المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول تعيين الواجب من أفعاله صلى الله عليه وسلم - أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية - جـ ١

[محمد سليمان الأشقر]

فهرس الكتاب

- ‌فاتِحَة القَول

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول السنّة فى اللغة وفي الاصطلاح

- ‌السنة" في الاصطلاح:

- ‌المبحث الثاني حجية السنّة إجمالاً

- ‌القرآنيون:

- ‌الحديثيون:

- ‌أدلة حجية السنة النبوية:

- ‌1 - من القرآن:

- ‌2 - من السنة:

- ‌3 - دلالة الإجماع:

- ‌أنواع الحديث النبوي من جهة دلالته على الأحكام:

- ‌منزلة السنة من القرآن:

- ‌مجالات خدمة السنة الشريفة للقرآن العظيم:

- ‌المبحث الثالث تحديد المهمات النبويّة وبيان دور الأفعال النبوية في أدائها على الوجه الأكمل

- ‌دور الأفعال:

- ‌طرائق التعليم:

- ‌أولاً: طريقة الاستماع للقول:

- ‌الطريقة الثانية للتعلّم: مشاهدة الفعل لأجل الاقتداء به:

- ‌الأفعال النبوية كوسيلة بيانية وتعليمية مشاهدة:

- ‌هل كان محمد صلى الله عليه وسلم مثلاً أعلى:

- ‌الطريقة الثالثة للتعليم:

- ‌المبحث الرابع تقسيم السّنن النَّبَويَّة إلى قوليَّة وفعليَّة صريحة وغير صريحة

- ‌تعريف الفعل:

- ‌فعل غيره بأمره صلى الله عليه وسلم:

- ‌تقسيم الفعل إلى صريح وغير صريح:

- ‌ما يعبّر عنه بالفعل وهو قول:

- ‌انقسام السنن الفعلية إلى صريحة وغير صريحة:

- ‌مرتبة مباحث الأفعال من علم الأصول:

- ‌مشتملات مباحث الأفعال:

- ‌تصنيف الأفعال كقَسِيمٍ لسائر الأدلّة:

- ‌المبحث الخامس الأفعال النَّبَويَّة في التآليف الحديثية والأصُوليّة

- ‌مظان التعرّف على الأفعال النبوية:

- ‌الأفعال النبوية في الدراسات الأصوليّة:

- ‌الباب الأول الأفعال الصريحة

- ‌الفَصْل الأول البيان بالأفعال

- ‌تمهيد في القدوة والاقتداء بالأفعال النبويّة

- ‌درجة الإمامة في الدين:

- ‌ميزة القدرة الملتزمة وأثرها في الاتباع:

- ‌ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يلاحظه في أفعاله من حيث إنها قدوة:

- ‌ملاحظة الصحابة للأفعال النبوية من أجل الاقتداء:

- ‌أثر اقتداء الأمة بأفعال نبيها في نشر دعوة الإسلام والاقتناع به:

- ‌المبحث الأول البيان

- ‌ماهية البيان:

- ‌ما يحتاج إلى البيان وما لا يحتاج إليه:

- ‌الإجمال في الفعل، ووجوهه:

- ‌ويمكن حصر وجوه الإجمال في دلالة الفعل فيما يلي:

- ‌وظائف البيان:

- ‌ما به يمكن البيان:

- ‌حكم البيان:

- ‌هل يجب البيان لجميع الأحكام

- ‌المبحث الثاني البَيَان الفِعلي

- ‌حكم البيان بالفعل:

- ‌هل يشترط لاعتبار الفعل بياناً عدم وجود قول صالح للبيان:

- ‌هل يصلح الفعل وحده بياناً دون انضمام قول يدل على أنه بيان:

- ‌كيفية بيان كل من الأحكام الخمسة بالأفعال:

- ‌ما يمكن حصوله بالأفعال من أنواع البيان:

- ‌القوة والوضح بين البيان القوليّ والبيان الفعليّ:

- ‌المذهب الأول: احتج القائلون بأن القول أدلّ، بما يلي:

- ‌المذهب الثاني: احتج القائلون بأن الفعل أبلغ في البيان، بأدلة، منها:

- ‌المذهب الثالث: القول بالتفصيل:

- ‌أعلى أنواع البيان:

- ‌رجوع البيان بالقول إلى البيان بالفعل:

- ‌المبحث الثالث اجْتماع القول والفِعل في البَيان

- ‌القسم الأول: حالة الاتفاق:

- ‌القسم الثاني: حال الاختلاف:

- ‌الموارنة بين المذهبين:

- ‌المبحث الرابع إذا اختلف فعلان في البيان فأيهمَا البيان

- ‌الفصل الثاني أحكام النبي بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الأول ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله

- ‌المطلب الأول أن يفعل بناء على التكليف

- ‌والاجتهاد أنواع:

- ‌النوع الأول: الاجتهاد البياني:

- ‌النوع الثاني: الاجتهاد القياسيّ:

- ‌الدليل العقلي لجواز صدور أفعال النبي صلى الله عليه وسلم عن اجتهاد:

- ‌الأدلة القرآنية: منها:

- ‌الأدلة من السنة النبوية:

- ‌أدلة المانعين:

- ‌النوع الثالث: مسألة التفويض:

- ‌أدلة المانعين:

- ‌المطلب الثاني أن يفعل بناء على عدم التكليف وهي مسألة العفو

- ‌أدلة المذهب الأول:

- ‌أدلة المذهب الثاني:

- ‌رأينا في هذه المسألة:

- ‌تنبيه:

- ‌المبحث الثاني أحكام الأفعال النبوية البحث في هذه المسألة يتفرع فرعين:

- ‌المطلب الأول ما يكلّف به النبي صلى الله عليه وسلم من الأفعال

- ‌الفرض والواجب، والحرام والمكروه، عند الحنفية، ومدى انطباقه على التكاليف النبوية:

- ‌انحصار أفعاله صلى الله عليه وسلم في الواجب والمحرم، من جهة منصب البيان:

- ‌المطلب الثاني أحكام الأفعال الصادرة عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المقام الأول عصمة الأنبياء عن المحرمات

- ‌العصمة في اللغة والاصطلاح:

- ‌حقيقة العصمة:

- ‌العصمة هل هي جائزة أو واجبة

- ‌لمحة عن تاريخ القول بعصمة الأنبياء:

- ‌مذاهب العلماء في العصمة إجمالاً:

- ‌الأدلة:

- ‌أولاً: أدلة القائلين بالعصمة عن صدور الذنوب عن الأنبياء:

- ‌ثانياً: أدلة القائلين بإمكان صدور المخالفة عن النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌أولًا: دعوى الرسالة ومجموع القرآن والشريعة:

- ‌ثانياً: تبليغ الآيات وبيان الأحكام بالقول والفعل:

- ‌ثالثاً: الكبائر:

- ‌رابعاً: الصغائر:

- ‌خامساً: الخطأ في العمل بالشريعة، والإفتاء:

- ‌سادساً: السهو والنسيان:

- ‌الإقرار على النسيان:

- ‌ملحق: العوارض البدنية والنفسية:

- ‌خلاصة القول في العصمة:

- ‌هل يجوز أن يرتكب النبي صلى الله عليه وسلم، المحرم للمصلحة الراجحة:

- ‌المقام الثاني هل يفعل النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً حكمه الكراهة

- ‌الوجه الأول:

- ‌الوجه الثاني:

- ‌المبحث الثالث كيفَ يعيّن حكم الفعل الصادر عنه صلى الله عليه وسلم بالنسبة إليه خاصّة

- ‌المطلب الأول تعيين الواجب من أفعاله صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثاني تعيين المندوب من أفعاله صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث تعيين المباح من أفعاله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفصل الثالث حجية أفعال النبي صلى الله عليه وسلم على الأحكام من حيث الجملة

- ‌المبحث الأول الأدلَّة

- ‌الأدلّة السمعيةهل حجية السنّة كافية في إثبات حجيّة الأفعال النبوية:

- ‌أولاً: الأدلة القرآنية

- ‌ثانياً: الأدلة من السنة

- ‌ثالثاً: دليل الإجماع

- ‌فمن النوع الأول:

- ‌والنوع الثاني:

- ‌المبحث الثاني الشبه التي تورد على حجية الفِعل النبوي

- ‌المطلب الأول أن لفعله صلى الله عليه وسلم عند الله تعالى حكماً شرعياً

- ‌المطلب الثاني أنه صلى الله عليه وسلم عالم بالحكم الشرعي في حق نفسه

- ‌المطلب الثالث أنه صلى الله عليه وسلم يريد بفعله موافقة الحكم الشرعي في حقه

- ‌المطلب الرابع أنه صلى الله عليه وسلم عالم بمطابقة فعله للحكم الشرعي

- ‌المطلب الخامس أن حكم أفعالنا المماثلة لأفعاله صلى الله عليه وسلم، كحكم أفعاله ولا فرق

- ‌الفصل الرابع أقسام الأفعال النبوية الصريحة ودلالة كل منها على الأحكام

- ‌المبحث الأول الفِعل الجبلي

- ‌والأفعال الجبلية على ضربين:

- ‌الضرب الأول:

- ‌الضرب الثاني:

- ‌أقسام الفعل الجبلّيّ الاختياري:

- ‌القسم الأول الفعل الجبلي الصرف

- ‌القسم الثاني الفعل الذي له علاقة بالعبادة

- ‌المبحث الثاني الفعل العادي

- ‌المبحث الثالث الفعل في الأمور الدّنيوية

- ‌رأينا في ذلك:

- ‌مسائل متمّمة لبحث الأفعال النبوية الدنيوية:

- ‌المبحث الرابع الأفعال الخارقة للعادة (المعجزات والكرامات)

- ‌أهداف خرق السنن الكونية بالمعجزة:

- ‌حدّ المعجزة:

- ‌حدّ الكرامة:

- ‌خرق السنن الكونية على أيدي الأولياء:

- ‌الأدلة:

- ‌1 - قول المعتزلة:

- ‌أدلة المثبتين:

- ‌الاقتداء بالأفعال النبوية الخارقة للعادة:

- ‌أولاً: هل للمؤمن أن يعمل على حصول الكرامات الخارقة

- ‌ثانياً: تصرّف النبي صلى الله عليه وسلم بمقتضى الخارق هل يقتدى به فيه:

- ‌المبحث الخامس الأفعال الخاصَّة به صلى الله عليه وسلم "‌‌الخصائصالنبويَّة

- ‌الخصائص

- ‌الخصائص النبويّة:

- ‌تصنيف الخصائص النبوية:

- ‌1 - بحسب من عنه الاختصاص

- ‌2 - بحسب زمن الاختصاص

- ‌3 - بحسب ما فيه الاختصاص

- ‌الحكمة في تخصيصه صلى الله عليه وسلم بما خصّه الله تعالى به:

- ‌الفعل الدائر بين الخصوصية وغيرها:

- ‌أدلة الخصوصية:

- ‌الخصائص التي تدخل في موضوع بحثنا:

- ‌درجات خصائصه صلى الله عليه وسلم في سُلّم الأحكام:

- ‌ما يمتنع الاختصاص فيه:

- ‌عدد الخصائص:

- ‌الاستدلال بأفعاله صلى الله عليه وسلم الخاصة به في الأحكام المماثلة:

- ‌ما يختص به صلى الله عليه وسلم في أفعال غيره:

- ‌هل يصحّ تعدية هذه الخصائص إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم:

- ‌خاصة التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم:

- ‌المبحث السَّادسُ الفعل البياني

- ‌جهات الفعل البياني:

- ‌الفرق بين الفعل البياني والفعل الامتثالي:

- ‌ما يعرف به الفعل البياني:

- ‌ما يدلّ عليه الفعل البياني من الأحكام:

- ‌الفعل البياني هل هو دليل الحكم

- ‌الأجزاء غير المرادة من الفعل البيانيّ:

- ‌الاختلاف في أن ما ورد عليه الفعل مجمل أو غير مجمل:

- ‌المبحث السابع الفعل الامتثالي التنفيذيّ

- ‌المطلب الأول حكم الفعل الامتثالي:

- ‌المطلب الثاني

- ‌المطلب الثالث الطرق التي يمكن بها معرفة النص الممتثل

- ‌المطلب الرابع

- ‌دلالة الفعل الامتثالي:

- ‌الفرق بين دلالة الفعل البيانيّ ودلالة الفعل الامتثاليّ:

- ‌المبحث الثامن الفعل المتعدي

- ‌المبحث التاسع ما فعَله صلى الله عليه وسلم في انتظار الوحي

- ‌الفَصل الخَامس الفعل المجرَّد

- ‌الفعل المجَرَّد

- ‌تعريف وتحديد:

- ‌ما يستفاد من الأفعال النبوية المجرّدة، من الأحكام في حق الأمة:

- ‌المبحث الأول الفعل المجرّد المعلوم الصِّفَة

- ‌منشأ الاختلاف:

- ‌المبحث الثاني الفعل المجهول الصِّفة

- ‌القول المختار في محمل الفعل المجهول الصفة:

- ‌المبحث الثالث ما ينسبُ إلى الأئمَّة من القول في الفعل المجرّد بنوعَيْه

- ‌1 - الإمام أبو حنيفة وأتباعه:

- ‌2 - المالكيّة:

- ‌3 - الشافعيّة:

- ‌4 - الحنابلة:

- ‌5 - المعتزلة:

- ‌6 - الظاهريّة:

- ‌المبحث الرابع الأدلَّة والمناقشات

- ‌المطلب الأول في مناقشة دعوى امتناع التأسيّ لاحتمال الخصوصية ونحوها

- ‌المطلب الثاني قول الوقف

- ‌المطلب الثالث قول التحريم

- ‌المطلب الرابع قول الإباحة

- ‌المطلب الخامس قول الندب

- ‌أدلة القائلين بالندب:

- ‌دليل بطلان قول الندب:

- ‌كشف أمر هذه الشبهة:

- ‌المطلب السادس قول الوجوب

- ‌إبطال قول الوجوب

- ‌المطلب السابع قول المساواة

- ‌المطلب الثامن قول المساواة في العبادات الخاصة

- ‌فائدة مهمة نلحقها بقول المساواة:

- ‌الفصل السادس الأحكام المستفادة من الأفعال

- ‌المطلب الأول الوجوب

- ‌1 - الركن

- ‌2 - الواجب الذي ليس بركن

- ‌1 - منها: صلاة العيد:

- ‌2 - ومنها: مسألة السعي في الحج:

- ‌3 - ومنها: مسألة ركعتي الطواف:

- ‌المطلب الثاني الندب

- ‌مسألة تابعة للندب: دلالة الفعل على الأفضلية:

- ‌تمايز المندوبات في الدرجة، ودلالة الأفعال على ذلك:

- ‌المطلب الثالث الإباحة

- ‌نظرة في استفادة الإباحة من الأفعال النبوية:

- ‌الإباحة المستفادة من الفعل النبوي:

- ‌فائدة استفادة الإباحة من الأفعال النبوية المجردة:

- ‌المطلب الرابع الكراهة

- ‌المطلب الخامس التحريم

- ‌المطلب السادس دلالة الفعل النبوي على الأحكام الوضعية

- ‌1 - السببية:

- ‌2 - الشرطية:

- ‌3 - المانعية:

- ‌4 - الرخصة والعزيمة:

- ‌5 - الصحة والفساد:

- ‌الفصل السابع صفة الدلالة الفعليّةالدلالة وأنواعها

- ‌تمهيد

- ‌الدلالة وَأنواعهَا

- ‌أولاً- جهة الارتباط بين الدالّ والمدلول:

- ‌ثانياً: جهة الدال:

- ‌الدلالة اللفظية:

- ‌ومن الدلالة الالتزامية:

- ‌المبحث الأول طبيعَة الدلالة الفعليَّة

- ‌أنواع الدلالة الوضعية الفعلية:

- ‌أولاً: دلالة المطابقة:

- ‌ثانياً: دلالة التضمن:

- ‌ثالثاً: دلالة الالتزام:

- ‌أنواع الدلالة الالتزامية الفعلية:

- ‌أولاً- دلالة الاقتضاء:

- ‌ثانياً- الإيماء:

- ‌ثالثاً- الإشارة:

- ‌رابعاً- مفهوم الفعل:

- ‌أولاً: مفهوم المخالفة (دليل الفعل):

- ‌ثانياً- دلالة الفحوى:

- ‌ثالثاً- مفهوم الموافقة المساوي (لحن الفعل)

- ‌المبحث الثاني وجْه انسِحَاب حُكم الفِعْل النبويّ عَلى أفعَال الأمَّة

- ‌أولاً- القول بالعموم:

- ‌الثاني: القول بالقياس:

- ‌رأينا في ذلك:

- ‌الفصل الثامن دلالة متعلقات الفعل النبوي

- ‌المبحث الأول سَبَبُ الفعْل

- ‌المطلب الأول أنواع الأفعال من حيث تعلقها بالأسباب

- ‌المطلب الثاني طرق معرفة سبب الفعل

- ‌المطلب الثالث هل يتوقف الاقتداء بالأفعال النبوية على معرفة أسبابها

- ‌فهي أربعة أقسام:

- ‌القسم الأول: ما لا يكون مرتبطاً بسبب أصلاً، بل هو مطلق، كنوافل الصوم والصلاة:

- ‌القسم الثاني: ما علم ارتباطه بالسبب. وهو ما كان الفعل في الأصل ممنوعاً أو مكروهاً، وقد فعله صلى الله عليه وسلم لسبب

- ‌1 - الرخص:

- ‌2 - العقوبات:

- ‌3 - ما أخذه صلى الله عليه وسلم من مال إنسان:

- ‌4 - العبادات الخاصة المرتبطة بالأسباب

- ‌القسم الثالث: ما فعله لسبب فزال

- ‌رأينا في هذه المسألة:

- ‌القسم الرابع: ما فعله ولم نعلم سببه:

- ‌استدراك:

- ‌استدراك آخر:

- ‌المبحث الثاني الفَاعِل وَجهَاته

- ‌المثال الأول:

- ‌المثال الثاني:

- ‌المثال الثالث:

- ‌المثال الرابع:

- ‌المثال الخامس:

- ‌المثال السادس:

- ‌المثال السابع:

- ‌المبحث الثالث جهَاتُ المفعُول بهِ

- ‌المبحث الرابع مَكان الفعْل وَزمانِه

- ‌الأدلة الدالة على اعتبار الزمان والمكان، أو الغائهما:

- ‌ما يعتبر من زمان الفعل النبوي ومكانه:

- ‌أمثلة تطبيقية:

- ‌المبحث الخامس هَيئَة الفعل

- ‌المبحث السَّادس الدلالة الاقتِرانيّة

- ‌مثال أول:

- ‌مثال آخر:

- ‌مثال رابع: النظائر القرآنية عند ابن مسعود:

- ‌المبحث السابع الأدواتُ والعناصِر الماديّة

- ‌المبحث الثامن العدد والمقدار

- ‌المطلب الأول

- ‌المطلب الثاني الكثرة والقلة في مرات وجود الفعل

- ‌القسم الأول:

- ‌القسم الثاني:

- ‌المطلب الثالث دلالة الفعل النبوي على الحد الأعلى أو الحد الأدنى في التقديرات الشرعية

- ‌القاعدة في استفادة الحدّ في التقديرات من الفعل النبوي:

- ‌الفصل التاسع مباحث متنوعة تتعلق بالأفعال

- ‌المبحث الأول الطريق العملي لاستفادة الحكم من الفعل

- ‌المبحث الثاني الاعتراضات التي تورد على الاحتجاج بالأفعال

- ‌المبحث الثالث نقل الأفعال النبويّة

- ‌المطلب الأول طرق النقل

- ‌المطلب الثاني إدراك الصحابي للفعل المنقول

- ‌المطلب الثالث صور النقل

- ‌أولاً: نقل الفعل بالفعل:

- ‌ثانياً: نقل الفعل بالقول:

- ‌تكييف الصحابي للفعل النبوي:

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌1 - التكرار:

- ‌2 - المواظبة والدوام:

- ‌3 - العموم:

- ‌المسألة الثالثة: اختلاف النقل بين الإطلاق والتقييد:

- ‌المبحث الرابع نيَّة التَأسيّ

الفصل: ‌المطلب الأول تعيين الواجب من أفعاله صلى الله عليه وسلم

‌المبحث الثالث كيفَ يعيّن حكم الفعل الصادر عنه صلى الله عليه وسلم بالنسبة إليه خاصّة

قدمنا في المبحث السابق أن الأفعال التي تصدر عنه صلى الله عليه وسلم إما أن تكون واجبة عليه، أو مندوبة، أو مباحة. وقد يفعل المكروه لبيان الجواز. وأنه على قول بعض الأصوليين قد يفعل ما نهاه الله تعالى عنه خطأ، أو نسياناً، أو تعمداً للصغائر، ولكنه عبد جميعهم لا يُقرّ على ما ترتب عليه من ذلك شيء من التشريع، بل يصحّح له لكي تتم عصمة الشريعة.

فانحصرت أفعاله التشريعية التي أقر عليها في الواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه الذي يفعله لبيان الجواز، ولكنه في حقه جائز بل ربما كان واجباً.

وغرضنا في هذا المبحث الذي نحن فيه أن نتعّرف الطرق التي بها يتعيّن لدينا حكم فعله صلى الله عليه وسلم، إذ إن ذلك التعيين أساس لاستفادة الحكم من الفعل في حق الأمة، كما يأتي في الفصول التالية إن شاء الله.

‌المطلب الأول تعيين الواجب من أفعاله صلى الله عليه وسلم

يتعين الواجب من أفعاله صلى الله عليه وسلم بأمور:

الأول: القول، بأن ينص النبي صلى الله عليه وسلم بالقول على أن ما فعله واجب عليه.

الثاني: أن يكون الفعل قد ورد مورد البيان لقول دالٍّ على الوجوب.

ص: 169

ومثاله فعله صلى الله عليه وسلم لأعداد الركعات في الصلوات المكتوبات، هو بيان لقوله تعالى:{وأقيموا الصلاة} (1). وسئل صلى الله عليه وسلم عن أوقات الصلوات المفروضة، فقال للسائل:"صلِّ معنا هذين اليومين". فبيّن بفعله أول الوقت وآخره".

وشبيه بذلك أن يقع الفعل امتثالاً لآية دالة على الوجوب، فيعلم أنه واجب. ومثاله صوم شهر رمضان، فإنه واجب، لأنه امتثال لقوله تعالى:{فمن شهد منكم الشهر فليصمه} .

الثالث: أن يكون موافقاً لفعل نذَره. كما لو قال صلى الله عليه وسلم: "إن هزم الله العدوّ غدا فله عليَّ أن أصوم يوم كذا، فصامه على إثر هزيمة العدو، فيعلم أن ذلك وقع وفاءً للنذر"(2). وقد قال الزركشي: "أن يقع (الفعل) جزاءَ شرط، كفعل ما وجب بالنذر إن قلنا إن النذر غير مكروه"(3).

الرابع: التسوية بين الفعل وفعل آخر في حكمهما (4)، بأن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً، ثم يقول: هذا الفعل مثل الفعل الفلاني، وقد علم حكم هذا الفعل الآخر.

ولو خُيِّر صلى الله عليه وسلم بين فعلين، أحدهما قد عُلم أنه واجب، فالآخر مثله، لأن التخيير يقتضي التسوية (5)، إذ لا يمكن التخيير بين الواجب وما ليس بواجب.

الخامس: أن يكون وقوعه مع أمارة قد تقرر في الشريعة أنها أمارة للوجوب، كالصلاة بأذان وإقامة (6). فلم يعهد في الشريعة الأذان والإقامة لصلاة غير واجبة.

(1) الجصاص: أصوله. مخطوط. ق. 210 أ. وابن حزم: الإحكام ص 138

(2)

الأسنوي: نهاية السول 2/ 63 وأبو شامة: المحقق 35 أ.

(3)

البحر المحيط 2/ 351 ب.

(4)

ابن السبكي: جمع الجوامع 2/ 98

(5)

البيضاوي: منهاج الأصول، وشرحه نهاية السول للأسنوي 2/ 61، أبو شامة: المحقق ق 35 أ.

