الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
نصحه له بالرجوع والاستغفار والتوبة ترغيبًا منه في الستر.
5 -
قوله: "هلا تركتموه يعني بعدما فر من الحجارة".
فلوحظ في روايات القصة أن هذه الكلمة قيلت في مجلس قضائي كان النبي صلى الله عليه وسلم يبحث فيه من خلال الجاني على ما يسقط العقوبة أو يرفعها كما ظهر من روايات الحديث ومما يبين ذلك أن العقوبات ترفع عن الجاني بأمور منها:
1 -
الإكراه.
2 -
السكر.
3 -
الجنون.
ومنه الجنون المطبق والمتقطع والجزئي وأقله العته، وقريب منه الصرع والهستريا وما أشبه من حالات عصبية.
وكما هو معلوم أن الجنون لا يبيح الجريمة، ولكنه يرفع حكمها عن الجاني؛ فإذا كان الجنون معاصرًا للجريمة لا توقع على الجاني عقوبة. (1)
الوجه الخامس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى
فهذه الكلمة في هذا الموطن لو كان فيها شيء لعاتبه الله عز وجل على ذلك؛ كما وقع العِتَابُ في أمور معروفة فلمّا لم يقع شيء من ذلك علم أنها لا شيء فيها.
وكذلك لو كان فيها شيء لاحتج عليه بها أعداؤه من اليهود والمنافقين والمشركين في المدينة وخارجها، ولم يقع شيء من ذلك؛ لأنها لا شيء فيها عندهم فهل عرف هؤلاء عن اللغة ما لم يعلمه من سبق؟ .
الوجه السادس: أن الحدود تدرأ بالشبهات ولا تقام إلا باليقين وأن الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة، وذلك لأن الخطأ في العفو يمكن استدراكه بإيقاع العقوبة بعد التيقن، أما الخطأ في العقوبة فأنى يمكن استدراكه إذا تبين الخطأ بعد قتل الرجل، وهذه القاعدة من القواعد الهامة في الشريعة
.
والحدود هي العقوبات المقدرة، ويدخل تحت الحدود العقوبات المقررة لجرائم الحدود والعقوبات المقررة لجرائم القصاص، والدية.
(1) انظر: كتاب التشريع الجنائي الإسلامي مبحث أسباب رفع العقوبة.
ولقد عقد كثير من العلماء عنوانًا في كتابه بهذه القاعدة. فقال ابن أبي شيبة في مصنفه كتاب الحدود: في درء الحدود بالشبهات.
وقال البيهقي في السنن (1): باب ما جاء في درء الحدود بالشبهات.
وقال الترمذي في الباب الثاني من كتاب الحدود: باب ما جاء في درء الحدود.
وفي هذا المعنى آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته يقوي بعضها بعضًا، وتدل على أن للقاعدة أصلًا؛ منها ما يلي:
1 -
حديث ماعز الذي معنا فإنه يعد من أهم الأدلة على هذه القاعدة.
2 -
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة. (2)
3 -
عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل سرق شملة فقيل يا رسول الله إن هذا قد سرق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أخاله يسرق أسرقت؟ قال: نعم. قال: "
(1) السنن 8/ 238.
(2)
ضعيف. والرواية الموقوفة هي المحفوظة، أخرجه الترمذي (1424) من طريق محمد بن ربيعة، وأخرجه البيهقي 8/ 238 من طريق الفضل بن موسى ومحمد بن ربيعة كلاهما عن يزيد بن زياد الدمشقي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة به مرفوعًا.
وفي هذا الإسناد يزيد بن زياد الدمشقي، ضعفه البيهقي، والترمذي، وقال أبو حاتم والبخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث. اهـ من تهذيب الكمال 32/ 124.
