الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال مالك: بل هي للتخيير فيتخير الإمام في المحارب المسلم بين الأمور الثلاثة ورجح الطبري الأول. واختلفوا في المراد بالنفي في الآية فقال مالك والشافعي: يخرج من بلد الجناية إلى بلدة أخرى، زاد مالك فيحبس فيها.
وعن أبي حنيفة بل يحبس في بلده. وتعقب بأن الاستمرار في البلد ولو كان مع الحبس إقامة فهو ضد النفي فإن حقيقة النفي الإخراج من البلد وقد قرنت مفارقة الوطن بالقتل قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ} (النساء: 66) وحجة أبي حنيفة أنه لا يؤمن منه استمرار المحاربة في البلدة الأخرى فانفصل عنه مالك بأنه يحبس بها، وقال الشافعي: يكفيه مفارقة الوطن والعشيرة خذلانًا وذلًا. (1)
واختلف العلماء في معنى حديث العرنيين وبيانه في الوجوه التالية:
الوجه الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل بهم ذلك الأمر قصاصًا
.
ولذلك قال أنس رضي الله عنه: إِنَّمَا سَمَلَ النبي صلى الله عليه وسلم أَعْيُنَ أُولَئِكَ لأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ. (2)
فهؤلاء -كما قال أبو قلابة- قوم: سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله، وسعوا في الأرض فسادًا، وخوَّفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. (3)
ورجحه ابن بطال، (4) وابن الجوزي، (5) والنووي. (6)
الوجه الرابع: أنه منسوخ وحكن هذا قبل نزول الحدود وآية المحاربة والنهي عن المثلة
.
ورجحه كثير من العلماء منهم ابن دقيق العيد، (7) والطحاوي، (8) وأبو عبيد، (9) وابن قتيبة. (10)
(1) فتح الباري لابن حجر 12/ 130: 129 باختصار، شرح صحيح مسلم 6/ 170.
(2)
مسلم (1671).
(3)
البخاري (233، 3018، 4610)، مسلم (1671).
(4)
شرح صحيح البخارى لابن بطال 8/ 422.
(5)
فتح الباري 1/ 406.
(6)
شرح صحيح مسلم 6/ 171.
(7)
إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام 1/ 439.
(8)
شرح مشكل الآثار 12/ 69.
(9)
غريب الحديث 1/ 175.
(10)
تأويل مختلف الحديث 1/ 166.
قال ابن شاهين عقب حديث عمران بن حصين في النهي عن المثلة: هذا الحديث ناسخ لكل مثله كانت في الإسلام. (1)
قال ابن حجر: يدل عليه ما رواه البخاري في الجهاد من حديث أبي هريرة في النهي عن التعذيب بالنار بعد الإذن فيه. (2)
وقصة العرنيين قبل إسلام أبي هريرة وقد حضر الإذن ثم النهي.
وروى قتادة عن ابن سيرين أن قصتهم كانت قبل أن تنزل الحدود.
وإلى هذا مال البخاري، وحكاه إمام الحرمين في النهاية عن الشافعي. (3)
* * *
(1) ناسخ الحديث ومنسوخه 1/ 423.
(2)
يشير إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في بَعْثٍ، وَقَالَ لَنَا "إِنْ لَقِيتُمْ فُلانًا وَفُلانًا".-لِرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُمَا- فَحَرِّقُوهُمَا بِالنَّارِ. قَالَ ثُمَّ أَتَيْنَاهُ نُوَدِّعُهُ حِينَ أَرَدْنَا الْخُرُوجَ فَقَالَ "إني كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ تُحَرِّقُوا فُلانًا وَفُلانًا بِالنَّارِ، وَإِنَّ النَّارَ لا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا الله، فَإِنْ أَخَذْتُمُوهُمَا فَاقْتُلُوهُمَا" البخاري (2954).
(3)
فتح الباري 1/ 408 باختصار.