخاري ك. المغازي 64 ب. من قتل من المسلمين يوم أحد 26 ج 6 ص 131.
(2)
لأمة الحرب: عدة القتال أو الدرع.
(3)
مجمع الزوائد للهيثمي، وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح 6/ 107.
3 -
(
…
وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة .. فخرج رسول الله (ص) في ألف من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد، انخزل عنه عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الناس وقال: أطاعهم وعصاني، ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس، فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب واتبعهم عبد الله بن حرام أخو بني سلمة يقول:((أذكركم الله أن لا تخذلوا قومكم ونبيكم عندما حضر من غدوهم ي فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم، ولكننا لا نرى أنه يكون قتال ..)(1).
وعن زيد بن ثابت قال: (لما خرج النبي (ص) إلى أحد، رجع ناس ممن خرج معه، وكان أصحاب النبي (ص) فرقتين، فرقة تقول: نقاتلهم، وفرقة تقول: لا نقاتلهم .. فنزلت: {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا ..} (2)) (3).
4 -
(عن جابر رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية فينا: {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما} (4) بني سلمة وبني حارثة، وما أحب أنها لم تنزل، والله يقول:{والله وليهما} ) (5).
(1) السيرة النبوية لابن هشام 2/ 63.
(2)
النساء 88.
(3)
شرح السننة للبغوي 13/ 388 وقال: حديث متفق على صحته.
(4)
آل عمران 122.
(5)
البخاري ك. المغازي 64 ب. إذا همت طائفتان 18 ج 5 ص 123.
5 -
عن البراء رضي الله عنه قال: (لقينا المشركين يومئذ، وأجلس النبي (ص) جيشا من الرماة وأمر عليهم عبد الله (بن جبير) وقال: ((لا تبرحوا إن رأيتمونا ظهرنا عليهم لا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا))، فلما لقيناهم هربوا حتى رأيت النساء يشتدون في الجبل، رفعن عن سوقهن، قد بدت خلاخلهن، فأخذوا يقولون: الغنيمة الغنيمة!!
فقال عبد الله: عهد إلي النبي (ص) أن لا تبرحوا. فأبوا: فلما صرف وجوههم، فأصيب سبعون قتيلا، وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد؟ فقال: ((لا تجيبوه))، فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ قال: ((لا تجيبوه))، قال: أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال: إن هؤلاء قتلوا فلو كانوا أحياء لأجابوا، فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت يا عدو الله أبقى الله عليك ما يخزيك. قال أبو سفيان: أعل هبل. فقال النبي (ص): ((أجيبوا)) قالوا: ما نقول؟ قال: ((قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم)) قال أبو سفيان: الحرب سجال: يوم بيوم بدر. وتجدون مثلة لم آمر بها) (1).
6 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (لما كان يوم أحد هزم المشركون فصرخ إبليس: أي عباد الله أخراكم، فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم، فبصر حذيفة، فإذا هو بأبيه اليمان فقال: أي عباد الله أبي!! قالت: فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة: يغقر الله لكم) قال عروة: فوالله ما زالت في حذيفة بقية من خير) (2).
(1) البخاري ك. المغازي 64 ب. غزوة أحد 17 ج 5 ص 120، 121.
(2)
المصدر السابق ب إذا همت ص 125.
وعن أبي إسحاق قال: (سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما يقول: جعل النبي (ص) على الرجالة يوم أحد، عبد الله بن جبير، وأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم) (1).
قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد (2) .. عن الزبير قال: (والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم (3) هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ما دون أخذهن قليل ولا كثير إذ مالت الرماة إلى العسكر حين كشفنا القوم عنه، وخلوا ظهورنا للجبل فأتينا من خلفنا، وصرخ صارخ: ألا إن محمدا قد قتل، فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنوا منه أحد من القوم) (4).
7 -
عن أنس قال: لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي (ص) وأبو طلحة بين يدي النبي (ص) مجوب عليه بحجفة له، وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد النزع، كسر يومئذ قوسين أو ثلاثا، وكان الرجل يمر معه بجعبة من النبل، فيقول: انثرها لأبي طلحة، فأشرق النبي (ص) ينظر إلى القوم فيقول أبو طلحة: بأبي أنت وأمي لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك، ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان أرى خدم سوقهما تنقزان (5) القرب على متونهما تفرغانه
(1) المصدر السابق ص 126 ب. إذا تصعدون.
