الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب - التخريج الفقهي للاعتماد المستندي:
توجد في الاعتمادات المستندية ثلاث علاقات:
1 -
علاقة بين المصرف والآمر وهو طالب فتح الاعتماد وهو العميل المستورد.
2 -
علاقة بين المصرف والمستفيد من فتح الاعتماد هو البائع وتتمثل في التزام البنك بدفع المبلغ (ثمن البضاعة) له.
3 -
علاقة بين المستفيد والآمر من أجل صفقة البيع.
وبين هؤلاء الثّلاثة عدة عقود مرتبطة بعضها ببعض وهي:
1 -
عقد بيع بين البائع المستفيد وبين المشتري العميل.
2 -
عقد ضمان التزم فيه البنك التزامًا خاصًا للبائع المستفيد بدفع مبلغ معين من
أجل الصفقة عند وصول الوثائق اللازمة مستوفية للشروط.
3 -
عقد وكالة من المشتري للمصرف لقيامه عنه بإجراءات معينة تتعلّق بإتمام الصفقة.
وهذه العقود كلّ منها جائز في نفسه، ولا مانع من تعددها لعدم التضارب بين خواصها وآثارها، بل بعضها يخدم بعضًا، ويساعد على الانجاز بسهولة في أقرب وقت ممكن (1).
جـ - أخذ العوض على إصدار خطاب الاعتماد المستندي:
ذهب البعض إلى التفريق بين خطاب الاعتماد المغطى وغير المغطى فإذا كان الاعتماد مغطى غطاءً كاملًا، بأن قام المشتري بدفع ثمن البضاعة كاملًا للبنك، ففي هذه الحالة يكون البنك مجرد وكيل عن المشتري، فما يأخذه البنك من عمولة، تعد أجرًا أو جعلًا عن وكالته لا عن كفالته.
(1) مجلة البحوث الإِسلامية 8/ 145 - 146.
وإن كان الاعتماد غير مغطى كليًا أو جزئيًا، فإن المصرف في هذه الحالة يعد كفيلًا وضامنًا فإذا أخذ عمولة على ضمانه فإن ذلك لا يجوز كما تقدّم في خطاب الضمان (1).
وذهبت اللجنة الدائمة للإفتاء إلى أن الاعتماد المستندي قد اقترن به عدة أمور لكل أمر حكمه، منها:
1 -
دفع المستورد فائدة للمصرف الوسيط لما دفعه عنه للمصدر من الثّمن، وهو ربا واضح (2).
قلت: وهذا في حالة تأخر المشتري عن دفع ثمن البضاعة وقيام البنك بدفع الثّمن للبائع (المستفيد) وذلك بناء على التزامه بذلك كما في خطاب الاعتماد، ففي هذه الحالة يكون البنك مقرضًا للمشتري وأخذه للفائدة على القرض ربا واضح لا خلاف فيه.
2 -
ما يدفعه المستورد للبنك من عمولة لضمان المصرف وفي إباحتها نظر.
قلت: توقف اللجنة الدائمة في إباحة عمولة الضمان له ما يبرره؛ لأنَّ خطاب الاعتماد المستندي إذا لم يكن مغطى بثمن البضاعة كاملًا فإنّه في هذه الحالة لا يجوز دفع العمولة للبنك على خطاب الاعتماد؛ لأنَّ البنك ضامن والضمان لا يجوز أخذ العوض عليه كما تقدّم وإذا كان مغطى كاملًا ففي هذه الحالة ذهب البعض كما تقدّم إلى أن العلّاقة حينئذ بين البنك والعميل هي علاقة وكالة وأخذ العوض أو الأجر على الوكالة جائز.
(1) الكفالة للسالوس ص 160، الرِّبَا والمعاملات المصرفية للمترك ص:402.
(2)
مجلة البحوث الإِسلامية 8/ 146، وقد ذكرت اللجنة الدائمة للإفتاء هذه الأمور وقرنت كلّ أمر بحكمه الشرعى.
أمّا إذا كان الاعتماد له غطاء جزئي فالتفصيل كما تقدّم في خطاب الضمان أنّه يكون في الجزء المغطى عقد وكالة وفي غير المغطى عقد كفالة فيجوز أخذ العوض على الجزء المغطى دون الجزء غير المغطى، فلعلّه في ظل هذا التفصيل لم تبت اللجنة في ذلك، بخلاف خطاب الضمان فإنهم منعوا أخذ العوض على خطاب الضمان دون تفصيل بين المغطى وغير المغطى.
3 -
دفع مقابل التّأمين على البضاعة من المخاطر أو التزام ذلك وقد يقال بتحريمه لما فيه من المغامرة وأكل المال بالباطل.
4 -
دفع المستورد أجرة للمصرف مقابل ما يقوم به من خدمات وإجراءات تتعلّق بالبضاعة وهو جائز إنَّ لم يتخذ ستارًا للربا، وإلا امتنع.
5 -
بيع المصرف البضاعة المشتراه قبل قبضها ليستوفي منها دينه على المشتري إذا امتنع من تسلمها، وهذا محرم مطلقًا أو إذا كانت البضاعة طعامًا للأحاديث الواردة في ذلك.
ثمّ خلصت اللجنة الدائمة للإفتاء إلى الحكم التالي:
"فإذا ثبت تحريم ما ذكر أو بعضه فالاعتمادات المستندية محرّمة لما لابسها لا لذاتها، وهل يعود ذلك التّحريم على العقد بالفساد أو يبطل الشرط الملابس للعقد ويمضي العقد، هذا محلّ نظر وموضع اجتهاد اختلفت في مثله آراء الفقهاء وعلماء الأصول"(1).
(1) مجلة البحوث الإِسلامية 8/ 147.