الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د - الأدلة من المعقول:
الدّليل الأوّل:
قالوا: إنَّ القراءة مثل الصّلاة والصوم في كونها عبادة بدنية محضة، فكما لا تجوز الإجارة عليهما، لا تجوز على القراءة (1).
الدّليل الثّاني:
قالوا: الإجارة على التلاوة هنا عبارة عن بيع الثّواب، وهو معدوم وبيع المعدوم باطل، ولو سلّم وجود الثّواب، فإنّه ليس بمال، ولو سلم أنّه مال فليس بمقدور التسليم (2).
الترجيح:
بعد ذكر الأقوال وعرض أدلة كلّ قول مفصلة، يتبين بوضوح رجحان القول الأوّل القاضي بمنع الاستئجار على تلاوة القرآن الكريم للأموات، وذلك بما يأتي: أوَّلًا: قوة ما استدل به أصحاب هذا القول، حيث جاءت أدلتهم في معظمها صريحة وواضحة في الدلالة على المطلوب، وكانت في معظمها سالمة من المناقشة.
ثانيًا: ضعف ما استدل به أصحاب القول الثّاني، حيث أمكن مناقشتها جميعًا بما يضعف من دلالتها، أو يخرجها عن دلالتها بالكلية، فالأدلة من السُّنَّة، إنّما هي صريحة في الرقية والمداواة لا في تلاوة القرآن للأموات، والأدلة من العقول ضعيفة أمكن الجواب عنها فضلًا عن أنّها جاءت مخالفة ومعارضة للأدلة من الكتاب والسُّنَّة الّتي استدل بها أصحاب القول الأوّل.
(1) رسائل ابن عابدين 1/ 182.
(2)
المرجع السابق.
ثالثًا: أن ممّا يضعف هذا القول تنصيص العلماء على كون الاستئجار على التلاوة بدعة وأمر محدث لم يقل به أحد من الأئمة المعتبرين (1).
قال ابن عابدين: "والإجارة في ذلك باطلة وهي بدعة لم يفعلها أحد من الخلفاء"(2).
قال ابن القيم رحمه الله: "ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم أن يجتمع للعزاء ويقرأ له - للميت - القرآن لا عند قبره، ولا غيره، وكل هذا بدعة حادثة مكروهة"(3).
(1) حاشية ابن عابدين 5/ 35، مسائل الإمام أحمد لابن هانئ 1/ 190، الاختيارات الفقهية لابن تيمية ص: 152، زاد المعاد لابن القيم 1/ 527.
(2)
حاشية ابن عابدين 5/ 35، نقلًا عن خير الدِّين الرملي الحنفي (ت: 1081 ص).
(3)
زاد المعاد لابن القيم 1/ 527.