المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مدى عناية المسلمين بها: - فقه السيرة النبوية لمنير الغضبان

[منير الغضبان]

فهرس الكتاب

- ‌بين يدي البحث

- ‌أولامباحث تمهيدية

- ‌الفصل الأولمعنى السيرة النبوية وأهميتها

- ‌تعريف بالسيرة النبوية:

- ‌أهمية السيرة النبوية:

- ‌دراسة السيرة عبادة:

- ‌مصادر السيرة:

- ‌أولا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيا كتب السنة:

- ‌ثالثا: كتب السير والتراجم:

- ‌رابعا: كتب الدلائل والشمائل والمعجزات والخصائص:

- ‌خامسا: كتب التاريخ والأدب:

- ‌مدى عناية المسلمين بها:

- ‌وكلمة عن ابن هشام وعمله في سيرة ابن إسحاق:

- ‌السيرة النبوية خلال القرون:

- ‌الفصل الثانيالنبوة

- ‌حاجة البشر إلى الأنبياء:

- ‌حاجتهم إلى خاتم الأنبياء:

- ‌الإيمان هو الأصل والشرك طارئ:

- ‌النبوة اجتباء من الله تعالى واصطفاء:

- ‌الفصل الثالثلمحة عن‌‌ أصل العرب وعقيدتهم

- ‌ أصل العرب وعقيدتهم

- ‌طروء الشرك عليهم:

- ‌عناية الإسلام بسد ذرائع الشرك:

- ‌الفصل الرابعنبذة عن حياة العرب

- ‌أصول العرب:

- ‌ العرب البائدة:

- ‌ العرب العاربة:

- ‌ العرب العدنانية:

- ‌الحالة الدينية:

- ‌الطواغيت:

- ‌الحالة السياسية:

- ‌ الملك باليمن:

- ‌الملك بالحيرة

- ‌الملك بالشام:

- ‌الإمارة بالحجاز:

- ‌الحياة الاجتماعية والخلقية:

- ‌الحالة الاقتصادية:

- ‌الحالة الخلقية:

- ‌محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة

- ‌الفصل الخامساختياره من بيت شرف ونسب

- ‌الفصل السادسيتم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌رضاعه صلى الله عليه وسلم:

- ‌الفصل السابععمله ب‌‌الرعيوالتجارة

- ‌الرعي

- ‌التجارة:

- ‌الفصل الثامنحفظ الله تعالى لنبيه قبل البعثة

- ‌لقاؤه مع بحيرا الراهب:

- ‌أمره بستر عورته:

- ‌أمر الجاهلية:

- ‌وقوفه بعرفات:

- ‌الفصل التاسعمشاركته في أحداث قومه

- ‌حضوره حرب الفجار

- ‌شهوده حلف الفضول:

- ‌بناء الكعبة والتحكيم:

- ‌الفصل العاشرزواجه من خديجة

- ‌العهد المكي للدعوة

- ‌الفصل الحادي عشرالوحي

- ‌الفصل الثاني عشرمراحل الدعوة

- ‌الفصل الثالث عشرمن أسلوب المخالفين في مواجهة الدعوة

- ‌أولا: التشويه:

- ‌ثانيا: التهديد:

- ‌ثالثا: التعذيب:

- ‌رابعا: الترغيب:

- ‌ المال:

- ‌ الجاه:

- ‌ النساء:

- ‌خامسا: التعجيز:

- ‌سادسا: الاغتيال:

- ‌سابعا: المقاطعة:

- ‌الفصل الرابع عشرسنة الله تعالى في الابتلاء

- ‌ تزكية الفرد:

- ‌ نفي الخبث عن الدعوة:

- ‌ الدعاية لها:

- ‌ جذب بعض العناصر القوية إليها:

- ‌وجوب الصبر على الابتلاء

- ‌الفصل الخامس عشرالاستفادة من قيم الجاهلية

- ‌الفصل السادس عشروطن الداعية حيث مصلحة الدعوة

- ‌الهجرة إلى الحبشة:

