الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)} [الأعراف: 155 - 158].
نص الشبهة:
أولًا: إنا نعلم أن الخطاب في الآيات هو خطاب بين موسى وربه. ولا علاقة لمحمد صلى الله عليه وسلم به لا من قريب ولا من بعيد.
الرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول:
إن من يؤمن بالتوراة وبهداية موسى عليه السلام لا بد أن يؤمن بالإنجيل وبهداية المسيح عليه السلام، ومن يؤمن بالتوراة والإنجيل وبهداية موسى والمسيح لا بد أن يؤمن بالقرآن وبهداية محمد صلى الله عليه وسلم، فما من نبي إلا أُنزل عليه فرضية الإيمان بالنبي الذي يأتي بعده، وكلًا من موسى والمسيح عليهما السلام بشرا بمحمد صلى الله عليه وسلم. قال تعالى:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157].
قال علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس- رضي الله عنهما: ما بعث الله نبيا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بَعَث محمدًا وهو حَيّ ليؤمِنُنَّ به ولينصرُنَّه، وأمَرَه أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمِنُنَّ به ولينصرُنَّه (1).
فإن الله أمر موسى عليه السلام وقومه بأمرين: أولًا: أمر حاليِّ: وهو أن يتبعوا القواعد الشرعية في التوراة من: عقائد (كالإيمان بالله) وعبادات ومعاملات، ويشترط في ذلك اعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح.
ثانيًا: أمر مستقبليِّ: وهو بما سيحدث في المستقبل، بالإيمان بعلامات الساعة الصغرى (ومنها ظهور محمد صلى الله عليه وسلم) والكبرى (ومنها ظهور الدجال)، وبالإيمان بيوم القيامة وبالجنة والنار.
فكل ما في الأمور المستقبلية سوف يحدث في المستقبل القريب أو البعيد، فيوم القيامة لا يستطيع موسى عليه السلام وقومه تحديد وقته، وقد مضى الآن على موت موسى عليه السلام وقومه آلاف السنين، فلماذا أنزل الله على موسى عليه السلام اشتراط الإيمان بيوم القيامة؟
فإذا أجبت وقلت حتى يكون ذلك عقيدة عندهم، أقول لك فكذلك الله أمرهم بالإيمإن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم حتى تكون عقيدة عندهم، مع العلم بإمكان ظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم أثناء وجود موسى عليه السلام مع قومه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي". (2)
قال ابن كثير: في قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} أي: من أقام كتابه من أهل الكتب المنزلة على الأنبياء المتقدمين حق إقامته، آمن بما أرسلتك به يا محمد، كما قال تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} [المائدة: 66] قال: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: 68]، أي: إذا أقمتموها حق الإقامة، وآمنتم بها حَقَّ الإيمان، وصَدَّقتم ما فيها من الأخبار بمبدث محمد صلى الله عليه وسلم ونَعْتِه، وصفته
(1) جامع البيان عن تأويل أي القرآن (3/ 81 - آل عمران 81).
(2)
رواه أحمد (3/ 338)، قال الألباني: حديث حسن، إرواء الغليل (1589).