الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثّانية: أخذ المال على تلاوة القرأن الكريم على الأموات
الفرع الأوّل حكم وصول ثواب تلاوة القرآن للأموات
تلاوة القرآن الكريم من أجل القرب إلى الله تعالى، فإذا قرأه الإنسان لنفسه، تقربًا إلى الله تعالى، فإن الله يجزيه على ذلك الثّواب الجزيل، في الآخرة، ويرى المسلم بركة ذلك في الدنيا.
فإذا أراد الإنسان أن يهدي ثواب قراءته إلى أحد الأموات، فهل يصله ذلك الثّواب؟ أم أنّه لا يصل؟ وإذا ثبت أنّه يصل فهل يجوز الاستئجار على تلاوة القرآن الكريم، بغرض إيصال ثواب تلك القراءة إلى الميِّت؟ أم لا؟
من هنا يتضح أن مسألة الإجارة على تلاوة القرآن الكريم مرتبطة ارتباطا قويًا بمسالة وصول ثواب القراءة إلى الأموات، وعلى هذا فإن الأمر يستلزم بحث هذه المسألةُ أوَّلًا ثمّ يعقب ذلك بحث مسألة الاستئجار على التلاوة؛ لأنّها متفرعة عنها كما هو ظاهر، فإن الذين قالوا بعدم وصول الثّواب قالوا بعدم جواز الاستئجار، وسيأتي تفصيل ذلك في محله، وعلى هذا أقول:
إذا قرأ المسلم القرآن ثمّ أهدى ثواب قراءته إلى الميِّت فهل يصل هذا الثّواب أم لا؟ اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
القول الأوّل:
أن قراءة القرآن يصل ثوابها إلى الميِّت.
وبهذا قال الحنفية (1)، قال المرغيناني (2):"الأصل في هذا الباب، أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاةً أو صومًا، أو صدقةً، أو غيرها (3)، عند أهل السُّنَّة والجماعة"(4).
ويهذا القول قال بعض المالكية، وهو ما عليه المتأخرون منهم (5)، قال أبو الوليد ابن رشد:"وإن قرأ الرَّجل ووهب ثواب قراءته لميت، جاز ذلك وحصل للميت أجره، ووصل إليه نفعه إن شاء الله"(6).
وبه قال بعض الشّافعيّة (7)، قال الإمام النووي: "وأمّا قراءة القرآن فالمشهور من مذهب الشّافعيّ أنّه لا يصل ثوابها إلى الميِّت، وقال بعض أصحابه يصل ثوابها
(1) الهداية شرح البداية للمرغيناني مع شرحه فتح القدير 2/ 308، شرح فتح القدير لابن الهمام 2/ 308، حاشية الطحطاوي على الدر المختار 1/ 545، حاشية ابن عابدين 1/ 605.
(2)
هو: على بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني، أبو الحسن برهان الدِّين المرغيناني، نسبة إلى مرغينان من نواحي فرغانة، أحد أئمة الحنفية، بلغ رتبة الاجتهاد في المذهب، وله فيه مؤلفات كثيرة منها: بداية المبتدي، الهداية شرح البداية، شرح الهداية، توفي سنة 593 هـ.
انظر: الجواهر المضية للقرشي 2/ 627، 628، تاج التراجم لابن قطلوبغا، ص:148.
(3)
قال ابن الهمام: (كتلاوة القرآن والأذكار): شرح فتح القدير 2/ 308.
(4)
الهداية شرح البداية 2/ 308.
(5)
فتاوى ابن رشد الجد 3/ 1446، الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقى 1/ 423، 2/ 10، حاشية البناني على الزرقاني 2/ 106، منح الجليل لعلّيش 7/ 499، قال الدردير في الشرح الكبير 1/ 423:"لكن المتأخرون على أنّه لا بأس بقراءة القرآن وجعل ثوابه للميت، ويحصل له الأجر إن شاء الله".
(6)
فتاوى ابن رشد 3/ 1446.
(7)
شرح النووي على مسلم 1/ 90، حاشية قليوبى على شرح المحلي 3/ 175، 176، مغني المحتاج للشربيني 3/ 69، 70.