- ‌قريش تحاول إعادة المهاجرين إليها:

- ‌تخطيط ذكي جديد:

- ‌مؤامرة جديدة تتحطم:

- ‌ثانيا: عرض رسول الله (ص) نفسه على ثقيف

- ‌ثالثا: عرض نفسه على القبائل

- ‌بنو شيبان:

- ‌الفصل السابع عشرالإسراء والمعراج ودلالتهما

- ‌حديث الإسراء

- ‌حديث المعراج

- ‌الفصل الثامن عشرالهجرة إلى المدينة

- ‌أولا: أسبابها:

- ‌ثانيا: التخطيط لها وأهميتها في تاريخ الدعوة:

- ‌ تهيئة الركب:

- ‌ شراء البعيرين وعلفهما:

- ‌ جاء في نحر الظهيرة:

- ‌ مجيئه مقنعا:

- ‌ الأمر بإخراج الناس من البيت:

- ‌ تهيئة الزاد:

- ‌ الخروج من خوخة أبي بكر:

- ‌ كتمان الأمر:

- ‌ الخروج إلى الغار:

- ‌ عبد الله يتلقط الأخبار:

- ‌ عامر بن فهيرة يعفو على الأثر:

- ‌ ابن فهيرة وغنمه للزاد كذ

- ‌ رسول الله (ص) لا يبيت على فراشه:

- ‌ مبيت علي رضي الله عنه في الفراش:

- ‌ اختيار الدليل المناسب:

- ‌ اختيار طريق الساحل:

- ‌ الهادي على الطريق:

- ‌ حيلة أسماء في المال:

- ‌أهمية الهجرة في تاريخ الدعوة:

- ‌ثالثا: دور الشباب والمرأة في الهجرة:

- ‌العهد المدني للدعوة

- ‌الفصل التاسع عشرتنظيم المجتمع النبوي

- ‌أولا: بناء المسجد:

- ‌ثانيا: المؤاخاة:

- ‌ثالثا: وثيقة المدينة (الدستور الإسلامي):

- ‌الباب الأول

- ‌الباب الثاني

- ‌الباب الثالث

- ‌ دستور الدولة الإسلامية الجديدة

- ‌ الباب الأول: حقوق وواجبات المسلمين في الدولة المسلمة:

- ‌ الباب الثاني: حقوق وواجبات غير المسلمين في الدولة المسلمة

- ‌ الباب الثالث: أحكام عامة للمواطنين عامة:

- ‌الفصل العشرونالإذن في الجهاد

- ‌أولا: مرحلة كف اليد:

- ‌ثانيا: الإذن في الجهاد:

- ‌ثالثا: أهمية الجهاد في الإسلام:

- ‌الفصل الحادي والعشرونأهم السرايا والغزوات

- ‌أولا: الإحصاء الإجمالي:

- ‌ثانيا: سرية عبد الله بن جحش:

- ‌الفصل الثاني والعشرونغزوة بدر

- ‌أولا: أسباب الغزوة وأهدافها:

- ‌ثانيا: الاستشارة التي غيرت وجه المعركة:

- ‌ثالثا: استقصاء المعلومات عن العدو:

- ‌رابعا: من أحداث الغزوة:

- ‌خامسا: أهمية الغزوة:

- ‌سادسا: آثارها:

- ‌الفصل الثالث والعشرونغزوة أحد

- ‌أسباب الغزوة:

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌قوانين النصر والهزيمة:

- ‌التمحيص في أحد:

- ‌النماذج الإيمانية الرائعة:

- ‌القيادة النبوية العظيمة:

- ‌آثار المعركة:

- ‌ من حيث موقف المسلمين في المدينة:

- ‌ من حيث جرأة العرب على المؤمنين:

- ‌ من حيث الموقف مع قريش:

- ‌كيف عالج القرآن أثر المحنة

- ‌الفصل الرابع والعشرونغزوة الخندق

- ‌أسباب الغزوة:

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌الفصل الخامس والعشرونغزوة الحديبية

- ‌أحداث الحديبية:

- ‌الفصل السادس والعشرونغزوة خيبر

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل السابع والعشرونغزوة مؤتة

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل الثامن والعشرونفتح مكة

- ‌ أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل التاسع والعشرونغزوة حنين

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل الثلاثونغزوة تبوك

- ‌أحداث الغزوة:

- ‌من فقه الغزوة:

- ‌الفصل الحادي والثلاثونمواقف المنافقين من الدعوة

- ‌ النفاق في مكة:

- ‌ بداية التجمع:

- ‌ دورهم في غزوة بني قينقاع:

- ‌ دورهم في غزوة أحد

- ‌ تآمرهم مع بني النضير

- ‌ المنافقون يوم الأحزاب

- ‌ الفريق الأول:

- ‌ الفريق الثاني:

- ‌ الفريق الثالث:

- ‌ المنافقون يوم بني المصطلق

- ‌ بعد الحديبية وفتح مكة

- ‌الفصل الثاني والثلاثونمواقف اليهود من الدعاة

- ‌ الموقف الديني:

- ‌ المواقف السياسية

- ‌المواقف العسكرية

- ‌الفصل الثالث والثلاثونأزواج النبي (ص)

- ‌المرحلة الأولى: حتى الخامسة والعشرين:

- ‌ عنف صبوة الشباب وتأجج العاطفة

- ‌المرحلة الثانية: حتى الخمسين من عمره

- ‌ زواجه من خديجة رضي الله عنها

- ‌المرحلة الثالثة: حتى الخامسة والخمسون من العمر

- ‌ الزواج بعائشة وسودة

- ‌المرحلة الرابعة: من الخامسة والخمسين حتى الستين

- ‌بقية نسائه

- ‌(أ) حفصة بنت عمر رضي الله عنها:

- ‌(ب) زينب بنت خزيمة

- ‌(ج) أم سلمة:

- ‌(د) زينب بنت جحش:

- ‌(هـ) أم حبيبة بنت أبي سفيان

- ‌(و) جويرية بنت الحارث:

- ‌(ز) ريحانة بنت زيد:

- ‌(ح) صفية بنت حيي:

- ‌(ط) مارية القبطية:

- ‌(ي) ميمونة بنت الحارث:

- ‌المرحلة الخامسة: من الستين إلى الثالثة والستين

- ‌لم يتزوج فيها رسول الله

- ‌خاتمة

- ‌الفصل الرابع والثلاثونعالمية الدعوة: أدلتها ومظاهرها من السيرة

- ‌ كتب رسول الله (ص) إلى كل ملوك الأرض

- ‌ كتاب هرقل عظيم الروم:

- ‌ كتاب كسرى عظيم الفرس

- ‌ الكتاب إلى المقوقس ملك مصر:

- ‌ الكتاب إلى النجاشي ملك الحبشة:

- ‌ بقية الكتب:

- ‌الفصل الخامس والثلاثونأخلاقه صلى الله عليه وسلم

- ‌وجوب محبته ومن لوازم محبته اتباعه:

- ‌نماذج من تربيته (ص) لأصحابه:

- ‌الفصل السادس والثلاثونوفاته صلى الله عليه وسلم. وبيعة الصديق

- ‌قبل أربعة أيام: يوم الخميس:

- ‌قبل ثلاثة أيام: يوم الجمعة:

- ‌قبل يوم واحد:

- ‌آخر يوم من الحياة:

- ‌اللحظات الأخيرة:

- ‌جهاز رسول الله (ص) ودفنه

- ‌تكفين رسول الله:

- ‌حفر القبر:

- ‌الصلاة على رسول الله ثم دفنه:

- ‌الفصل السابع والثلاثونبيعة الصديق وحروب الردة

- ‌الانقلاب على العقب:

- ‌إنفاذ جيش أسامة:

- ‌مانعو الزكاة:

- ‌ الكتاب الذي وجهه الصديق إلى هؤلاء المردة المرتدين

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم:

- ‌ثبت المراجع والمصادر

- ‌المحتوى

الفصل: ‌مدى عناية المسلمين بها:

كتاب بين أيدينا كذلك، وسنعرض له فيما بعد ضمن الحديث عن اهتمام المسلمين بالسيرة.

وفي مجال التراجم فالطبقات الكبرى لابن سعد، والإصابة في تاريخ الصحابة هما الكتابان العمليان اللذان يرفدان السيرة النبوية في توضيح بعض الجوانب الغامضة فيها.

‌رابعا: كتب الدلائل والشمائل والمعجزات والخصائص:

وهذه تتناول جانبا من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنها تعرض السيرة بشكل غير مباشر وبصورة مختصرة في كثير من الأحيان، ومن أشهرها: دلائل النبوة للبيهقي، والشمائل للترمذي، والخصائص الكبرى للسيوطي.

‌خامسا: كتب التاريخ والأدب:

وهي أكثر من أن تحصى، ومعظم كتب التاريخ الإسلامي تفرد للسيرة النبوية جزءا أو أكثر تعرضها بتسلسلها التاريخي، وإن كانت السيرة النبوية لابن كثير قد أفردت في طبعة مستقلة حققها الدكتور مصطفى عبد الواحد حفظه الله، وتتميز السيرة عند ابن جرير الطبري رحمه الله بوجود السند المتصل فيها، لكن هذه الأسانيد لم تنل حظها من العناية والتوثيق شأنها شأن كتب التاريخ الإسلامي كله.

‌مدى عناية المسلمين بها:

لما كانت أيام معاوية، أحب أن يدون في التاريخ كتاب، فاستقدم

ص: 19

عبيد بن شرية الجرهمي من صنعاء، فكتب له كتاب الملوك لأخبار الماضين.

(بعد هذا رأينا أكثر من واحد من العلماء يتجهون إلى علم التاريخ من ناحيته الخاصة لا العامة وهي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولعلهم وجدوا في تدوين ما يتعلق به عليه الصلاة والسلام شيئا يحقق ما في أنفسهم من تعلق به، وحب لتخليد آثاره، فجاء أكثر من رجل كلهم محدث، فدونوا في السيرة كتبا نذكر منهم عروة بن الزبير بن العوام (1) الفقيه المحدث، الذي مكنه نسبه من قبل أبيه الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر أن يروي الكثير من الأخبار والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وحياة صدر الإسلام.

وحسبك أن تعلم أن ابن إسحاق، والواقدي، والطبري أكثروا من الأخذ عنه، ولا سيما فيما يتعلق بالهجرة إلى الحبشة، والمدينة، وغزوة بدر، وكانت وفاة عروة- فيما يظن- سنة 92 هـ.

ثم أبان بن عثمان بن عفان (2) المدني المتوفى سنة 105 هـ فألف في السيرة

(1) أخرج الدكتور محمد مصطفى الأعظمي كتاب المغازي لعروة بن الزبير برواية أبي الأسود عنه وعلى هذا الأساس فهي أقدم سيرة بين أيدينا على الإطلاق. وهي من القرن الأول للهجرة، ولا بد من الإشارة إلى أن الدكتور الأعظمي استخرجها استخراجا من كتب الحديث والسيرة. ولم تصل إلى يده النسخة المخطوطة. وابن الزبير في عرضه للسيرة النبوية لا يعتمد السند كثيرا، بل يقدم معلوماته في هذا الموضوع، وهو عند المحدثين ثقة فقيه مشهور، وقد روى له السته في صحاحهم ومسانيدهم. تقريب التهذيب 2/ 19.

