الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأوّل أخد المال على القرآن الكريم
المطلب الأوّل أخذ المال على تعلم (1) القرآن الكريم وتعليمه
اتفق العلماء على أن تعليم القرآن بغير أجرة هو من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله (2)، كما اتفق الفقهاء - رحمهم الله تعالى - على جواز أخذ الرزق من بيت المال (3) على تعليم القرآن الكريم، وذلك؛ لأنّ ما يؤخذ من بيت المال ليس بعوض بل رزق للإعانة على الطّاعة، ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة إلى الله تعالى، ولا يقدح في الإخلاص؛ لأنّه لو قدح في الإخلاص ما استحقت الغنائم، ولا سلب القاتل (4).
(1) ما يتعلّق بأخذ المال على تعلم القرآن والذي أعني به نفقة طالب العلم، سيأتي تفصيل القول في ذلك في مطلب:(أخذ المال على طلب العلم) في المبحث الثّاني من هذا الفصل.
(2)
مجموع الفتاوى لابن تيمية: 30/ 204، قال شيخ الإسلام:"أمّا تعليم القرآن والعلّم بغير أجرة فهو أفضل الأعمال وأحبها إلى الله، وهذا ممّا يعلم بالاضطرار من دين الإسلام، والصحابة والتابعون وتابعو التابعين وغيرهم من العلماء المشهورين عند الأُمَّة بالقرآن والحديث والفقه إنّما كانوا يعلّمون بغير أجرة ولم يكن فيهم من يعلّم بأجرة أصلًا".
(3)
ويلحق به الرزق من غير بيت المال، كالذي يؤخذ من الجمعيات الخيرية كجماعة تحفيظ القرآن وغيرها على ما سبق بيانه في التمهيد، راجع ص:31.
(4)
الاختيار للموصلّي 4/ 141، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 1/ 336، الفروق للقرافي 3/ 3 - 7، حاشية قليوبي على شرح المحلي على المنهاج 4/ 296، المغني لابن قدامة 8/ 137 - 139، كشاف القناع للبهوتي 4/ 12، مطالب أولي النهى للرحيباني 3/ 641 مجموع الفتاوى لابن تيمية 30/ 206.
ويلحق بالرزق في الجواز المال الموقوف على أعمال البرّ والموصى به والمنذور.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "
…
أمّا ما يؤخذ من بيت المال فليس عوضًا" وأجرة، بل رزق للإعانة على الطّاعة، وكذلك المال الموقوف على أعمال البرّ والموصى به، والمنذور كذلك ليس كالأجرة"(1).
أمّا أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم فقد اختلف الفقهاء في حكمه من حيث الجواز وعدمه على أقوال، أهمها ثلاثة:
القول الأوّل:
يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن للحاجة والضرورة، وبهذا قال متأخرو الحنفية، وهو الّذي عليه الفتوى (2)، وهو قول عند الحنابلة (3)، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (4).
القول الثّاني:
يجوز مطلقا أخذ الأجرة على تعليم القرآن الكريم، وهذا قول المالكية (5)،
(1) الاختيارات الفقهية لابن تيمية للبعلي، ص/ 153.
(2)
الهداية للمرغيناني مع شرحه فتح القدير 7/ 179، 180، تببين الحقائق للزيلعي 5/ 124، 125، حاشية ابن عابدين 1/ 263، 5/ 34، 35، رسائل ابن عابدين 1/ 161، قال ابن عابدين:"وقد اتفقت كلمتهم جميعًا في الشروح والفتاوى على التعليل بالضرورة، وهي خشية ضياع القرآن ".
(3)
الفروع لابن مفلح 4/ 435، الإنصاف للمرداوي 6/ 46، قال ابن مفلح: "ويحرم على أذان، وإمامة صلاة وتعليم قرآن
…
وذكر شيخنا وجهًا يجوز للحاجة".
(4)
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام 24/ 316، 30/ 207.
(5)
المدوّنة للإمام مالك 1/ 62، قال الإمام:"لا بأس بما يأخذ المعلم، اشترط ذلك أو لم يشترطه، وإن كلان اشترط على تعليم القرآن شيئًا معلومًا كان ذلك جائزًا ولم أر به بأسًا".
البيان والتحصيل لابن رشد 8/ 452، 453، الخرشي على خليل 7/ 17، حاشية الدسوقي 2/ 18.