الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطاب، وهي تحافظ على سرية الدعوة الإسلامية، فتنكر أن تعرف رسول الله (ص) وأبا بكر، ثم تتدارك الموضوع في الذهاب إليه، ولا تتكلم أمام أم أبي بكر، حتى يأذن لها أبو بكر، بل تذكره بوجودها حفاظا على سرية الدعوة، وثقة أبي بكر بأمه - قبل أن تسلم -وذهابها لدار الأرقم. وهي على شركها تعطي ضوءا على إمكانية الثقة ببعض النوعيات التي تتعاطف مع الدعوة رغم أنها لا تؤمن بمبادئها، لكنها تحترم رجالها وتكن لها الحب والود والفداء.
رابعا: الترغيب:
قال ابن كثير: (وقال الإمام عبد بن حميد في مسده .. عن جابر بن عبد الله قال: (اجتمع قريش يوما، فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر، فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وعاب ديننا، فليكلمه، ولينظر ماذا يرد عليه؟ فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة، فقالوا: أنت يا أبا الوليد، فأتاه عتبة فقال: يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله (ص). فقال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله (ص). قال: فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم، فتكلم حتى نسمع قولك. إنا بالله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومك منك؛ فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم: أن في قريش ساحرا، وأن في قريش كاهنا، والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى، أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى.
أيها الرجل: إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك من أموالنا، حتى تكون أغنى قريش رجلا، وإن كان إنما بك - الباه - فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشرا. فقال رسول الله (ص):((فرغت؟)) قال: نعم! فقال رسول الله (ص): {بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون
…
} إلى أن بلغ {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} فقال عتبة: حسبك! ما عندك غير هذا؟ قال: ((لا)) فرجع إلى قريش فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه إلا كلمته، قالوا: فهل أجابك؟ فقال: نعم. ثم قال: لا والذي نصبها بنية (1) ما فهمت شيئا مما قال، غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود. قالوا: ويحك يكلمك الرجل بالعربية لا تدري ما قال؟ قال: لا والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة).
وقد رواه البيهقي وغيره عن الحاكم عن الأصم عن عباس الدوري عن يحيى بن معين .. وفيه كلام: وزاد (وإن كنت إنما بك الرياسة، عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسا ما بقيت)(2).
وفي رواية ابن إسحاق: (فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني قد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط. والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة .. يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه. فولله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم. فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب
(1) نصبها بنية: أي أقام بناءها وهي الكعبة.
(2)
البداية والنهاية لابن كثير 3/ 68، 69.