ومع ضعفه فقد اختلف عليه فرواه عنه الفضل بن موسى، ومحمد بن ربيعة مرفوعًا، وخالفهما وكيع فرواه عن زياد، نحو حديثهما ولم يرفعه، وأخرجه الترمذي (1424)، والبيهقي 8/ 238 وابن أبي شيبة 6/ 516 ثم قال البيهقي: تفرد به يزيد بن زياد الشامي عن الزهري، وفيه ضعف ورواية وكيع أقرب إلى الصواب. والله أعلم ورواه رشدين بن سعد، عن عقيل، عن الزهري مرفوعًا؛ ورشدين ضعيف، وقال الترمذي: حديث عائشة لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث محمد بن ربيعة، عن يزيد بن زياد الدمشقي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه وكيع، عن يزيد بن زياد نحوه ولم يرفعه، ورواية وكيع أصح، وقد روي نحو هذا عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا مثل ذلك، ويزيد بن زياد الدمشقي ضعيف في الحديث.
فاذهبوا به فاقطعوا يده ثم احسموها ثم ائتوني به فأتوا به فقال: تب إلى الله عز وجل. قال: فإني أتوب إلى الله. قال اللهم تب عليه". (1)
والشاهد قوله: ما إخاله سرق، وما قال ذلك إلا لدرء الحد عنه.
4 -
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادفعوا الحد ما وجدتم له مدفعًا". (2)
5 -
فعل الصحابة في درء الحد بالشبهة؛ كما في هذه الرواية:
عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال: توفي عبد الرحمن بن حاطب، وأعتق من صلى من رقيقه وصام، وكانت له أمة نوبية قد صلت، وصامت، وهي أعجمية لم تفقه، فلم يرع إلا حبلها، وكانت ثيبًا، فذهب إلى عمر فزعًا، فحدثه، فقال له عمر: لأنت الرجل لا يأتي بخير، فأفزعه ذلك، فأرسل إليها، فسألها فقال: حبلت؟ قالت: نعم، من مرغوش بدرهمين، وإذا هي تستهل بذلك، لا تكتمه، فصادف عنده عليًّا، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، فقال: أشيروا علي! وكان عثمان جالسًا فاضطجع، فقال علي وعبد الرحمن: كأنها لا تعلمه، وليس الحد إلا على من علمه، فأمر بها فجلدت مئة، ثم غربها، ثم قال: صدقت، والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علم (3).
(1) أخرجه عبد الرزاق 7/ 389 عن ابن جريج والثوري والدارقطني 3/ 103 من طريق الثوري كلاهما عن يزيد بن خصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان به مرسلًا. وهذا إسناد صحيح إلى محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، ولكن اختلف عليه فروي عنه مرسلا كما مر، ورواه عنه عبد العزيز الدراوردي مسندًا عن أبي هريرة؛ أخرجه الطحاوي في شرح المعاني 3/ 168 حدثنا أحمد بن داود قال: ثنا سعيد بن عون مولى بني هاشم قال: ثنا الدراوردي عن يزيد بن خصيفة، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة به.
(2)
ضعيف. أخرجه ابن ماجه (2545) عن وكيع، عن إبراهيم بن الفضل، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة به.
وهذا إسناد فيه إبراهيم بن الفضل المخزومي. قال أحمد، وأبو زرعة: ضعيف، وقال البخاري وأبو حاتم والنسائي: منكر الحديث، وقال ابن حجر: متروك. من تهذيب التهذيب 1/ 131. وضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه (554).
وقال الصنعاني في سبل السلام باب درء الحدود بالشبهات: ساق المصنف [ابن حجر] في التلخيص عدة روايات موقوفة صحح بعضها وهي تعاضد المرفوع وتدل على أن له أصلا في الجملة، وفيه دليل على أنه يدفع الحد بالشبهة التي يجوز وقوعها كدعوى الإكراه أو أنها أتيت المرأة وهي نائمة فيقبل قولها ويدفع عنها الحد، ولا تكلف البينة على ما زعمته.
(3)
أخرجه عبد الرزاق 7/ 403 عن ابن جريج، و 7/ 404 عن معمر قالا: أخبرني هشام بن عروة، عن أبيه أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، وأخرجه البيهقي من طريق ابن جريج به 8/ 238 وهذا إسناد صحيح.