الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأوّل أخذ المال على الإمامة العظمى (نفقة الإمام)
الإمامة العظمى (1) هي أجل منصب وأرفع ولاية بعد النبوة، وكان من نعم الله على هذه الأُمَّة، أن ندب لها زعيمًا، خلف به النبوة، وحاط به الملة، وفوض إليه السياسة، ليصدر التّدبير عن دين مشروع، وتجتمع الكلمة على رأي متبوع، فكانت الإمامة أصلًا عليه استقرت قواعد الملة، وانتظمت به مصالحع الأُمَّة (2).
وقد أجمعت الأُمَّة على وجوب عقد الإمامة، وأجمعوا كذلك على أن طاعة الإمام الواجب إمامته، فرض في كلّ أمر ما لم يكن معصية وأن القتال دونه فرض، وخدمته فيما أمر به واجبة، وأحكامه وأحكام من ولاّه نافذة، وعزل من عزل نافذ (3).
(1) الإمامة في اللُّغة:
الإمامة: مصدر أمّ القوم وأمّ بهم: إذا تقدمهم، والإمام: ما ائتم به من رئيس وغيره، والإمام: الّذي يقتدى به، والجمع: أئمة، يقال: فلان إمام القوم معناه: هو المتقدم لهم، ويكون الإمام رئيسًا كقولك: إمام المسلمين، والإمام: الخليفة.
مختار الصحاح للرازي ص: 26، لسان العرب لابن منظور 12/ 24 - 26، المصباح المنير للفيومي 1/ 23، القاموس المحيط للفيروزآبادي ص:1392.
وأمّا الإمامة في الاصطلاح:
فقد عرّفها الفقهاء بأنّها: "رئاسة عامة في الدِّين والدنيا خلافة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم"، وقيل هي:"استحقاق تصرف عام على الأنام"، وقيل هي: خلافة عن صاحب الشّرع في حراسة الدِّين وسياسة الدنيا به". حاشية ابن عابدين 1/ 268، نهاية المحتاج للرملي 7/ 409، مقدمة تاريخ ابن خلدون ص:239. والتعريف الأوّل أرجح لخلوه من الاعتراضات.
(2)
الأحكام السلطانية للماوردي ص: 3.
(3)
مراتب الإجماع لابن حزم ص 124، شرح النووي على مسلم 12/ 305.
والإمام هو العامل الأوّل في مصلحة المسلمين، ولذا فإن الفقهاء قد بينوا كلّ ما يتعلّق به من أحكام ومن ذلك ما يستحقه من نفقة لنفسه وعياله من بيت المال وبيان ذلك على النحو التالي:
اتفق الصّحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من العلماء على أن الإمام تجب له النفقة لنفسه ولعياله ومن يمونه بالمعروف من بيت المال (1).
قال الإمام السرخسي: "وتجب للإمام نفقته في بيت المال قدر ما يغنيه يفرض له ذلك"(2).
وقال الدردير: "وله: أي الإمام، النفقة من بيت المال على نفسه وعياله بالمعروف"(3).
وقال الإمام النوويّ: "وكذا الإمام يأخذ لنفسه ما يليق به من الخيل والغلمان والدار الواسعة"(4).
وقال الإمام البغوي: "يجوز للوالي أن يأخذ من بيت المال قدر كفايته من النفقة والكسوة لنفسه، ولمن يلزمه نفقته، يتخذ منه مسكنًا وخادمًا"(5).
وقد استدل الفقهاء على هذا الاتفاق بما يأتي:
(1) الأصل لمحمد بن الحسن 2/ 182، المبسوط للسرخسي 3/ 19، عقد الجواهر لابن شاش 2/ 823، جواهر الإكليل للآبي 1/ 260، روضة الطالبين للنووي 11/ 137، مغني المحتاج للشربيني 4/ 390، المغني لابن قدامة 4/ 9 - 10، شرح منتهى الإرادات 3/ 462، مجموع الفتاوى لابن تيمية 28/ 286، 287، 566، 576، فتح الباري لابن حجر 4/ 357.
(2)
المبسوط للسرخسي 3/ 19.
(3)
الشرح الصغير للدردير 2/ 295.
(4)
روضة الطالبين 11/ 137.
(5)
شرح السُّنَّة للبغوي 10/ 86.