الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التخويف بالضلال، الدال على العقوبة والنكال.
وأما لماذا لم يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول الأمر؟ فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يرى زينب للمرة الأولى، فهي بنت عمته، ولقد شاهدها منذ ولدت، وحتى أصبحت شابة، أي شاهدها مرات عديدة، فلم تكن رؤيته لها مفاجأة، كما تصور القصة الكاذبة! ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أي ميل نحو زينب رضي الله عنها لتقدم بزواجها، وقد كان هذا أملها، وأمل أخيها حين جاء صلى الله عليه وسلم يخطبها منه، فلما صرح لهما بزيد، أبيًا، فأنزل الله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36)} (الأحزاب: 36) فقالا: رضينا بأمر الله ورسوله، وكانت هذه الآية توطئة وتمهيدًا لما ستقرره الآيات التالية لها من حكم شرعي يجب على المؤمنين الانصياع له، وامتثاله والعمل به، وتقبّله بنفس راضية، وقلب مطمئن، وتسليم كامل. (1)
وخلاصة هذا الوجه أن زواجها من زيد كان بأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكان فيه توطئة لتحريم التبني لكي يكون البدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثالث: أن قولهم رآها فوقعت في قلبه أو أعجبته، إما أن يكون رآها قبل الدخول حالة الاستئذان، وإما أن يكون دخل وكلاهما باطل
.
أما الأول فلأنه صلى الله عليه وسلم علمنا أن للاستئذان آداب منها:
النهي عن أن يطلع الإنسان في دار قبل أن يستأذن. كما قال الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (النور: 27 - 28).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم، فقد حل
(1) رد الشبهات حول عصمة النبي صلى الله عليه وسلم لعماد الشربيني (صـ 256).
لهم أن يفقؤوا عينه" (1).
وعن أنس رضي الله عنه أن رجلًا اطّلع من بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم بمشقص أو بمشاقص (2)، فكأني أنظر إليه يختل (3) الرجل ليطعنه (4).
وأما أن يكون دخل بغير استئذان: حتى اطلع على أهل البيت وهي تغتسل كما في الرواية المكذوبة: فهذا أبطل من الأول، وكيف ذلك وهو الذي قال:"إياكم والدخول على النساء". فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: "الحموَ الموت". (5)
قال ابن حجر: قوله "إياكم والدخول" بالنصب على التحذير، وهو تنبيه المخاطب على محذور ليحترز عنه كما قيل: إياك والأسد، وتقدير الكلام: اتقوا أنفسكم أن تدخلوا على النساء، والنساء أن يدخلن عليكم، ووقع في رواية ابن وهب بلفظ "لا تدخلوا على النساء" وتضمن منع الدخول منع الخلوة بها بطريق الأولى: قوله: فقال: رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو، زاد ابن وهب في روايته عند مسلم سمعت الليث يقول: الحمو أخو الزوج، وما أشبهه من أقارب الزوج ابن العم ونحوه، ووقع عند الترمذي بعد تخريج الحديث قال الترمذي: يقال هو أخو الزوج كره له أن يخلو بها قال: ومعنى الحديث على نحوما ورد" لا يخلون رجل بامرأة؛ فإن ثالثهما الشيطان"(6).
وقال النووي: اتفق أهل العلم باللغة على أن الأحماء أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وأخيه وابن أخيه وابن عمه ونحوهم، وأن الأختان أقارب زوجة الرجل، وأن الأصهار
(1) رواه مسلم (2158).
(2)
(المشقص): بكسر الميم بعدها شين معجمة ساكنة وقاف مفتوحة: هو السهم له نصل عريض، وقيل: طويل. وقيل: هو النصل العريض نفسه. وقيل: الطويل.
(3)
(يختله): بكسر التاء المثناة فوق، أي: يخدعه ويراوغه.
(4)
أخرجه البخاري (5888).
(5)
أخرجه البخاري (4934).
(6)
رواه أحمد 1/ 26 (177) بلفظه، والبخاري (2844)، ومسلم (1341) بمعناه عن ابن عباس.