الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى كان يغدو إلى ثبير مرّة وإلى حراء مرّة يريد أن يلقي نفسه منه، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك عامدًا لبعض تلك الجبال إلى أن سمع صوتًا من السماء، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم صعقًا للصوت ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعًا عليه يقول: يا محمد أنت رسول الله حقًّا وأنا جبريل، قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقر الله عينه وربط جأشه، ثم تتابع الوحي بعد وحمي.
بيان ضعف الرواية:
أولًا:
فيها الواقدي وهو كذاب متروك الحديث ومعلوم أن الحديث إذا كان في سنده كذاب أو متروك لا يحتج به لا في الأصول ولا في الشواهد والمتابعات.
قال البخاري: الواقدي مدني سكن بغداد متروك الحديث تركه أحمد وابن المبارك وابن نمير وإسماعيل بن زكريا وقال في موضع آخر كذبه أحمد وقال معاوية بن صالح قال لي أحمد بن حنبل: الواقدي كذاب، وقال لي يحيى بن معين ضعيف وقال مرّة ليس بشيء وقال مرّة كان يقلب حديث يونس يغيره عن معمر ليس بثقة وقال مرّة ليس بشيء قال ابن المديني الهيثم بن عدي أوثق عندي من الواقدي ولا أرضاه في الحديث (1).
وأحيلك على ترجمة مفصلة للواقدي في بحث أجري على شبهة عن نسب النبي صلى الله عليه وسلم.
2 -
إبراهيم بن محمد بن أبي موسى، قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (2)، قال لم أعرفه، ثم قال ولكني أظن أن جده (أبا موسى) محرف من (أبي يحيى) فإن كان كذلك فهو معروف ولكن بالكذب، وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبو إسحاق المدني، كذبه جماعة، قال الحافظ في التقريب: متروك (3).
قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في تهذيب التهذيب (4) على وجه الإجمال:
(1) تهذيب التهذيب (5/ 234).
(2)
السلسلة الضعيفة (3/ 161).
(3)
التقريب (1/ 33).
(4)
التهذيب (1/ 176 - 178).
قال يحيى بن سعيد القطان: سألت مالكًا عنه أكان ثقة؟ قال: لا، ولا ثقة في دينه.
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: كان قدريًا معتزليًا جهميًا كل بلاء فيه، وقال أبو طالب عن أحمد: لا يكتب حديثه ترك الناس حديثه، كان يروي أحاديث منكرة لا أصل لها، وكان يأخذ أحاديث الناس يضعها في كتبه.
قال بشر بن المفضل: سألت فقهاء أهل المدينة عنه فكلهم يقولون: كذاب، وقال ابن المديني عن يحيى القطان: كذاب.
قال البخاري: جهمي تركه ابن المبارك والناس، كان يرى القدر، وقال عباس عن ابن معين: ليس بثقة.
قال الجوزجاني: غير مقنع ولا حجة، فيه ضروب من البدع.
قال النسائي: متروك الحديث، وقال في موضوع آخر: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه.
قال الربيع: سمعت الشافعي يقول كان قدريًا، وقال الدارقطني: متروك، وقال ابن حبان: كان يرى القدر.
قال أبو زرعة: ليس بشيء، وقال العجلي: كان قدريًا معتزليًا، رافضيًا.
فهل بعد هذان الكاذبان في هذه الرواية يمكن أن تقوم بها قائمة أو أن يستدل بها في إثارة هذه الشبهة.
نص الرواية الثالثة التي رواها الطبري في تاريخه وقد روى الطبري هذه القصة في ثلاثة مواضع من تاريخه متتالية وبأسانيد مختلفة وفي بعض ألفاظها تغاير وقد قسمتها إلى ثلاث روايات هي كالاتي: -
قال الطبري رحمه الله (1) وقد روى الحديث وفيه قصة طويلة: -
حدثنا بن حميد قال حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي
(1) تاريخ الطبري (1/ 532).