(2)

قال (يحيى بن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبيه، أنه لم يكن عنده خط مكتوب من الحديث إلا مغازي النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من أبان بن عثمان، فكان كثيرا ما تقرأ عليه وأمرنا بتعلمها) ابن سعد 5/ 156. وتقول بعض الروايات أنه كتبها لسليمان بن عبد الملك. وأتلفها سليمان. وأبان ابن عثمان عند المحدثين مدني ثقة روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم والأربعة. التقريب 1/ 31.

ص: 20

صحفا جمع فيها أحاديث حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ثم وهب بن منبه (1) اليمني المتوفى سنة 110 هـ، وفي مدينة هيدلبرج بألمانيا قطعة من كتابه الذي ألفه في المغازي.

وغير هوتاء كثير، ممن قضى نحبه قرب تمام الربع الأول من القرن الثاني كشرحبيل بن سعد (2) المتوفى سنة 123 هـ، وابن شهاب الزهري (3) المتوفى سنة 124 هـ، وعاصم بن عمر بن قتادة (4) المتوفى سنة 120 هـ، ومنهم من جاوزه بسنين كعبد الله بن أبي بكر بن حزم (5) المتوفى سنة 135 هـ، وكان هوتاء الأربعة ممن عنوا بأخبار المغازي، وما يتصل بها.

ومنهم من عاش حتى أوشك أن يدرك منتصف القرن الثاني أو جاوزه بقليل؛ كموسى بن عقبة (6) المتوفى سنة 141 هـ، ثم معمر بن راشد (7) المتوفى

(1) وهب بن منبه اليماني ثقة من الثالثة، روى له البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. التقريب 2/ 329.

(2)

شرحبيل بن سعد صدوق اختلط بآخره روى له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن ماجه. التقريب 1/ 348.

(3)

محمد بن مسلم الزهري الفقيه الحافظ المتفق على جلالته وإتقانه روى له الستة، وقد استخرج الدكتور سهيل زكار المغازي النبوية للزهري من كتاب المصنف لعبد الرزاق وصار بين أيدينا إضافة إلى مغازي عروة بن الزبير رضي الله عنهما. مغازي الزهري في الربع الأول من القرن الثاني وقبل السيرة لابن إسحاق علما بأن الزهري استقى معظم معلوماته عن السيرة من عروة بن الزبير رضى الله عنهما. تقريب التهذيب 2/ 207.

(4)

عاصم بن عمر بن قتادة ثقة عالم بالمغازي روى له الستة. تقريب التهذيب 1/ 385.

(5)

عبد الله بن أبي بكر بن حزم ثقة من الخامسة روى له الستة. تقريب التهذيب 1/ 405.

(6)

موسى بن عقبة بن أبي عياش ثقة فقيه إمام في المغازي روى له الستة. التقريب 2/ 286.

(7)

معمر بن راشد ثقة ثبت فاضل إلا أن في روايته عن ثابث والأعمش وهشام بن عروة شيئا وكذا فيما حدث به في البصرة روى له الستة. التقريب 2/ 266.

ص: 21

سنة 150 هـ، ثم شيخ رجال السيرة محمد بن إسحاق (1) المتوفى سنة 152 هـ.

وجاء بعد هوتاء غيرهم، نذكر منهم زيادا البكائي (2) المتوفى سنة 183 هـ، والواقدي (3) صاحب المغازي المتوفى سنة 207 هـ، ومحمد بن سعد (4) صاحب الطبقات الكبرى المتوفي سنة 230 هـ، وقبل أن تستأثر المنية بابن سعد عدت على ابن هشام في سنة 218 وابن هشام هو الرجل الذي انتهت إليه سيرة ابن إسحاق فعرفت أو شاع ذكره بها) (5).

كلمة عن ابن إسحاق (6) وسيرته

(ولد ابن إسحاق في المدينة، وترجح كتب التاريخ أن مولده كان سنة 85 هـ أما وفاته فالأقوال فيها محصورة بين سنة 150 هـ وبين 153 هـ لا تكاد

(1) محمد بن إسحاق صدوق يدلس روى له البخاري تعليقا والترمذى وابن ماجة التقريب 2/ 321.

(2)

زيادة بن عبد الله البكائي صدوق ثبت في المغازي، روى له البخاري تعليقا ومسلم والترمذي وابن ماجه. التقريب 2/ 144.

(3)

محمد بن عمر الواقدي متروك مع سعة علمه روى له ابن ماجه. التقريب 2/ 194.

(4)

محمد بن سعد صدوق فاضل وروى له أبو داود وهو كاتب الواقدي. تقريب التهذيب 2/ 163.

(5)

من مقدمة السيرة النبوية لابن هشام للسقا والأبياري والشلبي ط 2 1975م.

(6)

هو محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار المدني القرشي مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف. كان جده يسار من سبي عين التمر غربي الكوفة افتتحها المسلمون أيام أبي بكر رضي الله عنه سنة 12 هـ على يد خالد بن الوليد، وبكنيسة عين التمر وجد خالد بن الوليد جد ابن إسحاق هذا بين الغلمة الذين كانوا رهنا في يد كسرى، فجيء بيسار إلى المدينة. عن الطبقات 7/ 321.

ص: 22

تعدو هذه السنين الأربع.

ترك ابن إسحاق المدينة ورحل إلى غيرها متنقلا في أكثر من بلد، وفي ظننا أن رحلته إلى الإسكندرية التي كانت سنة 115 هـ هي أولى رحلاته التي بدأ بها. وفي الإسكندرية حدث عن جماعة من أهل مصر منهم: عبيد الله بن المغيرة، ويزيد بن أبي حبيب، وثمامة بن شغي، وعبيد الله بن أبي جعفر، والقاسم بن قزمار، والسكن بن أبي كريمة، وانفرد ابن إسحاق برواية أحاديث عنهم لم يروها لهم غيره.

ثم كانت رحلته إلى الكوفة والجزيرة والري والحيرة وبغداد، وفي بغداد على الأرجح ألقى عصا الترحال

ورواة ابن إسحاق من هذه البلدان أكثر ممن رووا عنه من أهل المدينة، بل المعروف أنه لم يرو له من أهل المدينة غير إبراهيم ابن سعد، وعاش ببغداد ما عاش حتى وافته منيته فدفن في مقبرة الخيزران) (1).

كان ابن إسحاق من أعلام القرن الثاني، وكان له علمه الواسع، وإطلاعه الغزير في أخبار الماضين، وشاءت المقادير أن يدخل ابن إسحاق على المنصور، ببغداد- وقيل بالحيرة- وبين يديه ابنه المهدي، فقال له المنصور: أتعرف هذا يابن إسحاق؟ قال: نعم، هذا ابن أمير المؤمنين، قال: اذهب فصنف له كتابا منذ خلق الله تعالى آدم عليه السلام إلى يومك هذا.

فذهب ابن إسحاق، فصنف له هذا الكتاب، فقال له: لقد طولته

(1) من مقدمة السيرة النبوية تحقيق السقا وزملائه ص 14.

ص: 23

يابن إسحاق، اذهب فاختصره، فاختصره، وألقي الكتاب الكبير في خزانة أمير المؤمنين.

ولكن بعض الدارسين يرى أن ابن إسحاق لم يؤلف كتابه بأمر من الخليفة، ولا في بغداد أو الحيرة، وإنما ألفه في المدينة قبل إقامته لدى العباسيين.

