الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه ذلك، وهي قبل انقضاء وطره منها، قيد ذلك بقوله:{إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} أي: لا بد من فعله، ولا عائق له ولا مانع.
ويتلخص مما تقدم: أن زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بزينب الأسدية كان لغرض تشريعي، وغاية اجتماعية ألا وهي إبطال عادة التبنّي.
الوجه الثامن: بيان المعنى الصحيح لمتعلق الخشية، وما الذي أخفاه النبي صلى الله عليه وسلم
-.
وليس معنى الخشية هنا الخوف وإنما معناه الاستحياء أي يستحيى منهم أن يقولوا: تزوج زوجة ابنه، وأن خشيته صلى الله عليه وسلم من الناس كانت من إرجاف المنافقين واليهود وتشغيبهم على المسلمين بقولهم: تزوج زوجة ابنه بعد نهيه عن نكاح حلائل الأبناء كما كان؛ فعتبه الله على هذا، ونزهه عن الالتفات إليهم فيما أحله له. (1)
عن علي بن زيد بن جُدْعان قال: سألني علي بن الحسين ما يقول الحسن في قوله: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} فذكرت له فقال: لا ولكن الله أعلم نبيه أنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها، فلما أتاه زيد ليشكوها إليه قال:"اتق الله، وأمسك عليك زوجك". فقال: قد أخبرتك أني مُزَوّجكها، وتخفي في نفسك ما الله مبديه.
وقد أخرج بن أبي حاتم هذه القصة من طويق السدي فساقها سياقًا واضحًا حسنًا، ولفظه: بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش، وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يزوجها زيد بن حارثة مولاه فكرهت ذلك، ثم إنها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه، ثم أعلم الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بعد أنها من أزواجه؛ فكان يستحي أن يأمر بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب ما يكون من الناس، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عليه زوجه وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ويقولوا: تزوج امرأة ابنه وكان قد تبنى زيدًا (2).
(1) الشفا (2/ 190).
(2)
فتح الباري (8/ 523).