الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - شبهة: ادعاؤهم أن كفر أبوي النبي صلى الله عليه وسلم يقدح فيه
.
نص الشبهة:
وردت أدلة تثبت أن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم كافران وفي النار، وذاك فيه اتهام للنبي صلى الله عليه وسلم لشخصه وعصمته.
والرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: إثبات أن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم في النار
.
الوجه الثاني: الرد على من زعم أن الله عز وجل أحيا للنبي أبويه فأسلما.
الوجه الثالث: الرد على السيوطي ومن تبعه في القول بنجاة الوالدين.
الوجه الرابع: هل مجرد ذكر مصير أبوي النبي صلى الله عليه وسلم وأنهما في النار يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم؟
وإليك التفصيل
الوجه الأول: إثبات أن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم في النار
من حديث أنس رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ:"فِي النَّارِ"، فَلَمّا قَفَّي دَعَاهُ، فَقَالَ:"إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ". (1)
وقد بوب الإمام النووي لهذا الحديث بـ (باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار، ولا تنفعه شفاعة، ولا تنفعه قرابة الأقربين). ثم قال: إن من مات على الكفر فهو في النار، ولا تنفعه قرابة المقربين، وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة؛ فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم، وقوله صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ" هو من حسن العشرة للتسلية بالاشتراك في المصيبة، ومعنى قَفَّي: ولى قفاه منصرفًا. (2)
ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذنت ربي أن أستغفر لأمي
(1) مسلم (203).
(2)
شرح مسلم للنووي 3/ 79.
فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي" (1).
وفي رواية: زار النبي قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال:"استأذنت ربي في أن أستغفر لها، فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت".
قال النووي: فيه جواز زيارة المشركين في الحياة، وقبورهم بعد الوفاة؛ لأنه إذا جازت زيارتهم بعد الوفاة ففي الحياة أولى، وقد قال الله تعالى:{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} ، وفيه النهى عن الاستغفار للكفار. (2)
قال القاضي عياض: سبب زيارته صلى الله عليه وسلم قبرها أنه قصد قوة الموعظة والذكرى بمشاهدة قبرها، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث "فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت". (3)
وقال في قوله: "فبكى وأبكى من حوله"، بكاؤه على ما فاتها في إدراك أيامه والإيمان به. (4)
قال البيهقي: (وأبواه كانا مشركين، بدليل ما أخبرنا
…
) ثم ساق بإسناده حديث أنس: "إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ"(5)، وبإسناده حديث أبي هريرة رضي الله عنه في استئذانه أن يستغفر لأمه فلم يؤذن له. وهما اللذان أخرجهما مسلم.
قال الإمام البيهقي: وكيف لا يكون أبواه وجده بهذه الصفة في الآخرة. (6)
وقال القاضي عياض: لما أخبر بما أخبره ورآه عظم عليه أخبره أن مصيبته بذلك كمصيبته ليتأسي به. (7)
ومثله قول القرطبي: قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ" جبر للرجل مما أصابه وأحاله على التأسي حتى تهون عليه مصيبته بأبيه. (8)
(1) مسلم (976).
(2)
شرح مسلم للنووي 4/ 53.
(3)
شرح مسلم للنووي 4/ 53.
(4)
شرح مسلم للنووي 4/ 53.
(5)
السنن الكبرى للبيهقي 7/ 190.
(6)
دلائل النبوة 1/ 192.
(7)
إكمال المعلم 1/ 591.
(8)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم 1/ 461.