(6)

أبو شامة: المحقق ق 35 أ. ابن السبكي: جمع الجوامع 2/ 98

ص: 170

السادس: قال بعض الأصوليين: أن يكون الفعل لو لم يكن واجباً لكان ممنوعاً (1)، كالركوع الثاني في صلاة الكسوف (2). فإنه لو زيد في الصلاة ركوع قصداً، ولم يكن من أركانها، كصلاة الظهر، فإنها تبطل، فلما زيد في صلاة الكسوف ركوع قصداً، كان ذلك الركوع واجباً، لا يجوز الإخلال به.

ومثاله أيضاً: سجود السهو، فإنه لو لم يكن واجباً لما جاز.

قال الأسنوي (3) بعد ذكره هذه القاعدة: "هكذا ذكر (الرازي) في المحصول، وتبعه على ذلك من بعده" أقول: بل قد سبق إلى تقرير هذه القاعدة القاضي عبد الجبار، كما في المغني (4)، وخصّ ذلك بالعبادات، قال:"لو أنه صلى الله عليه وسلم تعمّد فعلاً لو لم نجعله شرعياً لكان منهياً عنه في العبادة، فيجب أن يعلم أنه من شرائط تلك العبادة، نحو ما روي أنه صلى الله عليه وسلم ركع ركوعين في صلاة الكسوف".

وتقرير الدليل: أن الفعل. كالختان مثلاً، هو ممنوع منه بحسب الأصل، لأنه نوع من الجراح، وقد ورد النهي عن دم الغير بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام". فلا يجوز ارتكاب هذا التحريم إلا بأمر ملزم. وهو الوجوب.

فدار هذا الفعل بين الوجوب والتحريم لا غير. وحين فعله النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أنه ليس محرماً، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يفعل المحرم، فلم يبق إلا أنه واجب، وهو المطلوب.

ومن جهة أخرى: يلزم لإجراء عملية الختان كشف العورة، وذلك محرم، والمحرّم لا يجوز ارتكابه إلاّ لواجب (5).

(1) ذكر ذلك السيوطي في الأشباه والنظائر (ص 148)، وجعله قاعدة فقهية بعنوان (الواجب لا يترك لسنة) و (جواز ما لو لم يشرع لم يجز، دليل على وجوبه).

(2)

أبو شامة: المحقق ق 35 أ، ابن السبكي: جمع الجوامع 2/ 98 أبو الحسين البصري: المعتمد ص 386

(3)

التمهيد ص 134

(4)

17/ 272

(5)

انظر تقرير المسألة والاستدلال فيها في المجموع للنووي في فصل الختان من الجزء الأول.

ص: 171

وعندي في هذا الاستدلال نظر، فإن الفعل إذا كان مستحباً أو مباحاً، فقد خرج أيضاً عن المنع، ولو كان في الأصل منهياً عنه، فإن نقيض الحرمة رفع الحرج، وذلك صادق على كل من الوجوب والندب والإباحة، بل والكراهة كما تقدم. فبكلٍّ منها يخرج الفعل عن الحظر.

وحاصله أننا نمنع وجود فعل دائر بين الوجوب والحرمة. ومن قال به طالبناه بأن يبيّن حده لنناقشه فيه.

وأيضاً؛ فإن كثيراً من الصور في الشريعة خارجة عن هذه القاعدة. فمن المستحبّات ختان النساء، بل وختان الرجال على قول، وسجود التلاوة أثناء الصلاة، وإشعار الهدي، ورفع اليدين على التوالي في تكبيرات العيد، بل والقيام الثاني والركوع الثاني في صلاة الكسوف عند بعضهم على ما ذكره النووي في المجموع، ونقله عن الكثيرين أنه مستحب (1)، وسجود السهو أيضاً عند الشافعية، وبعض الرخص كالقصر والفطر للمسافر، والفطر للمريض.

ومن المباحات أكل المضطّر الميتة، أو مال الغير، وحلق الشعر للمحرم المريض، والجمع بين الصلاتين عند العذر، وذبح البهائم، والصيد بالجوارح. وذكر السيوطي أيضاً النظر إلى المخطوبة، والمكاتبة، وقتل الحية في الصلاة، وغير ذلك مما لا يكاد يحصى.

وقد ذكر الزركشيّ في البحر المحيط أن هذه المسألة أخذت عن ابن سريج في إيجاب الختان. وأشار إلى عدم استقامتها، ثم قال:"وتنتقض هذه القاعدة بصور كثيرة، منها سجود السهو، وسجود التلاوة في الصلاة، فإنه ممنوع منه، ولما جاز لم يجب"(2).

وقال الأسنوي أيضاً: "وهو منتقض بصور كثيرة"(3).

(1) الأسنوي: التمهيد ص 134

(2)

2/ 152 أ.

(3)

نهاية السول 2/ 63

ص: 172

وأراد المحلِّي أن يصححها، ويجعل ما خرج عنها موقوفاً على الدليل، وذلك حيث يقول:"وقد يتخلف الوجوب عن هنه الأمارة لدليل، كما في سجود السهو وسجود التلاوة"(1).

