الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حصونهم، وتدك عروشهم، وتفل جيوشهم .. حتى عادوا إلى الإسلام. أو لقوا مصرعهم كافرين. وكان
الكتاب الذي وجهه الصديق إلى هؤلاء المردة المرتدين
. هو الذي يمثل أصالة الجيل الرباني النبوي. وحفاظه على الإسلام عقيدته وشريعته. يكفينا أن ندعه ينطق بنفسه. ليكون نبراسا هاديا للدعاة في الأرض. وهم يعملون لمواجهة الردة اليوم:
بسم الله الرحمن الرحيم:
من أبي بكر خليفة رسول الله (ص) إلى من بلغه كتابي هذا من عامة وخاصة أقام على إسلامه أو رجع عنه. سلام على من اتبع الهدى، ولم يرجع بعد الهدى إلى الضلالة والعمى. فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأن محمدا عبده ورسوله، نقر بما جاء به، ونكفر من أبى ذلك ونجاهده. أما بعد: فإن الله أرسل محمدا بالحق من عنده إلى خلقه بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين. فهدى الله بالحق من أجاب إليه، وضرب رسول الله (ص) بإذنه من أدبر عنه. حتى صار إلى الإسلام طوعا وكرها. ثم توفى الله رسوله، وقد نفذ لأمر الله. ونصح لأمته، وقضي الذي عليه. وكان الله قد بين له ذلك. ولأهل الإسلام في الكتاب الذي أنزل فقال:{إنك ميت وإنهم ميتون (1)} وقال: {وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفائن مت فهم الخالدون (2)} وقال للمؤمنين {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل
(1) الزمر / 30.
(2)
الأنبياء / 34.
أفائن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين}. (1) فمن كان إنما يعبد محمدا فإن محمدا قد مات. ومن كان إنما يعبد الله وحده لا شريك له فإن الله له بالمرصاد حي لا يموت. ولا تأخذه سنة ولا نوم، حافظ لأمره، منتقم من عدوه بحزبه. وإني أوصيكم بتقوى الله وحظكم ونصيبكم، وما جاءكم به من نبيكم محمد (ص). وأن تهتدوا بهداه، وأن تعتصموا بدين الله، فإن كل من لم يهده الله ضال، وكل من لم يعافه مبتلى، وكل من لم يعنه مخذول، ومن هداه غير الله كان ضالا، قال الله تعالى:{من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا} (2) لم يقبل له في الدنيا عمل حتى يقر به. ولم يقبل له في الآخرة صرف ولا عدل.
وقد بلغني رجوع من رجع منكم عن دينه، بعد أن أقر بالإسلام، وعمل به، اغترارا بالله، وجهلا بأمره، وإجابة للشيطان، قال الله تعالى:{وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن فقسق عن أمر ريه افتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا} (3) وقال: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} (4) وإني بعثت إليكم فلانا في جيش من المهاجرين
(1) آل عمران / 144.
(2)
الكهف / 17.
(3)
الكهف / 50.
(4)
فاطر / 6.
والأنصار، والتابعين بإحسان، وأمرته أن لا يقبل من أحد إلا الإيمان بالله، ولا يقتله حتى يدعوه إلى الله عز وجل، فإن أجاب وأقر وعمل صالحا قبل منه، وأعانه عليه، وإن أبى حاربه عليه حتى يفيء إلى أمر الله، ثم لا يبقى على أحد منهم قدر عليه، وأن يحرقهم بالنار، وأن يقتلهم كل قتلة، وأن يسبي الذراري والنساء ولا يقبل من أحد غير الإسلام. فمن اتبعه فهو خير له. ومن تركه فلن يعجز الله وقد أمرت رسولي أن يقرأ كتابي في كل مجمع لكم. والداعية الأذان. فإذا أذن المسلمون فأذنوا وكفوا عنهم، وإن لم يؤذنوا فسلوهم ما عليهم، فإن أبوا عاجلوهم. وإن أقروا قبل منهم وحملهم على ما ينبغي لهم.) (1).
…
(1) البداية والنهاية لابن كثير 356/ 6 - 357 برواية سيف.