الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لهم، والمال المنذور، فكل ذلك في معنى الرزق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وأمّا ما يؤخذ من بيت المال فليس عوضًا وأجرة بل رزق للإعانة على الطّاعة، فمن عمل منهم لله أثيب، وما يأخذ من رزق للمعونة على الطّاعة، وكذلك المال الموقوف على أعمال البرّ، والموصى به كذلك، والمنذور كذلك ليس كالأجرة"(1).
النوع الثّاني: الزَّكاة
اتفق الفقهاء رحمهم الله تعالى على جواز إعطاء طالب العلم من الزَّكاة، وقد صرّح بهذا فقهاء الحنفية (2) والمالكية (3) والشّافعيّة (4) والحنابلة (5)، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (6).
قال علاء الدِّين الحصفكي (7): "وطالب العلم يجوز له أخذ الزَّكاة ولو غنيًا إذا
(1) الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية للبعلي، ص:153.
(2)
شرح فتح القدير لابن الهمام 2/ 15، 27، الدر المختار للحصفكي مع حاشية ابن عابدين 2/ 59، 682، 3/ 280، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح، ص: 592، حاشية ابن عابدين 2/ 59، مجمع الأنّهر شرح ملتقى الأبحر 1/ 220.
(3)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1/ 497، 498، وقد نقل الدسوقي ذلك عن جمع من المالكية، إِلَّا أنّهم اتفقوا على تقييد ذلك بما إذا كان الطالب قد منع حقه من بيت المال.
(4)
المجموع للنووي 6/ 190.
(5)
شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/ 425، كشاف القناع للبهوتي 2/ 273.
(6)
الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية للبعلي، ص:105.
(7)
هو: محمَّد بن علي بن محمَّد، الحصني، المعروف بعلاء الدِّين الحصفكي، الفقيه الحنفي، ولد بدمشق سنة 1025 هـ، رحل في طلب العلم إلى الرملة ثمّ القدس ثمّ مكّة والمدينة ثمّ رجع إلى دمشق، له مؤلفات كثيرة منها: الدر المختار في شرح تنوير الأبصار للتمرتاشي، الدر المنتفى شرح ملتقى الأبحر، شرح قطر الندى في النحو، وغيرها، توفي سنة 1088 هـ بدمشق.
انظر: خلاصة الأثر للمحبي 4/ 63، الأعلام للزركلي 6/ 294.
فرغ نفسه لإفادة العلم واستفادته، لعجزه عن الكسب والحاجة داعية إلى ما لا بد منه" (1).
قال الدسوقي: "لا تعطى الزَّكاة للعالم والمفتي والقاضي إِلَّا أن يُمنعوا حقهم من بيت المال، وإلَّا جاز لهم الأخذ بوصف الفقر، أمّا الغني فلا يجوز له الأخذ، وقال اللخمي وابن رشد: إذا منعوا من بيت المال جاز لهم أخذ الزَّكاة مطلقًا سواء أكانوا فقراء أم كانوا أغنياء بالأولى من الأصناف المذكورة في الآية"(2).
وقال النوويّ: "ولو قدر على كسب يليق بحاله إِلَّا أنّه مشتغل بتحصيل بعض العلوم الشرعية، بحيث لو أقبل على الكسب لانقطع عن التحصيل، حلت له الزَّكاة؛ لأنَّ تحصيل العلم فرض كفاية"(3).
وقال البهوتي: "وإن تفرغ قادر على الكسب تفرغًا كليًا للعلّم الشرعي .. وتعذر الجمع بين التكسب والاشتغال بالعلّم أعطي من الزَّكاة لحاجته .. ويجوز أخذه ما يحتاج إليه من كتب العلم الّتي لا بد لمصلحة دينه ودنياه منها"(4).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومن ليس معه ما يشتري به كتبًا يشتغل فيها بعلم الدِّين، يجوز له الأخذ من الزَّكاة ما يشتري له به ما يحتاج إليه من كتب
(1) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين 2/ 59.
تنبيه: أخذ طالب العلم من الزَّكاة مع الغنى، يأتي بحثه في مسألة مستقلة.
(2)
حاشية الدسوقي 1/ 497، 498.
(3)
المجموع للنووي 6/ 190.
(4)
شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/ 425.
العلم الّتي لا بد لتعلم دينه ودنياه منها" (1).
فالذي يظهر من كلام العلماء السابق أن طالب العلم يأخذ من الزَّكاة وإن كان قادرًا على الكسب ببدنه؛ لأنّه لو أقبل على التكسب لنفسه انقطع عن تحصيل العلم وإفادته فيضعف الدِّين لعدم من يتحمله (2).
ولكن بقيت هنا مسألة وهي:
هل يجوز لطالب العلم الأخذ من الزَّكاة مع الغنى؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأوّل:
لا يجوز لطالب العلم الأخذ من الزَّكاة مع الغنى.
وإلى هذا ذهب جمهور العلماء، فقد قال به بعض الحنفية وهو الأوجه عندهم (3). وبه قال بعض المالكية، وهو الراجح عندهم (4).
وهو قول الشّافعيّة (5) والحنابلة (6).
القول الثّاني:
يجوز لطالب العلم الأخذ من الزَّكاة مع الغنى.
(1) الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية للبعلي، ص:105.
(2)
قلت: ولعلّ كلام العلماء هنا متوجه إلى من تعلّق تكسبه ببدنه وتعذر عليه الجمع بين طلب العلم والتكسب، أمّا من كان يملك عقارًا أو شركة أو مصنعًا مثلًا يدر عليه دخلًا يغنيه ولا يتطلب ذلك منه مجهودًا بدنيًا يقطعه عن الطلب لتمكنه من إدارته بوكيله أو مديره، فإنّه حينئذ لا يجوز له الأخذ من الزَّكاة لانتفاء العلّة، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
(3)
حاشية ابن عابدين 2/ 59.
(4)
حاشية الدسوقي 1/ 497، 498.
(5)
المجموع للنووي 6/ 190.
(6)
شرح منتهى الإرادات للبهوتي 2/ 425.