الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث كيفَ يعيّن حكم الفعل الصادر عنه صلى الله عليه وسلم بالنسبة إليه خاصّة
قدمنا في المبحث السابق أن الأفعال التي تصدر عنه صلى الله عليه وسلم إما أن تكون واجبة عليه، أو مندوبة، أو مباحة. وقد يفعل المكروه لبيان الجواز. وأنه على قول بعض الأصوليين قد يفعل ما نهاه الله تعالى عنه خطأ، أو نسياناً، أو تعمداً للصغائر، ولكنه عبد جميعهم لا يُقرّ على ما ترتب عليه من ذلك شيء من التشريع، بل يصحّح له لكي تتم عصمة الشريعة.
فانحصرت أفعاله التشريعية التي أقر عليها في الواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه الذي يفعله لبيان الجواز، ولكنه في حقه جائز بل ربما كان واجباً.
وغرضنا في هذا المبحث الذي نحن فيه أن نتعّرف الطرق التي بها يتعيّن لدينا حكم فعله صلى الله عليه وسلم، إذ إن ذلك التعيين أساس لاستفادة الحكم من الفعل في حق الأمة، كما يأتي في الفصول التالية إن شاء الله.
المطلب الأول تعيين الواجب من أفعاله صلى الله عليه وسلم
يتعين الواجب من أفعاله صلى الله عليه وسلم بأمور:
الأول: القول، بأن ينص النبي صلى الله عليه وسلم بالقول على أن ما فعله واجب عليه.
الثاني: أن يكون الفعل قد ورد مورد البيان لقول دالٍّ على الوجوب.
ومثاله فعله صلى الله عليه وسلم لأعداد الركعات في الصلوات المكتوبات، هو بيان لقوله تعالى:{وأقيموا الصلاة} (1). وسئل صلى الله عليه وسلم عن أوقات الصلوات المفروضة، فقال للسائل:"صلِّ معنا هذين اليومين". فبيّن بفعله أول الوقت وآخره".
وشبيه بذلك أن يقع الفعل امتثالاً لآية دالة على الوجوب، فيعلم أنه واجب. ومثاله صوم شهر رمضان، فإنه واجب، لأنه امتثال لقوله تعالى:{فمن شهد منكم الشهر فليصمه} .
الثالث: أن يكون موافقاً لفعل نذَره. كما لو قال صلى الله عليه وسلم: "إن هزم الله العدوّ غدا فله عليَّ أن أصوم يوم كذا، فصامه على إثر هزيمة العدو، فيعلم أن ذلك وقع وفاءً للنذر"(2). وقد قال الزركشي: "أن يقع (الفعل) جزاءَ شرط، كفعل ما وجب بالنذر إن قلنا إن النذر غير مكروه"(3).
الرابع: التسوية بين الفعل وفعل آخر في حكمهما (4)، بأن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً، ثم يقول: هذا الفعل مثل الفعل الفلاني، وقد علم حكم هذا الفعل الآخر.
ولو خُيِّر صلى الله عليه وسلم بين فعلين، أحدهما قد عُلم أنه واجب، فالآخر مثله، لأن التخيير يقتضي التسوية (5)، إذ لا يمكن التخيير بين الواجب وما ليس بواجب.
الخامس: أن يكون وقوعه مع أمارة قد تقرر في الشريعة أنها أمارة للوجوب، كالصلاة بأذان وإقامة (6). فلم يعهد في الشريعة الأذان والإقامة لصلاة غير واجبة.
(1) الجصاص: أصوله. مخطوط. ق. 210 أ. وابن حزم: الإحكام ص 138
(2)
الأسنوي: نهاية السول 2/ 63 وأبو شامة: المحقق 35 أ.
(3)
البحر المحيط 2/ 351 ب.
(4)
ابن السبكي: جمع الجوامع 2/ 98
(5)
البيضاوي: منهاج الأصول، وشرحه نهاية السول للأسنوي 2/ 61، أبو شامة: المحقق ق 35 أ.
(6)
أبو شامة: المحقق ق 35 أ. ابن السبكي: جمع الجوامع 2/ 98
السادس: قال بعض الأصوليين: أن يكون الفعل لو لم يكن واجباً لكان ممنوعاً (1)، كالركوع الثاني في صلاة الكسوف (2). فإنه لو زيد في الصلاة ركوع قصداً، ولم يكن من أركانها، كصلاة الظهر، فإنها تبطل، فلما زيد في صلاة الكسوف ركوع قصداً، كان ذلك الركوع واجباً، لا يجوز الإخلال به.
ومثاله أيضاً: سجود السهو، فإنه لو لم يكن واجباً لما جاز.
