الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما الحرام فالممات دونه * والحل لا حل فأستبينه* فكيف بالأمر الذي تنوينه؟
ثم مضى إلى امرأته آمنة بنت وهب فكان معها، ثم ذكر الخثعمية وجمالها وما عرضت عليه، فأقبل إليها فلم ير منها من الإقبال عليه آخرًا كما رآه منها أولا، فقال: هل لك فيما قلت لي؟ فقالت: قد كان ذاك مرة، فاليوم لا، فذهبت مثلا، وقالت: أي شيء صنعت بعدي؟ قال: وقعت على زوجتي آمنة بنت وهب قالت: إني والله لست بصاحبة ريبة، ولكني رأيت نور النبوة في وجهك، فأردت أن يكون في وأبى الله إلا أن يجعله حيث جعله.
قال: وأخبرنا وهب بن جرير بن حازم، أخبرنا أبي، قال: سمعت أبا يزيد المدني، قال: نبئت أن عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على امرأة من خثعم فرأت بين عينيه نورًا ساطعًا إلى السماء، فقالت: هل لك في، قال: نعم حتى أرمي الجمرة، فأنطلق فرمى الجمرة ثم أتى امرأته آمنة بنت وهب ثم ذكر يعني الخثعمية فأتاها، فقالت: هل أتيت امرأة بعدي، قال: نعم امرأتي آمنة بنت وهب، قالت: فلا حاجة لي فيك أنك مررت وبين عينيك نور ساطع إلى السماء، فلما وقعت عليها ذهب، فأخبرها أنها قد حملت خير أهل الأرض. (1)
3 - تحقيق قول أم النبي صلى الله عليه وسلم (ما رأيت من حمل أخف علي منه):
قال ابن إسحاق في سيرته: حدثني جهم بن أبي جهم مولى لامرأة من بني تميم كانت عند الحارث بن حاطب فكان يقال مولى الحارث بن حاطب قال: حدثني من سمع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب يقول: حدثت عن حليمة ابنة الحارث أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته أنها
(1) أخرجها ابن إسحاق في السيرة (صـ 19)، والبيهقي في الدلائل (1 - 105) وهي تدور على الواقدي وهو متروك، وأيضا الكلبي محمد بن السائب متهم بالكذب وهو متروك، فالقصة من كل الوجوه لا تصح، فهي من نسج الكاذبين حكاية حول عبد الله أرادوا بها المبالغة بإضفاء طابع أسطوري على المولد النبوي، فادعوا أن بغيًا، ومرة امرأة مستبضعة، وثالثة كاهنة، ورابعة: زوجة ثانية لعبد الله دعت عبد الله إلى نفسها. .، وهذه الرواية منكرة سندًا ومتنًا، ومن يقرأ الروايات المختلفة عنها يدرك مدى الاختلاف والاضطراب في سياقها سواء في تعيين المرأة، إذ مرة هي خثعمية، وأخرى أسدية قرشية اسمها قتيلة، وثالثة هي عدوية اسمها ليلى، وكذلك في صفة عبد الله عندما التقته فمرة هو مطين الثياب وأخرى وهو في زينته؛ ومثل هذا الاختلاف لا تقوم به حجة. السيرة النبوية الصحيحة، أكرم ضياء العمري (1/ 94، 95).
قالت: قدمت مكة في نسوة من بني سعد بن بكر تلتمس بها الرضعاء، وفي سنة شهباء فقدمت على أتان لي قمراء كانت أذمت بالركب ومعي صبي لنا وشارف لنا، والله ما ننام ليلنا ذلك أجمع مع صبينا ذاك ما نجد في ثدي ما يغنيه، ولا في شارفنا ما يغذيه، فقدمنا مكة، فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قيل: إنه يتيم تركناه وقلنا: ماذا عسى أن تصنع لنا أمه؟ إنما نرجو المعروف من أبي الوليد، فأما أمه فما عسى أن تصنع إلينا؟ فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخدت رضيعًا غيري فلما لم أجد غيره قطت لزوجي الحارث بن العزى: والله إني أكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلأخدنه فقال: لا عليك، فذهبت تأخده فوالله ما أخدته إلا أني لم أجد غيره فما هو إلا أن أخدته فجئت به رحلي فأقبل عليه ثديي بما شاء من لبن، فشرب حتى روي، وشرب أخوه حتى روي، وقام صاحبي إلى شاتنا تلك؛ فإذا إنها لحافل فحلب ما شرب وشربت حتى روينا فبتنا بخير ليلة فقال صاحبي: يا حليمة والله إني لأراك قد أخدت نسمة مباركة، ألم تري إلى ما بتنا به الليلة من الخير حين أخذناه؟ فلم يزل الله يزيدنا خيرًا حتى خرجنا راجعين إلى بلادنا، فوالله لقطعت أتاني بالركب حتى ما يتعلق بها حمار، حتى أن صواحبي ليقلن: ويلك يا بنت أبي ذؤيب أهذه أتانك التي خرجت عليها معنا؟ فأقول نعم والله إنها لهي، فيقلن: والله إن لها لشأنا؛ حتى قدمنا أرض بني سعد وما أعلم أرضًا من أرض الله عز وجل أجدب منها؛ فإن كانت غنمي لتسرح ثم تروح شباعًا لبنًا فنحلب ما شئنا وما حولنا أحد تبض لها شاة بقطرة لبن، وإن أغنامهم لتروح جياعًا حتى أنهم ليقولون لرعيانهم: ويحكم انظروا حيث تسرح غنم أبي ذؤيب فأسرحوا معهم، فيسرحون مع غنمي حيث تسرح فيريحون أغنامهم جياعًا وما فيها قطرة لبن وتروح غنمي شباعًا لبنًا نحلب ما شئنا، فلم يزل الله عز وجل يرينا البركة ونتعرفها حتى بلغ سنتيه، وكان يشب شبابًا لا يشبه الغلمان، فوالله ما بلغ سنتيه حتى كان غلامًا جفرًا، فقدمنا به على أمه ونحن أضن شيء به مما رأينا فيه من البركة، فلما رأته أمه قلنا لها: يا ظئر دعينا نرجع ببنينا هذه السنة الأخرى فإنا نخشى عليه أوباء مكة فوالله ما زلنا بها حتى قالت: فنعم،