الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصدق الله إذ يقول: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33]. وممَّا يؤيد ذلك ما جاء على لسان أبي جهل عدو الله وعدو رسوله إذ قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (قد نعلم يا محمد أنك تصل الرحم، وتصدق الحديث ولا نكذبك، ولكنّ نكذب الذي جئت به)(1)، فأنزل الله عز وجل:{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33]. أي: إن رفض قريش كان موجهًا للدعوة التي دعاهم إليها الرسول صلى الله عليه وسلم لا لشخصيته كما يفيد منطوق قول أبي جهل السابق. ولهذا ورد أنهم عرضوا عليه الجاه والسيادة والملك وجمع الأموال والمغريات الأخرى مقابل ترك هذه الدعوة كلية أو جزءًا منها كحل وسط، ولكنهم لم ينجحوا فيها؛ لأن موقف الرسول صلى الله عليه وسلم كان ثابتًا. وعرض هذه الأمور عليه يدل على سمو مكانة النبي صلى الله عليه وسلم من جهة النسب عند قومه قريش الذين كانوا يأنفون أن يخضعوا للوضيع مهما كان الأمر، وخاصة إذا جاء بأمر يخالف عاداتهم وتقاليدهم، مثل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدين الحنيف، والدعوة إلى التوحيد، ونبذ الشرك والأوثان وما كان سائدًا في مجتمع مكة من عادات وتقاليد جاهلية. (2)
الوجه الثالث: ترجمة محمد بن عمر بن واقد الأسلمي
.
قال البخاري: الواقدي: مديني، سكن بغداد، متروك الحديث (3)، تركه أحمد وابن نمير (4)، وابن المبارك، وإسماعيل بن زكريا.
وقال أيضًا: كذبه أحمد، وعن يحيى بن معين: ضعيف، ليس بشيء، ليس بثقة.
وقال مسلم: متروك الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الحاكم: ذاهب الحديث.
(1) أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 315) وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وخالفه الذهبي فقال: ولم يخرج الشيخين لناحية، وقال الشيخ أحمد شاكر في عمدة التفسير (5/ 25): وهذا صحيح فإنهما لم يخرجا لناحية بين كلب الأسدي وهو تابعي ثقة، والحديث صحيح وإن لم يخرجاه الشيخان والله أعلم.
(2)
الرسول صلى الله عليه وسلم في عيون غربية منصفة صـ 253.
(3)
قال في التاريخ الصغير (2/ 283): تركوه.
(4)
التاريخ الكبير (1/ 178/ 543).
سئل أبو زرعة عنه فقال: ترك الناس حديثه، وقال الجوزجاني: لم يكن مقنعًا.
وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن محمد بن عمر الواقدي فقال: ضعيف. قلت: يكتب حديثه؟ قال: ما يعجبني إلا على الاعتبار، ترك الناس حديثه.
وقال أيضا: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: قال لي الشافعي: كتب الواقدي كذب. (1)
وذكره ابن حبان في المجروحين وقال: كان ممن يحفظ أيام الناس وسيرهم، وكان يروى عن الثقات المقلوبات، وعن الأثبات المعضلات، حتى ربما سبق إلى القلب أنه كان المتعمد، كان أحمد بن حنبل يكذبه، وعن علي بن المديني: الواقدي يضع الحديث. (2)
وذكره ابن عدي: وساق له عدة أحاديث وقال: وهذه الأحاديث التي أمليتها للواقدي، والتي لم أذكرها كلها غير محفوظة، ومن يروي عنه الواقدي من الثقات فتلك الأحاديث غير محفوظة عنهم، إلا من رواية الواقدي، والبلاء منه، ومتون أخبار الواقدي غير محفوظة، وهو بين الضعف. (3)
وقال البزار: وتكلم الناس فيه، وفي حديثه نكرة. (4)
وقال ابن حجر: قال النسائي في (الضعفاء والمتروكين): المعروفون بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: الواقدي بالمدينة، ومقاتل بخراسان، ومحمد بن سعيد المصلوب بالشام وذكر الرابع. وقال ابن المديني: عنده عشرون ألف حديث يعنى ما لها أصل، وقال في موضع آخر ليس هو بموضع للرواية، وإبراهيم بن أبي يحيى كذاب وهو عندي أحسن حالًا من الواقدي. (5)
وقال الذهبي: وقد تقرر أن الواقدي ضعيف، يحتاج إليه في الغزوات، والتاريخ، ونورد آثاره من غير احتجاج، أما في الفرائض، فلا ينبغي أن يذكر، فهذه الكتب الستة، ومسند أحمد،
(1) الجرح والتعديل (8/ 20).
(2)
المجروحين (2/ 290).
(3)
الكامل (6/ 243).
(4)
كشف الأستار (356 - 1026).
(5)
التهذيب (7/ 344).