الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
النبوة
حاجة البشر إلى الأنبياء:
خلق الله تعالى آدم عليه السلام، وأهبطه إلى الأرض، وأهبط الشيطان معه {قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} (1).
وإبليس منذ أن عصى ربه: {قال أنظرني إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين} (2).
وقد أوصى إبليس ذريته بهذه المهمة أن يفسدوا فطرة بني آدم ويضلوهم ويغووهم «.. وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم (3) عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا» (4).
(1) البقرة: 38، 39.
(2)
الأعراف.: 14 - 17.
(3)
اجتالتهم: استخفتهم فذهبت بهم.
(4)
مسلم. كتاب الجنه 63.
وشاءت حكمته تعالى أن لا يدع البشر نهبة للشياطين، إنما أرسل إليهم الرسل {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ..} (1).
وبذلك تقوم الحجة على الخلق كافة {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ..} (2) .. {
…
وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} (3) .. {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ..} (4).
(ومن ها هنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول، وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به، وطاعته فيما أمر، فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل عليهم الصلاة والسلام، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا ينال رضا الله البتة إلا على أيديهم، فالطيب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا هديهم. وما جاؤوا به، فهم الميزان الراجح الذين على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأعمال والأخلاق، وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال، فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها، فأي ضرورة وحاجة فرضت، فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير)(5).
(1) البقرة من الآية 213.
(2)
النحل من الآية 36.
(3)
فاطر من الآية 24.
(4)
النساء من الآية 165.
(5)
زاد المعاد فصل: اضطرار العباد لبعثة الرسل 28.