وعندي في قوله هذا نظر، إذ الشأن في صحة القاعدة أولاً، وذلك ما يحتاج إلى إثبات.

وأيضاً فاعتبار الصور الخارجة عن القاعدة نقضاً لها، كما قال الزركشي، هو الصواب.

وثالثاً: لو كانت هذه القاعدة صواباً، فإنها تقتضي وجوب سجود التلاوة، وتكبيرات العيد، وختان النساء، وإشعار الهدي، ولم يرد دليل يمنع الوجوب، فلم لا يقولون به؟ وإن ادعوا وجود دليل مانع، فما هو؟.

السابع: أن يكون الفعل قضاء لواجب، فيعلم أنه واجب (2)، لأنه قد عهد في الشريعة أن قضاء الواجب حيث شرع، فهو واجب. ومثاله قضاء النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح، بعدما خرجوا من الوادي الذي ناموا فيه عن الصلاة (3).

الثامن: وقال به بعض المالكية: أن يقضي العبادة إذا خرج وقتها دون أداء، أو فُعلت في الوقت على فساد: فيعلم بذلك أن العبادة المقضيّة واجبة، إذ أن غير الواجب لا يقضى (4).

ومثاله: أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا غلبه عن قيام الليل نوم أو وجع صلّى في النهار اثنتي عشرة ركعة"(5) فيعلم أنه كان يصلي قيام الليل على جهة الوجوب.

(1) شرح جمع الجوامع 2/ 98

(2)

الأسنوي: نهاية السول 2/ 63.

(3)

أبو شامة: المحقق ق 35 أ.

(4)

القرافي: شرح تنقيح الفصول ص 128. وفي الأصل الذي نقلنا منه قوله: "و (يستدل) بالقضاء على عدم الوجوب. هذا على مذهب مالك أن النوافل لا تقضي" وواضح أن كلمة (عدم) في هذا النص قد دخلت خطأ من الناسخ، أو هي سبق قلم من القرافي، كما لا يخفى.

(5)

ذكره في نيل الأوطار في مباحث الوتر.

ص: 173

ومثال آخر: قضاؤه صلى الله عليه وسلم لعمرة الحديبية، التي أحصر عنها. فقد عاد في السنة التالية واعتمر، وسميت عمرة القضاء. فيدل على أن عمرة الحديبية كانت واجبة. والمراد أنها وجبت بالدخول فيها.

والصواب أن هذا النوع ليس دليلاً على وجوب المقضي، لأن دعواهم أن غير الواجب لا يقضى، دعوى مردودة، لما ثبت في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قضى الركعتين اللتين بعد الظهر، قضاهما بعد العصر (1).

وعند الجماعة، إلاّ البخاري، عنه صلى الله عليه وسلم:"من نام عن حزبه من الليل، أو عن شيء منه، فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل". وهذا حث على قضاء ما رتّبه المسلم لنفسه من الأذكار. فالصلاة والصوم ونحوهما أولى. والذي عند الشافعية استحباب قضاء السنن الرواتب.

ولو قيل في هذه الأمارة: ما وجب قضاؤه واجب لكان صواباً. ومنه وجوب قضاء حج التطوع، يدل على أنه وجب بالشروع. وقد أشار إلى ذلك السرخسي (2).

التاسع: ذكره الزركشي في البحر المحيط: أن يداوم صلى الله عليه وسلم على الفعل مع عدم ما يدل على عدم الوجوب. قال: "لأنه لو كان غير واجب لأخلَّ به"(3) وذكره أيضاً صاحب مسلم الثبوت وصاحب تيسير التحرير (4).

وقد وضّح ذلك ابن تيمية حين قال في الاستدلال على وجوب الطمأنينة في الصلاة: "إن مداومته صلى الله عليه وسلم على ذلك في كل صلاة كل يوم، مع كثرة الصلوات، من أقوى الأدلة على وجوب ذلك، إذ لو كان غير واجب لتركه ولو مرة واحدة ليبيّن الجواز، أو لبيّن جواز تركه بقوله، فلما لم يبين -لا بقوله ولا بفعله- جواز ترك ذلك، كان ذلك دليلاً على وجوبه"(5).

(1) نيل الأوطار 3/ 29، 30 وفيه أن عند أحمد في رواية أنه صلى الله عليه وسلم سئل: انقضيهما إذا فاتتا، قال:"لا". قال الشوكاني: قال البيهقي: وهي رواية ضعيفة.

(2)

أصول السرخسي 1/ 116

(3)

ق 252 أ

(4)

3/ 127

(5)

القواعد النورانية الفقهية ص52

ص: 174

وعندي في هذا نظر. فقد كان صلى الله عليه وسلم يحافظ على الرواتب فلا يخلّ بها، بل:"كان عمله ديمة"(1). وكان يقول: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ"(2). وكان يقضي ما فاته من النوافل المرتبة، كالركعتين اللتين بعد الظهر، قضاهما بعد العصر لما شُغِل عنهما.

