الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة، ويحفظون الغريب.). (1).
…
وجوب محبته ومن لوازم محبته اتباعه:
لاشك أن المسلم الحق يملأ عليه رسول الله (ص) حياته وكيانه ووجدانه، ويعيش معه فى كل ذرة من جسده، وكل لحظة من حياته. فهو مثله الأعلى في سلوكه.
لقد علمنا الله تعالى موقع النبي منا فقال: {.. النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} . (2) فهو أقرب إلى قلوبهم من قلوبهم، وأحب إلى نفوسهم من نفوسهم، وهو مقدم على أعز ما لديهم من نفس ومال وولد وحبيب. ولن يذوق المسلم في شعوره ووجدانه لذة الإيمان. ورسول الله (ص) على هامش حياته. كما حدثنا عليه الصلاة والسلام فيما رواه أنس عنه:
((ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما. وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار)) (3).
(1) شرح السنة للبغوي 13/ 270 - 277.
(2)
الأحزاب / 6.
(3)
رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة. وهو من الأحاديث الصحيحة. انظر الألباني سلسلة الأحاديث الصحيحة 3/ 66 - 67/ ح 3040.
ولابد من اجتماع هؤلاء الثلاثة حتى تخالط حلاوة الإيمان حشاشة القلب. فتملك على المسلم حياته ووجوده. وتنقله إلى عالم من هذه العوالم، وأفق أرقى من هذه الآفاق. وبهذا الحب يصنع المؤمنون المعجزات، ويغيرون التاريخ، وينشئون المجتمع الإسلامي المنشود. بهذه الدفقة العاطفية الضخمة التي تكون المجرى العميق في وجودهم ونفوسهم.
هذا جانب.
والجانب الآخر. لا يقف عند حد تذوق حلاوة الإيمان فقط. بل يمضي بعيدا حتى ينفي الإيمان عمن لا يكون رسول الله (ص) أحب إليه من الخلق كلهم بلا استثناء كما روى أنس عن رسول الله (ص).
((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده ومن الناس أجمعين)) (1).
فلوجود أصل الإيمان، ولتذوق حلاوته. لابد من أن يكون الحب النبوي فوق كل شيء في حياة المسلم. والدعاة إلى الله تعالى. حين يغفلون هذا الجانب الشعوري. هذا الجانب الروحاني العاطفي الحي. إنما يغفلون سر هذا الوجود، يغفلون (الدينامو) المحرك لها. يغفلون القلب الذى ينبض بالحياة. ويتعاملون مع أشكال هذه الحياة وهيكلها لا مع حقيقتها وسرها. وحين يغدو رسول الله (ص) أولى بالدعاة من أنفسهم. بدل أن يدوروا حول ذاتهم وأنفسهم. عندها يغيرون ما في
(1) رواه أحمد والترمذي وابن ماجة عن أنس. انظر الأحادث الصحيحة ح/ 6/ 208/ ج 7458.
نفوسهم فيغير الله تعالى بهم واقعهم.
حتى ليحسن أن يشحذ العزم، وتلتهب المشاعر دائما في حب رسول الله (ص). من عرض معاناة المحبين وأشواقهم. كي لا تخبو هذه الشعلة. ولا ينطفىء هذا المصباح، وتذكو نارها من جديد.
وغني عن البيان. أن اتباع رسول الله (ص) والاقتداء به هو الدليل الحقيقى على صحة المشاعر وصدق الحب. حين يتخلف الاتباع والاقتداء. يتخلف الحب. هكذا علمنا الله تعالى في كتابه:
{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم} (1).
{قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين} (2) فقد انتهى حب الله باتباع النبي (ص) ومغفرة الذنب وانتهت معصية الله ورسوله بالكفر، وبغض الله للكافرين.
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
…
إن المحب لمن يحب مطيع (3)
ورسول الله (ص) هو المبعوث بما يريده الله تعالى منا، وهو الأمين على وحيه. فالطاعة الواجبة. لا تقبل جدلا.
(1) و (2) آل عمران 31 - 32.
(3)
من عيون الشعر - الشافعي أدبه وشعره ص 79، سلسلة تصدرها دار الرشيد للنشر والتوزيع - بغداد.
(4)
النساء / 65.