قال الأسنوي (3) بعد ذكره هذه القاعدة: "هكذا ذكر (الرازي) في المحصول، وتبعه على ذلك من بعده" أقول: بل قد سبق إلى تقرير هذه القاعدة القاضي عبد الجبار، كما في المغني (4)، وخصّ ذلك بالعبادات، قال:"لو أنه صلى الله عليه وسلم تعمّد فعلاً لو لم نجعله شرعياً لكان منهياً عنه في العبادة، فيجب أن يعلم أنه من شرائط تلك العبادة، نحو ما روي أنه صلى الله عليه وسلم ركع ركوعين في صلاة الكسوف".
وتقرير الدليل: أن الفعل. كالختان مثلاً، هو ممنوع منه بحسب الأصل، لأنه نوع من الجراح، وقد ورد النهي عن دم الغير بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام". فلا يجوز ارتكاب هذا التحريم إلا بأمر ملزم. وهو الوجوب.
فدار هذا الفعل بين الوجوب والتحريم لا غير. وحين فعله النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أنه ليس محرماً، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يفعل المحرم، فلم يبق إلا أنه واجب، وهو المطلوب.
ومن جهة أخرى: يلزم لإجراء عملية الختان كشف العورة، وذلك محرم، والمحرّم لا يجوز ارتكابه إلاّ لواجب (5).
(1) ذكر ذلك السيوطي في الأشباه والنظائر (ص 148)، وجعله قاعدة فقهية بعنوان (الواجب لا يترك لسنة) و (جواز ما لو لم يشرع لم يجز، دليل على وجوبه).
(2)
أبو شامة: المحقق ق 35 أ، ابن السبكي: جمع الجوامع 2/ 98 أبو الحسين البصري: المعتمد ص 386
(3)
التمهيد ص 134
(4)
17/ 272
(5)
انظر تقرير المسألة والاستدلال فيها في المجموع للنووي في فصل الختان من الجزء الأول.
وعندي في هذا الاستدلال نظر، فإن الفعل إذا كان مستحباً أو مباحاً، فقد خرج أيضاً عن المنع، ولو كان في الأصل منهياً عنه، فإن نقيض الحرمة رفع الحرج، وذلك صادق على كل من الوجوب والندب والإباحة، بل والكراهة كما تقدم. فبكلٍّ منها يخرج الفعل عن الحظر.
وحاصله أننا نمنع وجود فعل دائر بين الوجوب والحرمة. ومن قال به طالبناه بأن يبيّن حده لنناقشه فيه.
وأيضاً؛ فإن كثيراً من الصور في الشريعة خارجة عن هذه القاعدة. فمن المستحبّات ختان النساء، بل وختان الرجال على قول، وسجود التلاوة أثناء الصلاة، وإشعار الهدي، ورفع اليدين على التوالي في تكبيرات العيد، بل والقيام الثاني والركوع الثاني في صلاة الكسوف عند بعضهم على ما ذكره النووي في المجموع، ونقله عن الكثيرين أنه مستحب (1)، وسجود السهو أيضاً عند الشافعية، وبعض الرخص كالقصر والفطر للمسافر، والفطر للمريض.
ومن المباحات أكل المضطّر الميتة، أو مال الغير، وحلق الشعر للمحرم المريض، والجمع بين الصلاتين عند العذر، وذبح البهائم، والصيد بالجوارح. وذكر السيوطي أيضاً النظر إلى المخطوبة، والمكاتبة، وقتل الحية في الصلاة، وغير ذلك مما لا يكاد يحصى.
وقد ذكر الزركشيّ في البحر المحيط أن هذه المسألة أخذت عن ابن سريج في إيجاب الختان. وأشار إلى عدم استقامتها، ثم قال:"وتنتقض هذه القاعدة بصور كثيرة، منها سجود السهو، وسجود التلاوة في الصلاة، فإنه ممنوع منه، ولما جاز لم يجب"(2).
وقال الأسنوي أيضاً: "وهو منتقض بصور كثيرة"(3).
(1) الأسنوي: التمهيد ص 134
(2)
2/ 152 أ.
(3)
نهاية السول 2/ 63
وأراد المحلِّي أن يصححها، ويجعل ما خرج عنها موقوفاً على الدليل، وذلك حيث يقول:"وقد يتخلف الوجوب عن هنه الأمارة لدليل، كما في سجود السهو وسجود التلاوة"(1).
وعندي في قوله هذا نظر، إذ الشأن في صحة القاعدة أولاً، وذلك ما يحتاج إلى إثبات.
وأيضاً فاعتبار الصور الخارجة عن القاعدة نقضاً لها، كما قال الزركشي، هو الصواب.
وثالثاً: لو كانت هذه القاعدة صواباً، فإنها تقتضي وجوب سجود التلاوة، وتكبيرات العيد، وختان النساء، وإشعار الهدي، ولم يرد دليل يمنع الوجوب، فلم لا يقولون به؟ وإن ادعوا وجود دليل مانع، فما هو؟.
السابع: أن يكون الفعل قضاء لواجب، فيعلم أنه واجب (2)، لأنه قد عهد في الشريعة أن قضاء الواجب حيث شرع، فهو واجب. ومثاله قضاء النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح، بعدما خرجوا من الوادي الذي ناموا فيه عن الصلاة (3).
الثامن: وقال به بعض المالكية: أن يقضي العبادة إذا خرج وقتها دون أداء، أو فُعلت في الوقت على فساد: فيعلم بذلك أن العبادة المقضيّة واجبة، إذ أن غير الواجب لا يقضى (4).
ومثاله: أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا غلبه عن قيام الليل نوم أو وجع صلّى في النهار اثنتي عشرة ركعة"(5) فيعلم أنه كان يصلي قيام الليل على جهة الوجوب.
(1) شرح جمع الجوامع 2/ 98
(2)
الأسنوي: نهاية السول 2/ 63.
(3)
أبو شامة: المحقق ق 35 أ.
(4)
القرافي: شرح تنقيح الفصول ص 128. وفي الأصل الذي نقلنا منه قوله: "و (يستدل) بالقضاء على عدم الوجوب. هذا على مذهب مالك أن النوافل لا تقضي" وواضح أن كلمة (عدم) في هذا النص قد دخلت خطأ من الناسخ، أو هي سبق قلم من القرافي، كما لا يخفى.
(5)
ذكره في نيل الأوطار في مباحث الوتر.
ومثال آخر: قضاؤه صلى الله عليه وسلم لعمرة الحديبية، التي أحصر عنها. فقد عاد في السنة التالية واعتمر، وسميت عمرة القضاء. فيدل على أن عمرة الحديبية كانت واجبة. والمراد أنها وجبت بالدخول فيها.
والصواب أن هذا النوع ليس دليلاً على وجوب المقضي، لأن دعواهم أن غير الواجب لا يقضى، دعوى مردودة، لما ثبت في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قضى الركعتين اللتين بعد الظهر، قضاهما بعد العصر (1).
وعند الجماعة، إلاّ البخاري، عنه صلى الله عليه وسلم:"من نام عن حزبه من الليل، أو عن شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل". وهذا حث على قضاء ما رتّبه المسلم لنفسه من الأذكار. فالصلاة والصوم ونحوهما أولى. والذي عند الشافعية استحباب قضاء السنن الرواتب.
ولو قيل في هذه الأمارة: ما وجب قضاؤه واجب لكان صواباً. ومنه وجوب قضاء حج التطوع، يدل على أنه وجب بالشروع. وقد أشار إلى ذلك السرخسي (2).
التاسع: ذكره الزركشي في البحر المحيط: أن يداوم صلى الله عليه وسلم على الفعل مع عدم ما يدل على عدم الوجوب. قال: "لأنه لو كان غير واجب لأخلَّ به"(3) وذكره أيضاً صاحب مسلم الثبوت وصاحب تيسير التحرير (4).
وقد وضّح ذلك ابن تيمية حين قال في الاستدلال على وجوب الطمأنينة في الصلاة: "إن مداومته صلى الله عليه وسلم على ذلك في كل صلاة كل يوم، مع كثرة الصلوات، من أقوى الأدلة على وجوب ذلك، إذ لو كان غير واجب لتركه ولو مرة واحدة ليبيّن الجواز، أو لبيّن جواز تركه بقوله، فلما لم يبين -لا بقوله ولا بفعله- جواز ترك ذلك، كان ذلك دليلاً على وجوبه"(5).
(1) نيل الأوطار 3/ 29، 30 وفيه أن عند أحمد في رواية أنه صلى الله عليه وسلم سئل: انقضيهما إذا فاتتا، قال:"لا". قال الشوكاني: قال البيهقي: وهي رواية ضعيفة.
(2)
أصول السرخسي 1/ 116
(3)
ق 252 أ
(4)
3/ 127
(5)
القواعد النورانية الفقهية ص52
وعندي في هذا نظر. فقد كان صلى الله عليه وسلم يحافظ على الرواتب فلا يخلّ بها، بل:"كان عمله ديمة"(1). وكان يقول: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ"(2). وكان يقضي ما فاته من النوافل المرتبة، كالركعتين اللتين بعد الظهر، قضاهما بعد العصر لما شُغِل عنهما.
