الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله (ص) احتفالا بليغا. فقال: من كان ظهره حاضرا فليركب معنا .. وحمل سعد بن عبادة رضي الله عنه عشرين جملا، وبعث رسول الله (ص) قبل خروجه من المدينة بعشر ليال طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى طريق الشام، يتحسسان خبر العير، فبلغا أرض الخوار. فنزلا على كثير بن مالك الجهنى رضي الله عنه فأجارهما، وأنزلهما وكتم عليهما حتى مرت العير ثم خرجا وخرج معهما كثير خفيرا حتى أوردهما ذا المروة، فقدما ليخبروا رسول الله (ص) فوجداه قد خرج ..
وأدرك أبا سفيان رجل من جذام بالزرقاء من ناحية معان، فأخبره أن رسول الله (ص) قد كان غرض لعيره في بدايته، وأنه تركه مقيما ينتظر رجوع العير .. فخرج أبو يفيان ومن معه خائفين للرصد، ولما دنا أبو سفيان من الحجاز جعل يتحسس الأخبار، ويسأل من لقي من الركبان تخوفا على أمر الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان: أن محمدا قد استنفر لك ولعيرك، فحذر عند ذلك، واستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري بعشرين مثقالا، فبعثه إلى مكة، وأمره أن يجدع بعيره، ويحول رحله، ويشق قميصه من قبله ودبره إذا دخل مكة، يأتي قريشا ويستنصرهم إلى أموالهم، ويخبرهم أن محمدا (ص) قد عرض لها في أصحابه فخرج ضمضم سريعا إلى مكة، وفعل ما أمره به أبو سفيان) (1).
ثانيا: الاستشارة التي غيرت وجه المعركة:
1 -
(
…
وأتاه الخبر عن قريش بمسيرتهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار الناس،
(1) سبل الهدى والرشاد للصالحي 4/ 31، 32.
وأخبرهم عن قريش، فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر ابن الخطاب فقال وأحسن .. ثم قال رسول الله (ص):((أشيروا علي أيها الناس)) وإنما يريد الأنصار، وذلك أنهم عدد الناس، وأنهم حين بايعوه العقبة قالوا: يا رسول الله إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا، فإذا وصلت إلينا، فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا، فكان رسول الله (ص) يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره ألا ممن دهمه من المدينة من عدوه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم. فلما قال ذلك رسول الله (ص) قال سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله، قال:((أجل)) قال: فقد آمنا بك صدقناك. وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك. فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد. وما نكره أن تلقى بنا عدونا، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله.
فسر رسول الله (ص) بقول سعد ونشطه ذلك، ثم قال:((سيروا وابشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم)) (1).
2 -
وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك أن رسول الله (ص) شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان قال: فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ثم تكلم عمر
(1) السيرة النبوية لابن هشام 1/ 615.
فأعرض فقال سعد بن عبادة: إيانا يريد رسول الله (ص)، والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحار أخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادنا إلى برك الغماد لفعلنا) (1).
3 -
وروى ابن مردويه أيضا عن طريق محمد بن عمر بن علقمة الليثي عن أبيه عن جده قال: خرج رسول الله (ص) إلى بدر حتى إذا كان بالروحاء خطب الناس فقال: ((كيف ترون؟)) فقال أبو بكر: يا رسول الله بلغنا أنهم بكذا وكذا. قال: ثم خطب الناس فقال:
((كيف ترون؟)) فقال عمر مثل قول أبي بكر. ثم خطب الناس فقال: ((كيف ترون؟)) فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله إيانا تريد؟ فوالذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب ما سلكتها قط ولا لي بها علم، ولئن سرت برك الغماد من ذي يمن لنسير معك ولا نكون كالذين قالوا لموسى:{اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} لكن اذهب أنت وربك فقاتلا! إنا معكما متبعون، ولعلك أن تكون خرجت لأمر، وأحدث الله لك غيره، فانظر الذي أحدث الله إليك فامض، فصل حبال من شئت، واقطع حبال من شئت، وعاد من شئت، وسالم من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، فنزل القرآن على قول سعد:{كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وأن فريقا من المؤمنين لكارهون} الآيات .. وذكر الأموي في مغازيه وزاد بعد قوله، وخذ من أموالنا ما شئت وأعطنا ما شئت، وما أخذت كان أحب إلينا مما
(1) رواه الإمام أحمد 3/ 220.