(2)
رواه ابن اسحاق عن يحيى بن عباد (ثقة) عن عباد بن عبد الله بن الزبير (ثقة).
(3)
خدم هند: خلاخل هند.
(4)
السيرة النبوية لابن هشام 77/ 2، 78.
(5)
تنقزان: تحملان.
في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم، ولقد وقع السيف من أبي طلحة مرتين أو ثلاثا) (1).
8 -
وعن جابر قال: انهزم الناس عن رسول الله (ص) يوم أحد وبقي معه أحد عشر رجلا من الأنصار، وطلحة بن عبيد الله وهو يصعد في الجبل، فلحقهم المشركون فقال:((من لهؤلاء؟)) فقال طلحة: أنا يا رسول الله. فقال: ((كما أنت يا طلحة)) فقال رجل من الأنصار: فأنا يا رسول الله. فقاتل عنه، وصعد رسول الله (ص) ومن بقي معه، ثم قتل الأنصاري، فلحقوه، فقال:((ألا رجل لهؤلاء؟)) فقال طلحة مثل قوله. فقال رسول الله (ص) مثل قوله. فقال رجل من الأنصار: فأنا يا رسول الله (ص) فقاتل وأصحابه يصعدون، ثم قتل فلحقوه، فلم يزل يقول مثل قوله الأول، ويقول طلحة: أنا يا رسول الله، فيحبسه، فيسأذنه رجل من الأنصار للقتال فيأذن له. فيقاتل مثل ما كان قبله.
حتى لم يبق معه إلا طلحة فغشوهما. فقال رسول الله (ص): ((من لهؤلاء؟)) فقال طلحة: أنا. فقاتل مثل قتال جميع من كان قبله، وأصيبت أنامله. فقال: حس. فقال: ((لو قلت بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون إليك حتى تلج في جو السماء)) ثم صعد رسول الله (ص) إلى أصحابه وهم مجتمعون) (2).
وعن أنس بن مالك: (أن رسول الله (ص) أفرد يوم أحد في
(1) البخاري ك. المغازي والسير 64 ب. إذا همت طائفتان 18 ج 5 ص 125.
(2)
البداية والنهاية لابن كثير 4/ 30 وقال: قال البيهقي في الدلائل: بإسناده من عمارة بن غزية (لا بأس به) عن أبي الزبير (صدوق) عن جابر.
سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش فلما رهقوه قال:((من يردهم عنا وله الجنة)) أو: ((هو رفيقي في الجنة؟)) فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، ثم رهفوه أيضا. فقال:((من يردهم عنا وله الجنة)) أو ((هو رفبقي في الجنة؟)) فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل.
فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال رسول الله (ص) لصاحبيه:
((ما أنصفنا أصحابنا))) (1).
9 -
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله (ص) يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه عليهما ثياب بيض كأشد القتال ما رأيتهما قل ولا بعد) (2).
وعن عائشة قالت: (حدثني أبي قال: لما انصرف الناس عن النبي (ص) كنت أول من فاء إلى رسول الله (ص) فجعلت أنظر إلى رجل يقاتل بين يديه، فقلت: كن طلحة. فلما نظرت فإذا أنا بإنسان خلفي كأنه طائر، فلم أشعر أن أدركني، فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح، وإذا طلحة بين يديه صريعا. قال: دونكم أخاكم فقد أوجب فتركناه. وأقبلنا على رسول الله (ص) وفي وجهه سهمان، فأردت أن أنزعهما، فما زال أبو عبيدة يسألني ويطلب إلي حتى تركته ينزع أحد السهمين. وأزم (3) عليه بأسنانه فقلعه. وابتدرت (4) إحدى ثنيتيه، ثم لم
(1) مسلم ك. الجهاد والسير 32 ب. غزوة أحد 37 ج 3 ص 1415 ح 1789.
(2)
البخاري ك. 64 ب.: إذا همت طائفتان 18 ج 5 ص 124.
(3)
أزم: عض.
(4)
ابتدرت ثنيته: سقطت.
يزل يسألني ويطلب مني أن أدعه ينزع الآخر، فوضع ثنيته على السهم وأزم عليه كراهية أن يؤذي رسول الله (ص) إن تحول، فنزعه وابتدرت ثنيته الأخرى. قال: فكان أبو عبيدة اهتم الثنايا) (1).
