الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العوض عليها (1).
ب - أدلتهم من المعقول:
الدّليل الأوّل:
قالوا: إنَّ الشّهادة لا يجوز أخذ العوض عليها مطلقًا سواءً أكانت فرض كفاية أم فرض عين، أمّا إذا كانت فرض كفاية فلأنّه إذا أخذ العوض عليها تلحقه التهمة بذلك (2)، ثمّ إنَّ فرض الكفاية إذا قام به البعض وقع منه فرضًا فلا يجوز أخذ الأجرة عليه كصلاة الجنازة (3).
وأمّا إذا كانت الشّهادة فرض عين عليه، فلا يجوزكذلك أخذ الأجرة عليها، كسائر فروض الأعيان (4).
الدّليل الثّاني:
قالوا: إنَّ الشّهادة كلام يسير لا أجرة لمثله، فلا يجوز أخذ الأجرة عليها (5).
الدّليل الثّالث:
قالوا: إنَّ الشّاهد إذا امتنع من الشّهادة إِلَّا بعوض، فإن ذلك يكون جرح قادح في شهادته؛ لأنّه معصية؛ لأنّه رشوة أخذها في نظيرما وجب عليه (6).
الترجيح:
بعد عرض الأقوال، وذكر الأدلة لكل قول وما ورد عليها من مناقشات فالذي يظهر هو رجحان القول الأوّل القائل بعدم جواز أخذ الأجرة على الشّهادة مطلقًا وذلك لما يأتي:
(1) فتح القدير للشوكاني 5/ 241، المغني لابن قدامة 14/ 138.
(2)
المهذب للشيرازي 2/ 224.
(3)
كشاف القناع للبهوتي 6/ 404.
(4)
المهذب للشيرازي 2/ 224، المغني لابن قدامة 14/ 138.
(5)
روضة الطالبين للنووي 11/ 275.
(6)
الشرح الكبير للدردير 4/ 199.
أوَّلًا: قوة ما استدل به أصحاب هذا القول وبخاصة الأدلة من القرآن الكريم، فهي تدل على وجوب أداء الشّهادة، وأن يكون ذلك قربة إلى الله تعالى، قال الإمام الشوكاني:"هذا أمر للشهود بأن يأتوا بما شاهدوا به تقربًا إلى الله"(1).
إذن فالشهادة واجبة إمّا على الكفاية فإذا أتى بها الشّاهد تغنيت عليه، أو تكون واجبة على الأعيان من الأصل، وفي كلّ من الحالين فهي من القرب إلى الله تعالى، وعليه فلا يجوز أخذ الأجرة عليها.
ثانيًا: أن ما ذكره أصحاب الأقوال الأخرى من الأدلة أمكن مناقشتها وإخراجها عن دلالتها.
ثالثًا: أن هذا القول لا يردّ عليه اعتراضات كما ورد على الأقوال الأخرى، فإن قول من قال بالجواز للحاجة، يمكن دفعه، بما حصل الاتفاق عليه من جواز النفقة للشاهد، فإن بها تندفع الحاجة.
وأمّا بقية الأقوال الأخرى فمدارها على الجواز إذا كانت الشّهادة فرض كفاية، وهذا يندفع بما إذا قام بها الشّاهد، فإنها تصبح حينئذ فرض عين، وفي هذه الحالة لا يجوز أخذه أجرة عليها بالاتفاق. والله تعالى أعلم.
(1) فتح القدير للشوكاني 5/ 241.