(وتبين من سيرة ابن هشام، وما اقتطفه الطبري وغيره من سيرة ابن إسحاق أنها كانت أصلا مقسمة إلى ثلاثة أجزاء: المبتدأ، المبعث، والمغازي. أما المبتدأ فيتناول تاريخ ما قبل الإسلام، وينقسم إلى أربعة فصول: يتناول أولها تاريخ الرسالات السابقة على الإسلام، وثانيها تاريخ اليمن في الجاهلية، وثالثها تاريخ القبائل العربية وعباداتها، والرابع تاريخ مكة وأجداد الرسول صلى الله عليه وسلم. ولا يعنى ابن إسحاق في هذا الجزء بأسانيد أخباره إلا نادرا. ويستقى من الأساطير والإسرائيليات.

أما المبعث فيشمل حياة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، ونرى المؤلف فيه يصدر الأخبار الفردية بموجز حاو لها .. ويعنى بالترتيب الزمني للحوادث، كما تزداد عنايته بأسانيد الأخبار.

وأما المغازي، فتتناول حياة النبي في المدينة، وما جرى فيها. على أن يبدأ الخبر بموجز حاو لمحتوياته، ثم يتبعه بخبر من جميع الأقوال التي أخذها من رواته، ثم يكمله بما جمعه هو نفسه من المصادر المختلفة .. ويلتزم إيراد الإسناد، والترتيب الزمني) (1)

(1) من مقدمة المحققين للسيرة النبوية. السقا الأبياري وشلبي ص 10.

ص: 24

ومحمد بن إسحاق رحمه الله ثبت في الحديث عند أكثر العلماء، وأما في المغازي والسير فلا تجهل إمامته فيهما (1).

(قال ابن شهاب الزهري: من أراد المغازي فعليه بابن إسحاق. ذكره البخاري في التاريخ وذكر عن سفيان بن عيينة أنه قال: ما أدركت أحدا يتهم ابن إسحاق في حديثه، وذكر أيضا عن شعبة بن الحجاج أنه قال: ابن إسحاق أمير المؤمنين، يعني في الحديث)(2).

وذكر أبو يحيى الساجي رحمه الله بإسناد له عن الزهري أنه قال: خرج

(1) يقول ابن سيد الناس في كتابه عيون الأثر م1 ص 22: وقد ذكره أبو حاتم ابن حبان في كتاب الثقات له، فأعرب عما في الضمير، فقال تكلم فيه رجلان هشام ومالك. فأما هشام فأنكر سماعه من فاطمة والذى قال ليس مما يجرح به الإنسان في الحديث، وذلك أن التابعين كالأسود وعلقمة سمعوا من عائشة من غير أن ينظروا إليها بل سمعوا صوتها، وكذلك ابن إسحاق كان يسمع من فاطمة والستر بينهما مسبل، قال وأما مالك فإنه كان ذلك منه مرة واحدة ثم عاد له إلى ما يحب وذلك أنه لم يكن بالحجاز أحد أعلم بأنساب الناس منه وأيامهم من ابن إسحاق. وكان يزعم أن مالك من موالي ذي أصبح، وكان مالك يزعم أنه من أنفسها، فوقع بينهما لذلك مفاوضة فلما صنف مالك الموطأ قال ابن إسحاق: ائتوني به فأنا بيطاره، فنقل ذلك إلى مالك فقال: هذا دجال من الدجالة يروى عن اليهود. وكان بينهما ما يكون بين الناس. حتى عزم محمد على الخروج إلى العراق فتصالحا حينئذ وأعطاه عند الوداع خمسين دينارا ونصف ثمرته تلك السنة، ولم يكن يقدح فيه مالك من أجل الحديث، إنما كان ينكر عليه تتبعه غزوات النبي صلى الله عليه وسلم من أدلاء اليهود الذين أسلموا وحفظوا قصة خيبر وقريظة والنضير وما أشبه ذلك من الغرائب عن أسلافهم وكان ابن إسحاق يتبع ذلك عنهم ليعلم ذلك من غير أن يحتج بهم. وكان مالك لا يرى الرواية إلا عن معتمد صدوق.

(2)

التاريخ الكبير للبخاري م1 ق1 ت 61 ص 41.

