الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الصلاة (1)، وحمل أمامة ابنة ابنته زينب. فكان إذا قام رفعها وإذا ركع وضعها وهو في الصلاة.
ومنه علم أيضاً أن الكلام اليسير في شأن الصلاة سهواً لا يبطلها، صنع صلى الله عليه وسلم ذلك إذ تكلّم سهواً، بعد أن سلم من نقص، كما في حديث ذي اليدين.
ومنه علم أيضاً أن السفر لا يمنع صحة الصوم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يصوم أحياناً في السفر (2).
وكذلك في المنع من الوجوب. فقد أقاد النبي صلى الله عليه وسلم يهودياً من امرأة قتلها بأحجار (3)، فعلم أنه لا يمنع وجوب القصاص كون القاتل يهودياً، ولا كون القاتل رجلاً والمقتول امرأة، ولا كون آلة القتل مثقلاً غير محدد.
4 - الرخصة والعزيمة:
أما الرخص فبيانها بالفعل الذي معه قول، كثير، كنّيته صلى الله عليه وسلم صوم النفل بالنهار، والمسح على الخفين. قال صلى الله عليه وسلم للمغيرة حينما أراد أن ينزع خفيه:"دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين". فمسح عليهما.
وكذلك بيانها بالفعل الذي لا قول معه كثير، ووجه كثرتها هنا أنها على خلاف الأصل، فكان ذلك كافياً في بيان أنها رخص، ومثاله جمعه صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين في السفر، وصلاته في مرضه جالساً، وتطوعه على الدابة، وتوجهه عليها إلى غير القبلة، والاستجمار، واستدبار القبلة عند قضاء الحاجة في البنيان.
5 - الصحة والفساد:
إذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم عبادة على وجه ما فإنه يدل على صحة عملها على مثل ذلك الوجه. ولكن لا يدل على فسادها إذا عملت على وجه آخر، ما لم يكن دليل
(1) روى القصة أبو داود والترمذي والنسائي (جامع الأصول 6/ 329)
(2)
رواه البخاري ومسلم (ابن دقيق العيد: شرح العمدة 2/ 18)
(3)
رواه الجماعة (نيل الأوطار 7/ 18)
على أن ذلك الوجه الذي عملها عليه صلى الله عليه وسلم بعينه واجب. وكذلك في العقود ونحوها، فما فعله منها دل على صحته وأنه موافق للشرع ومستكمل لجميع أركانه وشروطه، ومنتفية عنه الموانع.
ومن هذا الباب مسألة القرعة، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر سفراً أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها سافر بها معه (1). وأيضاً أقرع بين أعْبُدٍ ستة أعتقهم رجل عن دُبُر لم يكن له مال غيرهم فمات. فأقرع بينهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأعتق بالقرعة اثنين، وأرَقّ أربعة (2). يدل هذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم على أن القرعة طريق صحيح لتعيين الحقوق إذا تساوت ولم يكن للترجيح طريق آخر. وللفقهاء تفصيل في تمييز ما تجري فيه القرعة مما لا تجري فيه (3).
ومن هذا أيضاً اكتفاؤه صلى الله عليه وسلم عن القول في قبول الهبة بالقبض، وفي تصرفه بالإذن العرفي عن الإذن القولي، كما في مبايعة نفسه عن عثمان، وإدخاله أهل الخندق إلى طعام أبي طلحة، وأيضاً إلى طعام جابر. ونحو ذلك. كل ذلك يدل على الصحة في مثله من التصرف (4).
ومن هذه الجهة، وهي جهة دلالة الفعل على الصحة، يمكن استنباط أن شيئاً معيناً ليس ركناً، أو أنه ليس شرطاً، كما تقدم.
(1) مسلم 17/ 103 ورواه البخاري.
(2)
رواه مسلم 11/ 140 ورواه أبو داود والترمذي والنسائي.
(3)
انظر: الفروق للقرافي 4/ 113
(4)
يراجع: ابن تيمية: القواعد النورانية ص 114 وما بعدها.