الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشف مرضانا، أو اللهم ببول نبيك أو غائطه أجرنا من هذا. ولا بد من الإشارة إلى أننا نؤمن بجواز التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم ولا ننكره خلافًا لما يوهمه صنيع خصومنا (1).
ثالثا: العلة من ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة يتبركون بآثاره، ويتمسحون به
.
إن النبي صلى الله عليه وسلم وإن أقر الصحابة في غزوة الحديبية وغيرها على التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم والتمسح بها وذلك لغرض مهم، وخاصة في تلك المناسبة، وذلك الغرض هو إرهاب كفار قريش، وإظهار مدى تعلق المسلمين بنبيهم وحبهم له، وتفانيهم في خدمته وتعظيم شأنه؛ إلا أن الذي لا يجوز التغافل عنه ولا كتمانه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد تلك الغزوة رغب المسلمين بأسلوب حكيم وطريقة لطيفة عن هذا التبرك، وصرفهم عنه، وأرشدهم إلى أعمال صالحة خير لهم منه عند الله عز وجل وأجدى وهذا ما يدل عليه الحديث الآتي.
عن عبد الرحمن بن أبي قراد له أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ يومًا فجعل أصحابه يتمسحون بوضوئه فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "ما يحملكم على هذا؟ قالوا: حب الله ورسوله: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من سره أن يحب الله ورسوله أو يحبه الله ورسوله فليصدق حديثه إذا حدث وليؤد أمانته إذا أؤتمن وليحسن جوار من جاوره"(2).
الوجه الرابع: تكميل الله تعالى له المحاسن خَلْقًا وخُلْقًا، وقرانه جميع الفضائل الدينية والدنيوية فيه نسقًا
.
اعلم أيها المحب لهذا النبي الكريم الباحث عن تفاصيل جميل قدره العظيم، أن خصال الجمال والكمال في البشر نوعان: ضروري دنيوي اقتضته الجبلة وضرورة الحياة الدنيا، ومكتسب ديني: وهو ما يحمد فاعله ويقرب إلى الله تعالى زلفى، ثم هي على فنين أيضًا منها ما يتخلص لأحد الوصفين ومنها ما يتمازج ويتداخل.
فأما الضروري المحض في ليس للمرء فيه اختيار ولا اكتساب، مثل ما كان في حملته
(1) التوسل أنواعه وأحكامه (1/ 148).
(2)
حسن. التوسل للألباني ص 146 وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (4658)، والطبراني في الأوسط (6517)، والبيهقي في شعب الإيمان (1533)، وحسنه الألباني بمجموع الطرق في الصحيحه (2998).
من كمال خلقته، وجمال صورته، وقوة عقله، وصحة فهمه، وفصاحة لسانه، وقوة حواسه، وأعضائه، واعتدال حركاته، وشرف نسبه، وعزة قومه، وكرم أرضه، ويلحق به ما تدعوه ضرورة حياته إليه من غذائه، ونومه، وملبسه، ومسكنه، ومنكحه، وماله، وجاهه، وقد تلحق هذه الخصال الآخرة بالأخروية إذا قصد بها التقوى ومعونة البدن على سلوك طريقها، وكانت على حدود الضرورة وقواعد الشريعة.
وأما المكتسبة الأخروية فسائر الأخلاق العلمية، والآداب الشرعية من الدين والعلم، والحلم، والصبر، والشكر، والعدل، والزهد، والتواضع، والعفو، والعفة والجود، والشجاعة، والحياء، والمروءة، والصمت، والتؤدة، والوقار، والرحمة، وحسن الأدب، والمعاشرة، وأخواتها، وهي التي جماعها: حسن الخلق.
وقد يكون من هذه الأخلاق ما هو في الغريزة وأصل الجبلة لبعض الناس، وبعضهم لا تكون فيه فيكتسبها، ولكنه لا بد أن يكون فيه من أصولها في أصل الجبلة شعبة وتكون هذه الأخلاق دنيوية إذا لم يرد بها وجه الله، والدار الآخرة، ولكنها كلها محاسن وفضائل باتفاق أصحاب العقول السليمة، وإن اختلفوا في موجب حسنها وتفضيلها. وإذا كانت خصال الكمال والجلال ما ذكرناه، ورأينا الواحد منا يتشرف بواحدة منها أو اثنتين إن اتفقت له في كل عصر، إما من نسب أو جمال أو قوة أو علم أو حلم أو شجاعة أو سماحة، حتى يعظم قدره ويضرب باسمه الأمثال ويتقرر له بالوصف بذلك في القلوب أثرة وعظمة وهو منذ عصور خوال رمم بوال، في ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه كل هذه الخصال إلى ما لا يأخذه عد ولا يعبر عنه مقال، ولا ينال بكسب ولا حيل إلا بتخصيص الكبير المتعال، من فضيلة النبوة، والرسالة، والخلة، والمحبة، والاصطفاء، والإسراء، والرؤية، والقرب، والوحي، والشفاعة، والوسيلة، والفضيلة، والدرجة الرفيعة، والمقام المحمود، والبراق، والمعراج، والبعث إلى الأحمر والأسود، والصلاة بالأنبياء، والشهادة بين الأنبياء، والأمم، وسيادة ولد آدم، ولواء الحمد، والبشارة، والنذارة، والمكانة عند ذي العرش، والطاعة، والأمانة، والهداية، ورحمة