وما ذكره ابن تيمية منتقض بقراءة سورة بعد الفاتحة. لم يبين صلى الله عليه وسلم عدم وجوبها قولاً، ولا نُقِل أنه تركها ولو مرة واحدة فيما نعلم. وأما حديث:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"(3) فيدل على الركنية، ولا يدل على جواز ترك ما عدا الفاتحة. ومع ذلك، فإن قراءة سورةٍ بعد الفاتحة ليس بواجب، بلا خلاف (4). ومثل السورة كثير غيرها من أفعال الصلاة المستحبة، كالجهر في الجهرية، وبعض هيئات الركوع والسجود، ورفع اليدين، وغير ذلك. ولم يرتَضِ الأنصاري شارحُ مسلّم الثبوت القولَ بأن المواظبة مع عدم الترك دليل الوجوب عند الحنفية. ونقض ذلك بما هو معلوم عندهم من سنية صلاة الجماعة، والأذان، والإقامة، وصلاة الكسوف، والخطبة الثانية في الجمعة، والترتيب والموالاة في الوضوء، والمضمضة، والاستنشاق، وغير ذلك مما ثبتت فيه المواظبة من غير ترك، مع عدم تبيين سنّيّتها، بل ثبت عدم الترك. فيعلم أن المواظبة ليست دليل الوجوب عندهم (5).

وأما قول ابن تيمية: "إنه لو كان غير واجب لتركه ولو مرة، أو بين عدم وجوبه بالقول" فإن هذا يلزم لو كان هناك ما يجعل هذا النوع من الفعل دالاًّ على الوجوب، وفيه الخلاف. كيف وقد قال الكثيرون ومنهم الظاهرية والحنفية "إن الوجوب لا يؤخذ من الفعل" فيكفي ذلك للدلالة على عدم الوجوب، فلا يلزم البيان بعد ذلك بالقول ولا بالفعل. والله أعلى وأعلم.

(1) رواه البخاري: كتاب الصوم ب 64 ومسلم 6/ 73

(2)

البخاري 4/ 235 ومسلم.

(3)

رواه الشيخان (الفتح الكبير).

(4)

ابن قدامة: المغني 1/ 491

(5)

فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت 2/ 180

ص: 175

وبهذا يتبين أن الفعل النبوي لا يخرج بالداومة عليه عن أن يكون فعلاً مجرداً.

العاشر: ونقله الزركشي عن الصيرفي: "أن يفعل صلى الله عليه وسلم بين المتداعِيَينْ فعلاً على سبيل الجبر. فيعلم أنه واجب. قال: وكذلك ما أخذه من مال رجل وأعطاه لآخر. فيعلم أن ذلك الأخذ واجب"(1).

وقال الجصاص: "ما فعله صلى الله عليه وسلم من استخراج حقٍّ من رجل لغيره، ومن عقوبة رجل على فعل كان منه، فهذا على الوجوب، لأن ذلك لا يجوز على جهة الإباحة والندب"(2). قال صلى الله عليه وسلم: "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام"(3). وقال الله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} (4).

ولهذا النوع شبّه بالنوع السادس المتقدم، إلا أن هذا في القضاء والأمور التنفيذية خاصة.

والزركشي ذكر النوعين كليهما.

والذي نقوله في هذا النوع، إنه لا يدل على وجوب الفعل عل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يدل على أن من أوقعت به العقوبة، أو أُخذ منه المال، مستحقٌّ لذلك، وأنه قد وجب عليه. فلا يدل ذلك على وجوب القضاء أو التنفيذ.

وقد قال الله تعالى: {فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تُعرض عنهم فلن يضروك شيئاً} (5) فلو جاءه أهل الكتاب، ليحكم بينهم، وقد جاؤوه فعلاً فحكم بينهم ورجم الزانيين، فلا يدلّ ذلك على أن الحكم بينهم والتنفيذ كان واجباً عليه، بنصّ الآية المذكورة.

ونظير ذلك وليّ الدم في جناية العمد، له أن يقتص، فإذا اقتصّ لم يصح

(1) البحر المحيط 2/ 251 ب

(2)

أصول الجصاص. 210 أ

(3)

مسلم وأبو داود (الفتح الكبير)

(4)

سورة البقرة: 188، والنساء: 29

(5)

سورة المائدة: آية 42

ص: 176

القول إنه كان واجباً عليه الاقتصاص، بل يقال: إن القصاص كان حقّاً له واجباً على الجاني أن يستسلم له.

والحاصل أنه صلى الله عليه وسلم إذا أخذ المال أو عاقب، وكان ذلك جائزاً له أو مندوباً، صح، وخرج بذلك عن الحرمة، فلا يلزم أن يكون واجباً عليه صلى الله عليه وسلم.

فذكر هذا النوع في هذا الموضع (وهو مبحث حكم فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة إليه) ليس صواباً. وإنما ينبغي أن يذكر في مباحث الحكم المستفاد من الفعل في حق الأمة. ونحن سنذكره هناك إن شاء الله في مبحث الفعل المتعدي.

ص: 177