الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه الاستدلال:
دلّ الحديث على حل الزَّكاة للغارم لمصلحة غيره، وهو الغارم لإصلاح ذات البين، فيأخذ مقدار ما تحمله من الزَّكاة وإن كان غنيًا.
وإعطاء المتحمل لإصلاح ذات البين أو الغارم لمصلحة الغير هو مذهب جمهور العلماء من المالكية (1) والشّافعيّة (2) والحنابلة (3).
وقد استدلوا لمذهبهم بما تقدّم ذكره من أدلة.
وخالف الحنفية في ذلك فقالوا: إنَّ المتحمل لا يعطي من الزَّكاة إِلَّا إنَّ كان لا يملك نصابًا، فاضلًا عن دينه كغيره من المدينين (4).
وقد استدلوا لمذهبهم بما يأتي:
حديث معاذ حين بعثه النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال له: (فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)(5).
وجه الاستدلال:
دلّ الحديث على أن الزَّكاة لا تعطى إِلَّا للفقراء وهم من لا يملكون مائتي درهم.
مناقشة الاستدلال:
أوَّلًا: أن ذكر الفقراء في الحديث إنّما خرج مخرج الغالب؛ لأنّهم أكثر من تدفع إليهم الصَّدقة، وحقهم آكد من غيرهم (6).
(1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8/ 184، وانظر: الشرح الكبير لشمس الدِّين ابن قدامة 2/ 704.
(2)
المهذب للشيرازي 1/ 172، روضة الطالبين 2/ 318.
(3)
المغني لابن قدامة 9/ 324، الشرح الكبير لشمس الدِّين ابن قدامة 2/ 704.
(4)
الهداية للمرغيناني 2/ 17، العناية على الهداية للبابرتي 2/ 17.
(5)
الحديث متفق عليه، وتقدم تخريجه ص 481 مبحث الزَّكاة.
(6)
سبل السّلام للصنعاني 2/ 244.
ثانيًا: أن هذا الحديث عام مخصوص (1)، والذي خصصه قوله صلى الله عليه وسلم:(لا تحل الصَّدقة لغني إِلَّا لخمسة وذكر منها: الغارم)(2).
ثالثًا: أن حصر ذلك في الفقراء فقط فيه إبطال لحق باقي الأصناف المنصوص عليها في آية الصدقات (3).
رابعًا: أن الغارم لإصلاح ذات البين، إنّما يوثق بضمانه، إذا كان مليئًا ولا ملاءة مع الفقر (4).
خامسًا: أن الغارم لمصلحة الغير يأخذ من الزَّكاة لحاجتنا إليه أشبه العامل والمؤلِّف (5).
وعليه فإن الراجح هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن الغارم لإصلاح ذات البين يعطى من الزَّكاة قدر حمالته لوجود النص الصحيح الصريح في ذلك وهو حديث قبيصة المتقدم، والله تعالى أعلم.
(1) الشرح الكبير لشمس الدِّين ابن قدامة 2/ 704.
(2)
تقدّم تخريجه ص 261 مبحث الزَّكاة.
(3)
الشرح الكبير 2/ 704.
(4)
المرجع السابق.
(5)
المرجع السابق.