الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما الإباحة فأنه يباح لنا مثل فعله صلى الله عليه وسلم، ولا يجب ولا يندب.
وأما التحريم، فمعناه أنه لا يجوز لنا فعل مثل شيء من أفعاله المجرّدة.
وأما الوقف، فمعناه أنا لا نحكم على فعلنا المماثل لفعله صلى الله عليه وسلم بحكم ما. سواء جهلنا حكم فعله أوعلمناه.
منشأ الاختلاف:
هذه الأقوال الآنفة الذكر تتجه اتجاهين رئيسين، ثم يتشعبان:
الاتجاه الأول: أن التأسّي به صلى الله عليه وسلم في أفعاله المجردة مطلوب شرعاً بدلالة ما تقدم ذكره في فصل حجية الأفعال النبوية، من الآيات والأحاديث والإجماع، الدالّة على مشروعية الاتّباع والتأسي.
والاتجاه الثاني: أن التأسيّ به صلى الله عليه وسلم فيها غير مطلوب شرعاً. ووجهه أنه وإن ثبتَتْ حجية الأفعال النبوية، إلّا أن مانعاً منع من التأسي بالفعل المجرّد، وذلك المانع هو احتمال الخصوصية، فكيف يُتَأسّى به صلى الله عليه وسلم في أمر قد يكون من خواصّه، فنكون قد أوجبنا ما لا يجب علينا أو أبحنا ما لا يباح لنا.
وأورد بعضهم، أيضاً، احتمالَ أن يكون فعله صلى الله عليه وسلم معصية، على قول من يجيز صدور الصغائر عن الأنبياء. كما تقدم في الفصل الثالث. قالوا: وذلك مانع من الاقتداء.
ثم تشعب أصحاب الاتجاه الأول شعبتين، بحسب تفسيرهم للتأسيّ المطلوب شرعاً:
الشعبة الأولى: قالوا: التأسّي واجب، ومعنى التأسّي عندهم هو مساواة الفعل للفعل، في الصورة والحكم. وهؤلاء أصحاب القولين الأول والثاني، (المساواة المطلقة والمقيدة).
والشعبة الثانية: قالوا التأسّي هو المساواة في الصورة دون الحكم. ثم تفرع هؤلاء فرعين:
الفرع الأول: قالوا: التأسيّ مطلوب منا على سبيل الوجوب، فيجب علينا أن نفعل صورة ما فعل صلى الله عليه وسلم، سواء كان هو قد فعله على سبيل الوجوب أو غيره. وهؤلاء هم أصحاب القول الثالث (الوجوب).
والفرع الثاني: قالوا: التأسيّ مطلوب منا على سبيل الندب، وهم أصحاب القول الرابع (الندب).
وأما أصحاب الاتجاه الثاني: وهم الذين قالوا إن التأسيّ بالأفعال المجرّدة غير مطلوب شرعاً، فقد منعوا بذلك دلالة فعله المجرّد على الأحكام في حقنا، فكان وجود الفعل النبوي المجرّد عندهم كعدمه بالنسبة إلى هذا الأمر. وبقي حكم فعلنا كما كان قبل ورود مثيله من الأفعال النبوية المجرّدة. فمن قال الأصل في الأفعال الإباحة، قال بها هنا وهو القول الخامس. ومن قال الأصل التحريم قال به هنا وهو القول السادس. ومن نظر إلى أن الفعل المجرّد متردد بين أن يكون خاصاً أو مشتركاً، فقد توقف، وهو القول السابع.