الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثّاني أخذ المال على الكفالة
(1)
المراد بالكفالة هنا هي الكفالة بالنفس (2)، وهي -كما تقدّم- أحد نوعي الكفالة أو الضمان عند الفقهاء بمعناه العام.
والكفالة أحد عقود التوثيق المهمة وهي أوسع من الضمان المالي؛ لأنَّ الضمان المالي يمتنع منه كثير من النَّاس، بخلاف كفالة النفس (3).
والكفالة عقد تبرع وإرفاق وإحسان ومعروف، والكلام في الكفالة كالكلام في عقد الضمان المالي من حيث عدم جواز أخذ الأجرة أو الجعل عليها.
وقد تقدّم نقل الإجماع وذكر الأدلة الأخرى الدالة على المنع من أخذ العوض على الكفالة والضمان، حيث إنَّ العلماء لم يفرقوا بين الضمان والكفالة في ذلك بل
(1) الكفالة في اللُّغة: الضمان والالتزام.
والكفالة مصدر كفل، يقال: كفل كفالة: إذا التزم، والكفالة: تكون بالمال وبالنفس، يقال كفلت بالمال وبالنفس كفلًا، وكفل بالرجل كفلًا وكفاله: ضمنه.
والكفيل: الضامن، والجمع كفلاء، وكُفّل.
انظر: المصباح المنير للفيومي ص: 536، مادة (كفل)، القاموس المحيط، مادة:(كفل) ص: 1361، لسان العرب، مادة (كفل) 11/ 590.
(2)
الكفالة في الاصطلاح: جاء تعريف الكفالة في الاصطلاح عند الفقهاء على وجهين:
الأوّل: الكفالة بمعناها العام الشامل لكفالة المال وكفالة النفس ومن ذلك ما عرفها به الحنفية قالوا: "هي ضم ذمة الكفيل إلى ذمة الأصيل في المطالب بنفس أو دين أو عين".
الدر المختار مع حاشية ابن عابدين 4/ 249.
الثّاني: الكفالة بمعناها الخاص: وهو كفالة النفس فقط دون كفالة المال، ومن ذلك ما عرفها به الحنابلة، فقالوا:"هي التزام رشيد إحضار من عليه حق مالي لربه".
الروض المربع مع حاشية ابن قاسم 5/ 108.
(3)
حاشية ابن قاسم على الروض المربع 5/ 108.
جاءت عباراتهم عامة شاملة للضمان بمعناه العام الشامل لكفالة النفس أو البدن، أو للكفالة بمعناها العام الشامل للكفالة بالمال والكفالة بالنفس (1).
والكفالة بالنفس وإن كان لا يتعلّق بها التزام مالي في الأصل (2) فلا تؤول إلى قرض وعليه فإنّه ينتفي محذور الرِّبَا، إِلَّا أنّها تبقى من عقود التبرع والإحسان فلا يجوز الاعتياض عنها بمال (3).
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الكفالة بالنفس قد تؤول إلى الضمان المالي ويغرم فيها الكفيل ما على المكفول من الدِّين، وذلك إذا فرط في إحضار المكفول إلى المكفول له في الوقت العين وفي الموضع المتفق عليه أو في موضع يتمكن فيه صاحب الحق من إحضاره إلى مجلس القضاء ليستوفي حقه، وهذا هو المقصود من عقد الكفالة.
وممن ذهب إلى أن الكفيل يغرم إذا قصر في ذلك: المالكية (4) وهو قول عند الشّافعيّة (5)، وهو المذهب عند الحنابلة (6).
وفي هذه الحالة يكون لا فرق بين الكفالة والضمان من حيث النتيجة إذ تؤول إلى قرض فإذا أخذ الأجرة على كفالته كان القرض سلف وزيادة فيكون ربا فلا يجوز حينئذ أخذ الأجرة على الكفالة.
(1) الهداية للمرغيناني 5/ 391، شرح فتح القدير لابن الهمام 5/ 391، الدر المختار مع حاشية ابن عابدين 4/ 249، شرح حدود ابن عرفة للرصاع 2/ 427، التاج والإكليل للمواق 5/ 111، الإقناع للشربيني مع حاشية البجيرمي 3/ 95، نهاية المحتاج للرملي 4/ 432، المغني لابن قدامة 6/ 441، شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/ 225.
(2)
لأنّها كما هو ظاهر التزام بإحضار نفس المكفول إلى رب الدِّين كما تقدّم في تعريفها.
(3)
شرح فتح القدير لابن الهمام 5/ 389، 406، التاج والإكليل للمواق 5/ 111، نهاية المحتاج للرملي 4/ 438 مطالب أولى النّهي 3/ 300.
(4)
التاج والإكليل للمواق 5/ 105، حاشية الدسوقي 3/ 345.
(5)
نهاية المحتاج للرملي 4/ 452.
(6)
كشاف القناع للبهوتي 3/ 362.