وما ذكره ابن تيمية منتقض بقراءة سورة بعد الفاتحة. لم يبين صلى الله عليه وسلم عدم وجوبها قولاً، ولا نُقِل أنه تركها ولو مرة واحدة فيما نعلم. وأما حديث:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"(3) فيدل على الركنية، ولا يدل على جواز ترك ما عدا الفاتحة. ومع ذلك، فإن قراءة سورةٍ بعد الفاتحة ليس بواجب، بلا خلاف (4). ومثل السورة كثير غيرها من أفعال الصلاة المستحبة، كالجهر في الجهرية، وبعض هيئات الركوع والسجود، ورفع اليدين، وغير ذلك. ولم يرتَضِ الأنصاري شارحُ مسلّم الثبوت القولَ بأن المواظبة مع عدم الترك دليل الوجوب عند الحنفية. ونقض ذلك بما هو معلوم عندهم من سنية صلاة الجماعة، والأذان، والإقامة، وصلاة الكسوف، والخطبة الثانية في الجمعة، والترتيب والموالاة في الوضوء، والمضمضة، والاستنشاق، وغير ذلك مما ثبتت فيه المواظبة من غير ترك، مع عدم تبيين سنّيّتها، بل ثبت عدم الترك. فيعلم أن المواظبة ليست دليل الوجوب عندهم (5).
وأما قول ابن تيمية: "إنه لو كان غير واجب لتركه ولو مرة، أو بين عدم وجوبه بالقول" فإن هذا يلزم لو كان هناك ما يجعل هذا النوع من الفعل دالاًّ على الوجوب، وفيه الخلاف. كيف وقد قال الكثيرون ومنهم الظاهرية والحنفية "إن الوجوب لا يؤخذ من الفعل" فيكفي ذلك للدلالة على عدم الوجوب، فلا يلزم البيان بعد ذلك بالقول ولا بالفعل. والله أعلى وأعلم.
(1) رواه البخاري: كتاب الصوم ب 64 ومسلم 6/ 73
(2)
البخاري 4/ 235 ومسلم.
(3)
رواه الشيخان (الفتح الكبير).
(4)
ابن قدامة: المغني 1/ 491
(5)
فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت 2/ 180
وبهذا يتبين أن الفعل النبوي لا يخرج بالداومة عليه عن أن يكون فعلاً مجرداً.
العاشر: ونقله الزركشي عن الصيرفي: "أن يفعل صلى الله عليه وسلم بين المتداعِيَينْ فعلاً على سبيل الجبر. فيعلم أنه واجب. قال: وكذلك ما أخذه من مال رجل وأعطاه لآخر. فيعلم أن ذلك الأخذ واجب"(1).
وقال الجصاص: "ما فعله صلى الله عليه وسلم من استخراج حقٍّ من رجل لغيره، ومن عقوبة رجل على فعل كان منه، فهذا على الوجوب، لأن ذلك لا يجوز على جهة الإباحة والندب"(2). قال صلى الله عليه وسلم: "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام"(3). وقال الله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} (4).
ولهذا النوع شبّه بالنوع السادس المتقدم، إلا أن هذا في القضاء والأمور التنفيذية خاصة.
والزركشي ذكر النوعين كليهما.
والذي نقوله في هذا النوع، إنه لا يدل على وجوب الفعل عل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يدل على أن من أوقعت به العقوبة، أو أُخذ منه المال، مستحقٌّ لذلك، وأنه قد وجب عليه. فلا يدل ذلك على وجوب القضاء أو التنفيذ.
وقد قال الله تعالى: {فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تُعرض عنهم فلن يضروك شيئاً} (5) فلو جاءه أهل الكتاب، ليحكم بينهم، وقد جاؤوه فعلاً فحكم بينهم ورجم الزانيين، فلا يدلّ ذلك على أن الحكم بينهم والتنفيذ كان واجباً عليه، بنصّ الآية المذكورة.
ونظير ذلك وليّ الدم في جناية العمد، له أن يقتص، فإذا اقتصّ لم يصح
(1) البحر المحيط 2/ 251 ب
(2)
أصول الجصاص. 210 أ
(3)
مسلم وأبو داود (الفتح الكبير)
(4)
سورة البقرة: 188، والنساء: 29
(5)
سورة المائدة: آية 42
القول إنه كان واجباً عليه الاقتصاص، بل يقال: إن القصاص كان حقّاً له واجباً على الجاني أن يستسلم له.
والحاصل أنه صلى الله عليه وسلم إذا أخذ المال أو عاقب، وكان ذلك جائزاً له أو مندوباً، صح، وخرج بذلك عن الحرمة، فلا يلزم أن يكون واجباً عليه صلى الله عليه وسلم.
فذكر هذا النوع في هذا الموضع (وهو مبحث حكم فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة إليه) ليس صواباً. وإنما ينبغي أن يذكر في مباحث الحكم المستفاد من الفعل في حق الأمة. ونحن سنذكره هناك إن شاء الله في مبحث الفعل المتعدي.