الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفضل للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن العباس كان على غير ملته آنذاك، رجع العباس رضي الله عنه إلى الحقيقة التي كان يفكر في تغيير القول بها وهي أنه صلى الله عليه وسلم أمي لا يكتب.
الشبهة الرابعة عشر
. عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت ليلة أسرى بي على باب الجنة مكتوبًا، الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر، فقلت: يا جبريل، ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ . قال: "لأن السائل يسأل وعنده، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة" (1). قالوا: والقدرة على القراءة فرع الكتابة:
للرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: ما استدلوا به لا يصلح للاحتجاج؛ لأن الحديث ضعيف جدًّا، وآفته خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: ضعيف مع كونه كان فقيهًا، وقد اتهمه يحيى بن معين، وسئل عنه أبو زرعة فقال: يروي أحاديث مناكير.
الوجه الثاني: ولئن صح الحديث، فليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم باشر القراءة بنفسه، بل واضحٌ من سياق الحديث أن جبريل عليه السلام كان بصحبته في الجنة.
الوجه الثالث: إن حادثة الإسراء والمعراج في جملتها أمرٌ خارق للعادة، لا يُقاس الواقع به، فكيف يتعجّب مع هذا الأمر الخارق العظيم أن يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم بضع كلمات مكتوبة على باب الجنّة؟ وإذا كانت القراءة تلك حاصلة منه في العالم العلويّ، وفي مشهد من مشاهد الآخرة - حيث رأى الجنة - فمن الذي قال إنه صلى الله عليه وسلم سيكون يوم القيامة على أُمِيّته! ! .
الشبهة الخامسة عشر:
حديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدجال ممسوح العين، مكتوب بين عينيه: كافر، ثم تهجاها: ك ف ر (2) ".
والرد على ذلك من وجوه:
(1) رواه ابن ماجه (2431)، والطبراني في الأوسط 6719، ومسند الشاميين (1614)، والبيهقي في شعب الإيمان (3566)، وأبو نعيم في الحلية 8/ 333: جميعًا عن خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن أنس بن مالك به. قال الألباني في السلسلة الضعيفة (3637): ضعيف جدا.
(2)
أخرجه البخاري (7131).
الوجه الأول: إن تهجّي الكلمات يشمل نوعين: تهجي الكلمات المسموعة، وهذا أمر يشترك فيه المتعلم والأميِّ على السواء، وتهجّي الكلمات المكتوبة، وهذا لا يقدر عليه إلا من كان يحسن القراءة، وإذا كان الأمر كذلك فليس في الحديث دلالة على معرفة النبي صلى الله عليه وسلم للقراءة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نطق الكلمة ثم تهجّاها.
الوجه الثاني: إن ما ذكره المستشرقون ومن تبعهم من محاولات للتشكيك في أمّيّة النبي صلى الله عليه وسلم لا يصمد أمام حقيقة هامة، وهي أن أهل مكة الذين عاشوا معه وعلموا أخباره، وعرفوا مدخله ومخرجه وصدقه ونزاهته، قد أقرّوا جميعًا بأميّته.
الوجه الثالث: اتخاذه صلى الله عليه وسلم كتبة للوحي دليل بارز على أميته؛ إذ لو لم يكن كذلك لكتب القرآن بنفسه فإن قيل: ذلك عسير عليه أن يكتبه بمفرده قلنا: لا عسر في ذلك فالقرآن نزل منجمًا في ثلاث وعشرين سنة، وكثير من الصحابة كتبوا مصاحف لخاصة أنفسهم، وإذا لم يتفرد بهذا فلا أقل من أن يقوم معاونًا للكتبة مشاركًا لهم؛ فإذا لم يفعل صلى الله عليه وسلم هذا مع توفر الدواعي إلى مثله، فقد دل على أنه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، وقد مضى أنه أرسل إلى زيد بن ثابت ليكتب له {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} .
الوجه الرابع: كان صلى الله عليه وسلم يعاجل جبريل بالقراءة عند نزوله عليه بالقرآن خشية أن يتفلت منه فضمن الله له الحفظ وأنزل عليه قوله: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)} (القيامة: 16 - 18). والشاهد أنه لو كان كاتبًا قارئا لما خشي ذلك؛ لأن عليه فقط أن يُدون ما نزل ليرجع إليه عند الحاجة؛ ولأن ذلك لم يحدث فقد دل على أنه أمي.
الوجه الخامس: في فداء أسرى بدر جعل النبي صلى الله عليه وسلم فداء الواحد منهم أن يعلم عشرة من أبناء المسلمين، وهذا تنبه منه صلى الله عليه وسلم إلى أهمية العلم، فنحن مطالبون به ديانة، وعليه فلو كان مجيدًا للقراءة والكتابة، لقام بتعليم الصحابة وأبناءهم ضرورة، أنه معلم الأمة؛ فإن قيل: كان من