10 -
وعن كعب بن مالك قال: (لما كان يوم أحد، وصرنا إلى الشعب كنت أول من عرفته. فقلت: هذا رسول الله (ص) فأشار إلي بيده أن أسكت. ثم ألبسني لأمته ولبس لأمتي، فلقد ضربت حتى جرحت عشرين جراحة، أو قال بضعة وعشرين جرحا كل من يضربني يحسبني رسول الله (ص)) (2).
11 -
(وكان أول من عرف رسول الله (ص) بعد الهزيمة، وقول الناس: قتل رسول الله (ص) كما ذكر لي ابن شهاب الزهري كعب بن مالك، قال: عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر، فناديت بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين أبشروا، هذا رسول الله (ص)، فأشار إلي رسول الله أن أنصت.
قال ابن إسحاق: فلما عرف المسلمون رسول الله (ص) نهضوا به، ونهض معهم نحو الشعب، ومعه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام رضوان الله عليهم، والحارث بن الصمة، ورهط من المسلمين) (3).
(1) مجمع الزوائد 6/ 112 وقال الهيثمي: رواه البزار وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة وهو متروك.
(2)
مجمع الزوائد للهيثمي 6/ 112 وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار، ورجال الأوسط ثقات.
(3)
السيرة النبوية لابن هشام 83/ 2، 84.
12 -
قال ابن هشام: وذكر ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري (أن عتبة بن أبي وقاص رمى رسول الله (ص) يومئذ، فكسر رباعيته اليمنى السفلى وجرح شفته السلفى وأن عبد الله بن شهاب الزهري شجه في جبهته، وأن ابن قمئة جرح وجنته فدخلت حلقتان من حلق المغفر (1) في وجنته .. ووقع رسول الله (ص) في حفرة من الحفر التي عمل أبو عامر (الفاسق) ليقع فيها المسلمون وهم لا يعلمون. فأخذ علي بن أبي طالب بيد رسول الله (ص)، ورفعه طلحة بن عبيد الله حتى استوى قائما، ومص مالك بن سنان أبو أبي سعيد الخدري، الدم عن وجه رسول الله (ص) ثم ازدرده (2) فقال رسول الله (ص):((من مس دمي دمه لم تصبه النار))) (3).
13 -
قال ابن إسحاق: فلما انتهى رسول الله (ص) إلى فم الشعب خرج علي بن أبي طالب حتى ملأ درقته ماء من المهراس، فجاء به النبي (ص) ليشرب منه، فوجد له ريحا فعافه فلم يشرب منه ..) (4).
وعن أبي حازم أنه سمع سهل بن سعد وهو يسأل عن جرح رسول الله (ص) فقال: أما والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول
(1) المغفر: سببه بحلق الدرع يجعل على الرأس يتقى به الحرب.
(2)
ازدرده: ابتلعه.
(3)
السيرة النبوية لابن هشام وربيح بن عبد الرحمن (مقبول) عن عبد الرحمن بن أبي سيد (ثقة) عن أبي سعيد الخدري.
(4)
المصدر نفسه 2/ 85.
الله (ص)، ومن كان يسكب الماء، وبما دووي، كانت فاطمة بنت رسول الله (ص) تغسله، وعلي يسكب الماء بالمجن. فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة من حصير، فاحرقتها، فألصقتها. فاستمسك الدم، وكسرت رباعيته يومئذ، وجر ح وجهه وكسرت البيضة على رأسه) (1).
14 -
(فبينا رسول الله (ص) بالشعب معه أولئك النفر من أصحابه، إذ علت عالية من قريش الجبل فقال رسول الله (ص):((اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا)) فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل) (2).
15 -
(عن عائشة رضي الله عنها {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم} قالت لعروة: يا ابن أختي كان أبوك منهم الزبير وأبو بكر، لما أصاب رسول الله ما أصاب يوم أحد. وانصرف عنه المشركون. خاف أن يرجعوا، قال: من يذهب في إثرهم. فانتدب منهم سبعون رجلا. قال: كان فيهم أبو
بكر والزبير) (3).
16 -
عن عبيد الله ن رفاعة الزرقي قال: (لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون
(1) البخاري ك. المغازي والسير 64 ب. ما أصاب الرسول من الجراح 24 ج 5 ص 129.
(2)
السيرة النبوية لابن هشام 2/ 86.
(3)
البخاري ك. المغازي والسير 64 ب. الذين استجابوا لله وللرسول 25 ص 130.
