الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35 [*]- شبهة: التبرك بوضوء النبي صلى الله عليه وسلم
-.
نص الشبهة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم مج في إناء وشرب منه بعض الصحابة. كأنهم يستقذرون ذلك.
والرد من وجوه:
الوجه الأول: الفهم الصحيح للحديث.
الوجه الثاني: أنَّ شخص النبي صلى الله عليه وسلم غير شخصنا.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: بيان معنى الحديث
.
عن أبي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بالْهَاجِرَةِ فَأُتِيَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأْ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَأْخُذُونَ مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهِ، فَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، فَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ (1).
وَقَالَ أَبُو مُوسَى رضي الله عنه: دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ ثُمَّ قَالَ لهما: "اشْرَبَا مِنْهُ وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا"(2).
وللحديث قصة: عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهوَ نَازِلٌ بِالجعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْرَابِيًا فَقَالَ أَلَا تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِي، فَقَالَ لَهُ:"أَبْشِرْ"، فَقَالَ: قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنْ أَبْشِرْ فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَبِلَالٍ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ، فَقَالَ: رَدَّ الْبُشْرَى فَاقْبَلَا أَنْتُمَا قَالَا: قَبِلْنَا ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: "اشْرَبَا مِنْهُ وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا، وَأَبْشِرَا" فَأَخَذَا الْقَدَحَ فَفَعَلَا فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ أَنْ أَفْضِلَا لِأُمِّكُمَا فَأَفْضَلَانِي مِنْهُ طَائِفَةً (3).
قال أبي حجر: (وَمَجَّ فِيهِ) أَيْ: صَبَّ مَا تَنَاوَلَهُ مِنْ الماء فِي الْإِنَاء، وَالْغَرَض بِذَلِكَ إِيجَاد
(1) البخاري (187).
(2)
البخاري (188)، مسلم (2497)، وأخرجه البخاري مسندًا (196).
(3)
البخاري (4328).
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع «34»
الْبَرَكَة بِرِيقِهِ المبَارَك (1).
قَوْله: (أَلَا تُنْجِز لِي مَا وَعَدْتنِي) يُحْتَمَل أَنَّ الْوَعْد كَانَ خَاصًّا بِهِ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون عَامًّا (2).
وَفِي الحدِيث مَنْقَبَة لِأَبِي عَامِر وَلأَبِي مُوسَى وَلبِلَالِ وَلأُمِّ سَلَمَة.
والمنقبة لمجرد أن شربوا من فضل ماء مج فيه صلى الله عليه وسلم.
وقال بدر الدين العيني: وإن كان المراد: أنَّهم كانوا يأخذون ما فضل من وضوئه في الإناء، فيكون المراد منه التبرك بذلك. وفي الحديث الدلالة على طهارة الماء المستعمل على الوجه الذي ذكرناه وفيه جواز مج الريق في الماء، قاله الكرماني.
قلت: هذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم، لأن لعابه أطيب من المسك ومن غيره يستقذر، ولهذا كره العلماء ذلك.
والنبي صلى الله عليه وسلم مقامه أعظم، وكانوا يتدافعون على نخامته، ويدلكون بها وجوههم، لبركتها وطيبها وخلوفه ما كان يشابه خلوف غيره، وذلك لمناجاته الملائكة فطيب الله نكهته، وخلوف فمه، وجميع رائحته (3).
وفي حديث عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ المسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ: (
…
ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَيْنَيْهِ قَالَ فَوَالله مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ ..... ) (4).
وعن السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إِنَّ ابْنَ أُخْتِي وَجِعٌ فَمَسَحَ رَأْسِي وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِثْلَ زِرِّ الْحَجَلَةِ (5).
(1) فتح الباري (1/ 354).
(2)
فتح الباري (8/ 56: 55).
(3)
عمدة القاري (3/ 75).
(4)
البخاري (2732، 2731).
(5)
البخاري (190).