الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون} (1).
وهذه صورة من صور هذا الإيحاء: (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: صارت الأوثان التي في قوم نوح في العرب بعد .. أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت)(2).
(وذكر الطبري هذا المعنى وزاد: أن سواعا كان ابن شيث، وأن يغوث كان ابن سواع، كذلك يعوق ونسر كلما هلك الأول، صورت صورته، وعظمت لموضعه من الدين، ولما عهدوا في دعائه من الإجابة، فلم يزالوا هكذا حتى خلفت الخلوف، وقالوا: ما عظم هوتاء آباؤنا إلا لأنها ترزق وتنفع وتضر، واتخذوها آلهة)(3).
النبوة اجتباء من الله تعالى واصطفاء:
{وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون} (4).
(1) الأنعام 112.
(2)
البخاري: كتاب التفسير، سورة نوح م 2. طبعة دار الشعب.
(3)
الروض الأنف للسهيلي ج 1/ 103.
(4)
القصص: 68.
والمراد بالاختيار الاجتباء والاصطفاء. وهو المتفرد بالخلق، وهو المتفرد بالاختيار فإنه أعلم بمواقع اختياره، كما قال تعالى:{الله أعلم حيث يجعل رسالته ..} (1)، وكما قال:{وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم (2) * أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ..} (3).
فأنكر سبحانه عليهم تخيرهم، وأخبر أن ذلك إلى الذي قسم بينهم معيشتهم ورفع بعضهم فوق بعض درجات .. وكما خلقهم اختار منهم هوتاء، وهذا الاختيار راجع إلى كلمته سبحانه وعلمه بمن هو أهل له لا إلى اختيار هوتاء واقتراحهم.
وهذا الاختيار العام من أعظم آيات ربوييته، وأكبر شواهد وحدانيته وصفات كماله وصدق رسله.
ومن هذا اختياره من الملائكة المصطفين منهم كما قال النبى صلى الله عليه وسلم:
كذلك اختياره سبحانه الأنبياء من ولد آدم، لاختياره الرسل منهم
(1) الأنعام من الآية 124.
(2)
المقصود بعظيمي القريتين أبو جهل (عظيم قريش) أو الوليد بن المغيرة وعروة بن مسعود (عظيم ثقيف).
(3)
الزخرف من الآية 67.
(4)
أخرجه مسلم في صحيحه 770 في صلاة المسافر من حديث عائشة رضي الله عنها.
واختياره أولي العزم منهم، وهم الخمسة المذكورون في سورتي الأحزاب والشورى (1) واختياره منهم الخليلين إبراهيم ومحمدا صلى الله عليه وسلم أجمعين، ومن هذا اختياره سبحانه ولد إسماعيل من أجناس بني آدم، ثم اختار منهم بني كنانة من خزيمة، ثم اختار من ولد كنانة قريشا، ثم اختار من قريش بني هاشم، ثم اختار من بني هاشم سيد ولد آدم محمدا صلى الله عليه وسلم، واختار أمته على سائر الأمم.
كما في المسند عن معاوية بن حيدة مرفوعا: «أنتم توفون سبعون أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله» (2).
…
(1) إشارة لقوله تعالى: {إذ أخذنا} 93/ 7 و {شرع لكم} 42/ 13.
(2)
الإمام أحمد 5/ 5 ط. المكتب الإسلامي.