الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد سجلت لنا السيدة خديجة شمائله التي طبعه الله تعالى عليها، حتى من قبل أن تأتيه الرسالة، فقالت له لما جاءه الوحي: والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. (1)
فكانت هذه خلاله صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه، فلما جاءه الوحي زادت نورًا وتلألؤًا وجلالًا، فصلى الله عليك يا من أرسلك ربك رحمة للعالمين.
وكان صلى الله عليه وسلم يوصي بالنساء قائلًا: "استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن خُلقن من ضلع أعوج"(2)؛ وبما ملكت الأيمان، فنجد آخر كلماته صلى الله عليه وسلم حين حضرته الوفاة:"الصلاة، وما ملكت أيمانكم، حتى جعل يغرغر بها صدره، وما يكاد يفيض بها لسانه."(3)
ومن رحمته خوفه على الأمة:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله تعالى في إبراهيم: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36)} [إبراهيم: 36]، وقول عيسى عليه السلام:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118)} [المائدة: 118] فرفع يديه قائلًا: "اللهم أمتي أمتي" وبكى، فقال الله عز وجل:"يا جبريل اذهب إلى محمد فسله: "ما يبكيك؟ " فأتاه جبريل فسأله، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بما قال، وهو أعلم، فقال الله تعالى: "يا جبريل اذهب إلى محمد فقل له: "إنا سنرضيك في أمتك ولن نسوؤك"(4).
كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم من وليَ من أمرِ أمتي شيئًا، فشقَّ عليهم، فاشقُق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا، فرفق بهم، فارفق به". (5)
الوجه الثالث: كيف كان رحمة للكافرين
؟
أولًا:
أنه صلى الله عليه وسلم كان رحمة في الدين وفي الدنيا، أما في الدين فلأنه صلى الله عليه وسلم بعث والناس في
(1) البخاري (3)، ومسلم (160).
(2)
البخاري (3331)، ومسلم (1468).
(3)
ابن ماجه (1625)، أحمد (6/ 316) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (2184، 2183).
(4)
مسلم (202).
(5)
مسلم (1828).