الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عظيما} (1).
وهكذا سار الخط النبوي في التعامل مع المنافقين على أمل تفتيت تجمعهم. والتحذير من كيدهم، وتحذيرهم من مغبة السير في طريق النفاق من خزي الدنيا وعذاب الآخرة. وحققت هذه الخطة أهدافها بشكل واضح. وبدأ خط التصاعد للمنافقين بالانحدار. فقد كانت سورة النساء وحديثها عن الجهاد والنفاق تعري كل المخططات المشبوهة، وتعالج كل الشبهات المبثوثة، وتفسح المجال رحبا أمام التوبة.
5 -
تآمرهم مع بني النضير
.
يقول ابن إسحاق: (وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم عبد الله بن أبي بن سلول ووديعة ومالك بن أبي قوقل، وسويد وداعس قد بعثوا إلى بني النضير، أن اثبتوا وتمنعوا، فإنا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم. وإن خرجتم خرجنا معكم. فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وسألوا رسول الله (ص) أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقه (2) ففعل) (3).
ويحدثنا القرآن الكريم عن هذه الحادثة، وذلك في قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم
(1) النساء /145 - 146.
(2)
الحلقة: الدروع.
(3)
السيرة النبوية لابن هشام /191/ 2.
لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون} (1).
إن الصورة لتختلف تماما اليوم عنها في أحد. فلئن كان التحدي سافرا في أحد. فقد خنسوا اليوم وراحوا يعملون في الخفاء كخفافيش الظلام، لم يعودوا يملكون القوة على المواجهة، ولا القوه على التحدي إنما يتآمرون من وراء الأقنعة علهم ينتصرون مع حلفائهم اليهود على المسلمين. فهم يدعون بني النضير للثبات في وجه المسلمين، وإلى المقاومة، كما يعلنون لهم أن مددهم قادم ولا ريب في ألف من المنافقين. وقد ربطوا مصيرهم بمصيرهم.) لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا. وإن قوتلتم لننصرنكم) ولئن كان عبد الله بن أبي قد استطاع أن يحافظ على حياة حلفائه بني قينقاع. فهو أعجز اليوم من أن يبدي رأيا أو يتقدم بطلب لرسول الله (ص) بعد تلك الخيانة السافرة في أحد. وهو في الوقت نفسه يجلل بالعار من جديد في الخيانة التي فضحها القرآن عن التآمر السري بين الفريقين، المنافقين وكفار أهل الكتاب. وكان خروج اليهود بدون سلاح، وهدمهم بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين صفعة عنيفة للمنافقين. وإسقاطا ماديا ومعنويا لهم.
القرآن يتنزل. والمواقف تتضح والمنافقون يتعرون .. ومع ذلك يبقي الإسلام ورسول الإسلام بابا مفتوحا إلى التوبة. فلن يوصد الباب أبدا. لكن اللعب على الحبال مكشوف والتظاهر بالإيمان مفضوح لا
(1) الحشر / 11 - 12.