ص: 25

إلى قريته باذام، فخرج إليه طلاب الحديث، فقال لهم: أين أنتم من الغلام الأحول (يعني ابن إسحاق). وذكر عن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد أنهم وثقوا ابن إسحاق واحتجوا بحديثه. وذكر علي بن عمر الدارقطني في السنن حديث القلتين من جميع طرقه وما فيه من الاضطراب ثم قال في حديث جرى: وهذا يدل على حفظ محمد بن إسحاق وشدة إتقانه. قال الموتف: وإنما لم يخرج البخاري عنه وقد وثقه، وكذلك وثقه مسلم ابن الحجاج ولم يخرج عنه أيضا- إلا حديثا واحدا في الرجم- من أجل طعن مالك فيه. وإنما طعن فيه مالك فيما ذكر أبو عمر رحمه الله عن عبد الله ابن إدريس الأودي؛ لأنه بلغه أن ابن إسحاق قال: هاتوا حديث مالك فأنا طبيب بعلله؛ فقال مالك: وما ابن إسحاق إن هو إلا دجال من الدجاجلة أخرجناه من المدينة.

وذكر الخطيب أحمد بن علي بن ثابت في تاريخه أنه روى عن سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وأبي سلمة بن عبد الرحمن. وروى عنه سفيان الثوري والحمادان، حماد بن سلمة بن دينار، وحماد بن زيد بن درهم، وشعبة. وذكر عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال: من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على ابن إسحاق (1).

وأما الرواة الذين رووا هذا الكتاب عنه فكثيرون منهم يونس (2) بن بكير

(1) مقدمة ابن سيد الناس لكتابه عيون الأثر من ص 8 إلى ص 21 وهذه ترجمة مختصرة عنه.

(2)

يونس بن بكير الشيباني: يخطئ روى له البخاري معلقا ومسلم وأبو داود وابن ماجه والترمذى. التقريب 2/ 384.

ص: 26

الشيباني، ومحمد بن فليح (1)، والبكائي، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (2)، وعبد الله بن إدريس (3)، وسلمة بن الفضل الأسدي (4).

ونذكر البكائي لأنه شيخ ابن هشام وهو: أبو محمد زياد بن عبد الله بن طفيل بن عامر القيسي العامري وهو ثقة خرج له البخاري في كتاب الجهاد، وخرج له مسلم في مواضع من كتابه، وحسبك بهذا تزكية، وقد روى زياد عن حميد الطويل، وذكر البخاري في التاريخ عن وكيع قال: زياد أشرف من أن يكذب في الحديث (5).

قام العلامة الأستاذ محمد بن حميد الله بنشر أجزاء من سيرة ابن إسحاق الأصلية والتي وجدت مخطوطاتها في المغرب ودمشق. وليس بين يدينا من سيرة ابن إسحاق إلا هذه القطع المتناثرة، وهي لم يدخلها تهذيب ابن هشام بل بقيت على الأصل، وكان هذا في عام 1396 للهجرة، ويوجد بعض المخطوطات المتناثرة يقال أنها من سيرة ابن إسحاق في قسم المخطوطات بجامعة أم القرى في مكتبة معهد البحوث العلمية تحتاج إلى تحقيق وتوثيق.

(1) محمد بن فليح: صدوق يهم روى له البخاري والنسائي وابن ماجه. التقريب 2/ 201.

(2)

إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قيل له رؤية (أي من الصحابة) روى له البخاري ومسلم وأبو دود والنسائي. التقريب 1/ 38.

(3)

عبد الله بن إدريس ثقه فقيه عابد روى له الستة في كتبهم. التقريب 1/ 401.

(4)

سلمة بن الفضل الأسدي صدوق كثير الخطأ روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه في التفسير (التقبريب 1/ 268).

(5)

التاريخ الكبير للبخارى 3/ 361، ترجمة رقم 1218.

ص: 27