الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن. وجاء رسول الله (ص) فدخل عليها بغير إذن.
قال أنس: وقد رأيتنا حين دخل عليها رسول الله (ص) أطعمنا عليه الخبز واللحم. فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام. فخرج رسول الله (ص) واتبعته. فجعل يتبع حجر نسائه يسلم عليهن ويقلن: يا رسول الله كيف وجدت أهلك؟ فما أدري أنا أخبرته والقوم قد خرجوا أو أخبر؟ قال: فانطلق حتى دخل البيت. فذهبت أدخل معه فألقى الستر بيني وبينه ونزل الحجاب ووعظ القوم بما وعظوا به {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم
…
} الآية.
وكذلك رواه مسلم والنسائي من طريق سليمان بن المغيرة (1)
وأثلج صدر زينب في أعظم سعادة سيقت إليها في حياتها بهذا الزواج، وعبر الشعبي عن هذا المعنى بقوله فيما رواه عن زينب: كانت زينب تقول للنبي (ص): إني لأدل عليك بثلاث، ما من نسائك امرأة تدل بهن. إن جدي وجدك واحد - تعني عبد المطلب فإنه أبو أبي النبي (ص) وأبو أمها أميمة بنت عبد المطلب - وإني أنكحنيك الله عز وجل من السماء، وإن السفير جبريل عليه السلام (2)
…
(هـ) أم حبيبة بنت أبي سفيان
كانت هناك في أرض الغربة والوحشة. وقد هاجرت إلى الحبشة. مع زوجها عبيد الله بن جحش.
(1) البداية والنهاية لابن كثير 4/ 165 وهي رواية الإمام أحمد 3/ 195.
(2)
المصدر نفسه 3/ 165 عن ابن جرير الطبري.
وكانت المحنة العظمى لها أن تنصر زوجها، وقاومته. وواجهته بدينها حتى مات. وكانت تتنقل من محنة إلى محنة. فأين تعود؟ تعود إلي أبيها أبي سفيان. الذي انتهت إليه زعامة قريش في حرب محمد (ص). وغدت لا أب ولا زوج ولا عشيرة. فكل عشيرتها تحارب رسول الله (ص) وماذا لها في هذه الدنيا إلا أنها تعد الأيام لتلقى وجه ربها، صابرة منيبة محتسبة أوابة. غير أن هناك قلبا كان يعيش محنتها، ويتحسس لمصيبتها. ويهتم لابتلائها هو قلب سيد الوجود محمد (ص). الذي لم ينس ألمها الذي يذبحها بعد فراق الأهل والزوج والأب والوطن. ومن هذا العالم المغمور. تحدثنا عن العالم الجديد الذي فتح لها. لتكون أما للمؤمنين في الأرض.
قال الزبير بن بكار: عن أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت:
(ما شعرت وأنا بأرض الحبشة إلا برسول النجاشي - جارية يقال لها إبرهة، كانت تقوم على ثيابه ودهنه - فاستأذنت علي فأذنت لها، فقالت: إن الملك يقول لك: إن رسول الله (ص) كتب إلي أن أزوجكه، فقلت: بشرك الله بالخير، وقالت: يقول لك الملك: وكلي من يزوجك قالت: فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص فوكلته، وأعطيت إبرهة سوارين من فضة، وخدمتين (1) من فضة كانتا علي، وخواتيم من فضة في كل أصابع رجلي - سرورا بما بشرتني به. فلما أن كان من العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب، ومن كان هناك من المسلمين أن يحضوا. وخطب النجاشي وقال: الحمد لله الملك القدوس
(1) خذمتين: قطعتين توضعاف في الرجلين.
المؤمن العزيز الجبار، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم. أما بعد. فإن رسول الله (ص) طلب أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان. فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله (ص)، وقد أصدقها أربعمائة دينار. ثم سكب الدنانير بين يدي القوم فتكلم خالد بن سعيد فقال: الحمد لله أحمده وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. أما بعد. فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله (ص)، وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان. فبارك الله لرسوله (ص).
ودفع النجاشي الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإن من سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج. فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا) (1)
قالت أم حبيبة: فلما وصل إلي المال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني. فقلت لها: إني كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي. فهذه خمسون مثقالا فخذيها فاستعيني بها فأبت فأخرجت حقا كان فيه كل ما أعطيتها فردته علي وقالت: عزم علي الملك أن لا أرزؤك شيئا وأنا الذي أقوم على ثيابه ودهنه. وقد اتبعت دين رسول الله (ص). وأسلمت لله. وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر. قالت: فلما كان الغد جاءتني بعود وورس وعنبر وزباد كثير. فقدمت بذلك كله على النبي (ص). فكان يراه علي وعندي فلا ينكره ثم قالت أبرهة: فحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله مني السلام وتعلميه إني قد اتبعت دينه. قالت: ثم لطفت بي وكانت هي التي
(1) البداية والنهاية لابن كثير 162/ 3 - 163.
جهزتتي. فكانت كلما دخلت علي تقول لا تنسي حاجتي إليك. فلما قدمت على رسول الله (ص) أخبرته كيف كانت الخطبة وما فعلت بي ابرهة فتبسم رسول الله (ص)، وقرأته منها السلام فقال: ((وعليها السلام ورحمة الله
وبركاته)) (1)
ولئن كانت أم سلمة رضي الله عنها من بني مخزوم. فقد كانت أم حبيبة من بني أمية بن عبد شمس أعز بطون قريش كذلك. وبنت زعيم مكة كلها أبي سفيان بن حرب وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يسأل فيجيب: (قال رجل لعلي: أخبرني عن قريش قال: أوزننا أحلاما إخوتنا بنو أمية وأنجدنا عند اللقاء أو أسخانا بما ملكت اليمين فهم بنو هاشم. وريحانة قريش التي تشم بها بنو المغيرة، إليك عني سائر اليوم)(2).
(أما نخن بنو هاشم فأنجاد أمجاد هداة أجواد. وأما إخوتنا بنو أمية قادة ذادة. وريحانة قريش التي تشم بها بنو المغيرة)(3). حتى ان ابن عباس رضي الله عنهما يفسر قول الله عز وجل بهذا الزواج. كما روى البيهقي عنه {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة} قال: هو تزويج النبي (ص) بأم حبيبة بنت أبي سفيان فصارت أم المؤمنين، وصار معاوية خال المؤمنين. (4)
وما هي إلا سنتان حتى كان بنو أمية يتسابقون إلى الدخول في الإسلام
(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 69/ 8.
(2)
المغزي النبوية للزهري عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين. ورجاله رجال الصحيح ص 149.
(3)
المصدر نفسه ص 149.
(4)
البداية والنهاية 161/ 3.