قال رسول الله (ص): ((استووا حتى أثني على ربي عز وجل) فصاروا خلفه صفوفا فقال: ((اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لما أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مبعد لما قربت. اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك. اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول. اللهم إني أسألك النعيم يوم الغلبة والأمن يوم الخوف. اللهم عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعت. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.
اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا نادمين ولا مفتونين. اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك، ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك. اللهم قاتل كفرة الذين أوتوا الكتاب إله الخلق) (1).
17 -
عن قتادة قال: ما نعلم حيا من أحياء العرب أكثر شهيدا أعز يوم القيامة من الأنصار.
قال قتادة: (وحدثنا أنس بن مالك أنه قتل منهم يوم أحد سبعون، ويوم بئر معونة سبعون، ويوم اليمامة سبعون. وكان بئر معونة على عهد ريول الله (ص) ويوم اليمامة على عهد أبي بكر الصديق يوم مسيلمة) (2).
(1) مجمع الزوائد للهيثمي 122/ 6 وقال: رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح.
(2)
البخاري ك. المغازي 64 ب. من قتل من المسلمين 25 ج 5 ص 130.
بين بدر وأحد:
1 -
ولقد قال الله تعالى في بدر: {ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون} (1).
وقال تعالى في أحد: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم} (2).
فنحن إذن أمام تميزين: التميز في بدر بين المؤمنين والكافرين. فكانت بدر فرقانا بين الحق والباطل {
…
وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير} (3).
وكانت بدر كما قال تعالى: {ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون} (4).
فكان الصف مؤمنا كله ((ولعل الله اطلع على أهل بدر يوم بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) وكانوا كما قال عليه الصلاة والسلام ((كعدة أصحاب طالوت، والله ما جاوزه إلا مؤمن)).
(1) الأنفال /37.
(2)
آل عمران /179.
(3)
الأنفال /41.
(4)
الأنفال /7 و 8.
أما في أحد فقد كان التمييز في الصف بين المؤمنين والمنافقين: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالو لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منم للايمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين} (1). وطبيعيا أن يتخلخل الصف بعد بدر، فالذين دخلوا في الإسلام، دخل كثير منهم مجاراة لقوة الإسلام، وانصياعا أمام انتصاراته، وما أن لاحت لحظة ضعف، حتى كشف المنافقون خبيئة نفوسهم كشفوها يوم انفصلوا عن الجيش، وقد وصلت إليهم أنباء القوة المشركة الطاغية التي جاءت تحتل المدينة، وانكشقت خبيئة ما تبقى منهم يوم بلغهم مقتل رسول الله (ص)، وانقض عليهم المشركون من الخلف فقالوا: إن محمدا قد قتل فارجعوا إلى دينكم الأول. إن من الطبيعي أن تخلو بدر من المنافقين وليس في ساعة الموجهة أي أمل بالنصر، إنما هو استعداد للبذل والتضحية والشهادة. ومن الطبيعي كذلك أن ينبت النفاق قبيل أحد وفي أحد بعد النصر الحاسم القاصم في بدر، وقطع دابر الكافرين من قريش، وسيطرة القوة الإسلامية على الساحة، وهزيمة اليهود الماحقة في بني قينقاع في المدينة، فقد قذف الرعب في قلوب المنافقين، فأخفوا دخيلة أنفسهم وساروا مع الركب مكرهين.
(1) آل عمران 166 - 168.
2 -
إن جو أحد يختلف تماما عن جو بدر، ففي بدر:{إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور} (1).
في بدر .. علم الله تعالى ما في صدور المؤمتين، وأنهم يستحقون النصر، على ضعفهم وعجزهم وقلة عددهم وعددهم، فأرسل جنوده من الريح والحصى والنعاس والماء، وجنوده من الملائكة، وجنوده الذين تحكموا حتى في عيون المؤمنين والمشركين، وسلم من الابتلاء، فكان النصر الذي لم يعرف التاريخ مثيلا له.
أما في أحد، فلم يسلم الله تعالى بعد أن سلم ابتداء {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه} ولم تكن ذات الصدور في أحد كما كانت في بدر، فلقد كان الفشل والتنازع في الأمر، والمعصية، وحب الدنيا، وبرز هذا كله من بعد ما أراكم ما تحبون، أي من بعد نصر الله ابتداء .. فكان قدر الله الذي لا يرد، أن تكون العقوبة مباشرة
{
…
ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ..}.
(1) الأنفال /43.
(2)
آل عمران /152.