حدثنا يا عبيد كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة حين جاء جبريل عليه السلام، فقال عبيد وأنا حاضر يحدث عبد الله بن الزبير ومن عنده من الناس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء من كل سنة شهرًا وكان ذلك مما تحنث به قريش في الجاهلية والتحنث التبرر، وقال أبو طالب: وَرَاقٍ لَيْرقى في حِرَاءٍ وَنَازِل فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة يطعم من جاء من المساكين فإذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره من شهره ذلك كان أول ما يبدأ به إذا انصرف من جواره الكعبة قبل أن يدخل بيته فيطوف بها سبعًا أو ما شاء الله من ذلك، ثم يرجع إلى بيته حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله عز وجل فيه ما أراد من كرامته من السنة التي بعثه فيها، وذلك في شهر رمضان خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حراء كما كان يخرج لجواره معه أهله حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته ورحم العباد بها جاءه جبريل بأمر الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فجاءني وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب، فقال: اقرأ؟ ، فقلت: ما أقرأ، فغتني حتى ظننت أنه الموت، ثم أرسلني فقال: اقرأ؟ فقلت: ماذا أقرأ؟ ، وما أقول ذلك إلا افتدًاء منه أن يعود إلى بمثل ما صنع بي، قال:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} إلى قوله: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} ، قال: فقرأته قال ثم انتهى ثم انصرف عني وهببت من نومي وكأنما كتب في قلبي كتابًا.
قال ولم يكن من خلق الله أحد أبغض إلى من شاعر أو مجنون كنت لا أطيق أن أنظر إليهما قال قلت إن الأبعد يعنى نفسه لشاعر أو مجنون لا تحدث بها عني قريش أبدًا! لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها فلأستريحن قال فخرجت أريد ذلك حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتًا من السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل قال: فرفعت رأسي إلى السماء فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل قال فوقفت انظر إليه وشغلني ذلك عما أردت في أتقدم وما أتأخر وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فلا انظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك في زلت واقفًا ما أتقدم أمامي ولا أرجع ورائي حتى بعثت
خديجة رسلها في طلبي حتى بلغوا مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ثم انصرف عنى وانصرفت راجعًا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفا فقالت يا أبا القاسم أين كنت فوالله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا إلى قال قلت لها أن الأبعد لشاعر أو مجنون فقالت أعيذك بالله من ذلك يا أبا القاسم ما كان الله ليصنع ذلك بك ما أعلم منك من صدق حديثك وعظم أمانتك وحسن خلقك وصلة رحمك وما ذاك يا ابن عم لعلك رأيت شيئًا قال فقلت لها نعم ثم حدثتها بالذي رأيت فقالت أبشر يا ابن عم واثبت فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ثم قامت فجمعت عليها ثيابها ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل بن أسد وهو ابن عمها وكان ورقة قد تنصر وقرأ الكتب وسمع من أهل التوراة والإنجيل فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى وسمع فقال ورقة قدوس قدوس والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر يعنى بالناموس جبريل عليه السلام الذي كان يأتي موسى وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له فليثبت فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة فسهل ذلك عليه بعض ما هو فيه من الهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف صنع كما كان يصنع بدأ بالكعبة فطاف بها فلقيه ورقة ابن نوفل وهو يطوف بالبيت فقال يا ابن أخي أخبرني بما رأيت أو سمعت فأخبره رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له ورقة والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء إلى موسى ولتكذبنه ولتؤذينه ولتخرجنه ولتقاتلنه ولئن أنا أدركت ذلك لأنصرن الله نصرًا يعلمه ثم أدنى رأسه فقبل يافوخه ثم انصرف رسولى الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله وقد زاده ذلك من قول ورقة ثباتا وخفف عنه بعض ما كان فيه من الهم.
وهذه الرواية إسنادها مسلسل بالعلل ومتنها منكر لا يصح وإليك البيان: