الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101].
فالجواب كالتالي: معنى أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان يُسأل أسئلة ولا يجد لها جوابًا، فخشي من ذلك، فقال: إن الله أنزل الآية، يدل على أن القرآن من عند النبي صلى الله عليه وسلم وهذا خطأ؛ لأن القرآن هو كلام رب العالمين تبارك وتعالى نزل من عنده على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 2] فيه دلالة على أن القرآن نزل من عند الله تبارك وتعالى.
والسؤال كيف يخشى النبي صلى الله عليه وسلم أسئلتهم، ثم يقول لهم لقد أنزلت هذه الآية؟
ولكن علم الله تبارك وتعالى بمثل هذه الأسئلة التي لا فائدة فيها، فأنزل على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقرأها عليهم.
ففي هذا القول دعوى لتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم وهي دعوى باطلة ساقطة {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3].
4 - النبي صلى الله عليه وسلم رسول أوحي إليه، فكلامه وحي من عند الله، فكيف يخشى النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الإجابة على أسئلتهم ما دامت الإجابة ستأتي له
؟
وهذا يدل على بطلان كلامهم، قال تعالى:{إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4] كان صلى الله عليه وسلم يبلغ الناس؛ فإن لم يكن عنده جواب، أنزل الله الوحي فأجاب على من سأل؛ فحينئذ ما خشي النبي صلى الله عليه وسلم من سؤال القوم؛ لأنه لم يجد جوابًا فقال لهم:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101].
وكيف يخشى النبي صلى الله عليه وسلم من الإجابة على أسئلتهم، وقد نص الحديث: من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه، فعن أَنسٍ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر، فلما سلم، قام على المنبر، فذكر الساعة، وذكر أن بين يديها أمورًا عظامًا، ثم قال:"من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه، فو الله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا"، قال أنس: فأكثر الناس البكاء، وأكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم -
أن يقول: "سلوني"، فقال أنس: فقام إليه رجل فقال: أين مدخلي يا رسول الله؟ قال: "النار"، فقام عبد الله بن حذافة فقال: من أبي يا رسول الله؟ قال: "أبوك حذافة"، قال: ثم أكثر أن يقول: "سلوني سلوني"، فبرك عمر على ركبتيه فقال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولًا، قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عمر ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده، لقد عرضت علي الجنة والنار آنفًا، في عرض هذا الحائط، وأنا أصلي، فلم أر كاليوم في الخير والشر". (1)
وقد وُجِّهَت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسئلةٌ وليس عنده جواب، حتى آتاه الوحي فأجاب عنها، كما في حديث ابن مسعود، قال: بينما أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث، وهو متكئ على عسيب، إذ مر بنفر من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، فقالوا: ما رابكم إليه، لا يستقبلكم بشيء تكرهونه، فقالوا: سلوه، فقام إليه بعضهم فسأله عن الروح، قال: فأسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يرد عليه شيئًا، فعلمت أنه يوحى إليه، قال: فقمت مكاني، فلما نزل الوحي قال:" {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} ". (2)
* * *
(1) رواه البخاري (7294).
(2)
رواه مسلم (2794).