الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثّاني أخذ المال على الضمان والكفالة
المطلب الأوّل أخد المال على الضمان
(1)
المراد بالضمان هنا عقد الضمان المالي أو الكفالة بالمال (2)، وهو أحد عقود التوثيق الّتي لها أهمية كبرى في حياة النَّاس ومعاملاتهم.
وقد اعتنى الفقهاء قديمًا بهذا العقد، وخصوه بباب في مؤلفاتهم الفقهية، وحرروا مسائله وأحكامه على نحو محكم متين (3).
(1) الضمان في اللُّغة:
يطلق الضمان في اللُّغة على عدة معان:
الأوّل: الالتزام: يقال ضمنت المال وبه ضمانًا، فأنا ضامن وضمن: التزمته، ويعدّى بالتضعيف، فيقال: ضمّنته المال: ألزمته إياه.
الثّاني: الكفالة: يقال: ضمن الشيء ضمانًا، فهو ضامن وضمين إذا كفله.
الثّالث: التغريم: يقال: ضمنته الشيء تضمينًا: إذا غرَّمته فالتزمه.
المصباح المنير ص: 364، القاموس المحيط 4/ 156، لسان العرب 13/ 257.
(2)
مصطلح الضمان في الأصل يراد به عند الفقهاء أمران:
الأمر الأوّل: الالتزام الناشء من أحد لضمان دين على غيره.
الأمر الثّاني: الإلزام بالتعويض عن الإتلافات والأضرار ونحو ذلك، والمراد بالبحث هنا هو الأوّل، وهو الضمان المالي أو الكفالة بالمال:
الضمان في الفقه الإِسلامي للشيخ علي الخفيف ص: 5 وما بعدها، عقد الضمان المالي للدكتور عبد الرّحمن الأطرم ص:7.
(3)
بالنظر في دواوين الفقه نجد أن الفقهاء قد تنوعت إطلاقاتهم في هذا الباب، فمنهم من يطلق على هذا الباب مصطلح (الكفالة) وهو يشمل الكفالة بالمال والكفالة بالبدن. ومنهم من يطلق عليه مصطلح (الضمان) وهو كذلك شامل لضمان المال وضمان النفس، ومنهم من يفرق، فيجعل مصطلح (الضمان) خاص بالضمان المالي فقط، ومصطلح (الكفالة) خاص بكفالة البدن فقط، وعلى كلّ فهو اختلاف في مجرد الاصطلاح ولا مشاحة في ذلك.
بدائع الصنائع 6/ 2، مواهب الجليل للحطاب 5/ 96، نهاية المحتاج للرملي 4/ 432 الروض المربع للبهوتي 5/ 97، 108.
وعقد الضمان (1)، أحد عقود الإرفاق والمعروف والإحسان والتبرع يقصد به ثواب الله تعالى، ورفع الضيق والحرج عن المسلم (2)، وهذا شأن الضامن (3) دائمًا، وما عليه إِلَّا إخلاص النية لله تعالى.
(1) الضمان في الاصطلاح:
للفقهاء في تعريف الضمان ثلاث اتجاهات تبعًا للأثر المترتب عليه:
الاتجاه الأوّل: يرى أصحاب هذا الاتجاه أن الضمان ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في الدِّين، فتنشغل به ذمة الضامن مع بقائه في ذمة المضمون عنه، وهذا مذهب الجمهور من المالكية والشّافعيّة والحنابلة ومن تعريفاتهم:
أن الضمان هو: "ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الدِّين".
الاتجاه الثّاني: يرى أن الضامن تشغل ذمته بالدين كله، ويسقط عن المضمون عنه فلا تحل مطالبته بعد ذلك.
وإلى هذا ذهب ابن حزم، ولذا فإنّه قد عرّف الضمان بأنّه:"نقل الدِّين من ذمة إلى أخرى".
الاتجاه الثّالث: يرى أصحابه أن الضمان ضم ذمة إلى أخرى في المطالبة فقط -مجرد المطالبة- لا في تحمل الدِّين، وهذا ما ذهب إليه الحنفية على الصحيح من مذهبهم، ولذا فقد عرفوا الضمان بأنّه:"ضم ذمة إلى أخرى في المطالبة".
والصّحيح من التعريفات هو ما ذهب إليه الجمهور وهم أصحاب الاتجاه الأوّل؛ لموافقته للأدلة الشرعية وتوسطه بين أصحاب الاتجاهين الآخرين:
الهداية للمرغيناني 5/ 389، الشرح الكبير للدردير مع حاشية الدسوقي 3/ 329، الإقناع للشربينى مع حاشية البجيرمي 3/ 95، المغني لابن قدامة 7/ 71، المحلى لابن حزم 8/ 111.
(2)
شرح فتح القدير لابن الهمام 5/ 389، 403، التاج والإكليل للمواق 5/ 111، الأم للشافعي 3/ 230.
(3)
الضامن هو أحد أركان الضمان الخمسة وهي:
الأوّل: الضامن: وهو ملتزم الحقال في على غيره.
الثّاني: المضمون عنه: وهو الّذي عليه الحق.
الثّالث: المضمون له: وهو صاحب الحق.
الرّابع: المضمون: وهو الحقال في كان سببًا في الضمان.
الخامس: الصيفة: وهي ما يدلُّ على الرضا بالتزام الحق.