الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثّاني: أن هذا قياس لا يصح؛ لأنّ حكم الأصل المقيس عليه، مختلف فيه، ومن شروط صحة القياس أن يكون حكم الأصل متفق عليه بين الخصمين، كما تقدّم بيان ذلك (1).
الدّليل الثّاني:
وهذا الدّليل عبارة عن توجيه للحالات الأربع الّتي ذكرها الشّافعيّة آنفًا وتعليل لصحة الاستئجار على القراءة للميت، قالوا: إنَّ موضع قراءة القرآن بركة وبه تنزل الرّحمة، فإذا قرأ عند القبر حصل النفع للميت في قبره، فإذا حصل النفع صحت الإجارة على التلاوة. وأمّا الدُّعاء بعدها، فإنّه أقرب للإجابة وأكثر بركة، وهذا ينفع الميت، فإذا حصل النفع صحت الإجارة.
وأمّا القراءة بحضرة المستأجر أو استحضاره بقلبه حالة القراءة، فإن ذلك سبب لشمول الرّحمة للمستأجر، إذا تنزلت على قلب القاري، وبهذا يحصل النفع للمستأجر، وإذا حصل النفع له صحت الإجارة (2).
وحاصل هذا الدّليل، أن الميِّت يحصل له نفع القراءة وبركتها، فإذا حصل له نفع القراءة جاز الاستئجار عليها.
مناقشة الاستدلال:
نوقش هذا الدّليل بأن الّذي يصل للميت هو ثواب القراءة، وليس مجرد الانتفاع ببركتها، فإذا قرأ الإنسان القرآن وأهدى ثواب قراءته للميت وصله ذلك إذا كان يقرأ بدون أجرة بأن كان يقرأ محتسبًا؛ لأنّ القاري إذا قرأ لأجل الأجرة فلا ثواب له على قراته، وإذا لم يكن في قراته ثواب، فلا يصل إلي الميِّت شيء وعليه فلا تصح الإجارة على القراءة (3).
(1) تقدّم بيان ذلك، ص 179.
(2)
روضة الطالبين للنووي 5/ 191، نهاية المحتاج للرملي 5/ 293، حاشية قليوبي 6/ 158 إعانة الطالبين للبكري 3/ 112.
(3)
مجموع الفتاوى لابن تيمية 24/ 316، النكت والفوائد السنية على المحرر لابن مفلح 1/ 209.