الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كالصلوات الخمس، والجمعات والأعياد، وكقيام الليل، وخاصة قيام شهر رمضان شهر القرآن.
وجعله عز وجل مكتوباً محفوظاً ليبقى دون تحريف ولا تغيير، ينتقل بين أيدي البشر جيلاً بعد جيل، ليستمعوا كلام الله غضّاً كما أُنْزِل، فتحصل منه المنافع المشار إليها لكل من وفّقه الله لرفقة القرآن.
كما أن القسم الأكبر من السنة النبوية هو سنن قولية.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبلّغ بلفظه ما يوحى إليه من أحكام، ويبينّ بلفظه ما أشكل من معاني القرآن، ويجيب على الأسئلة والاستفسارات الموجّهة إليه من صحابته الكرام، ويدعو إلى الله تعالى الأفراد والجماعات، في لقاءات خاصة، أو اجتماعات عامة لأمور واقعة، أو لمناسبات تتكرر، كما في مجالس حديثه مع المؤمنين، في المسجد، والسوق، والمنزل، والسفر والإقامة، وكما في خطبه في الجمعات والأعياد والحج وغير ذلك. واتخذ المنبر ليسمع قوله أكبر عدد من الحاضرين، بأكبر قدر من الوضوح. واتخذ له أصحابه دكّةً من طين في المسجد يجلس عليها إذا أراد أن يكلّمهم ويعلّمهم.
وواضح أن طريقة الإلقاء والقول كانت هي الوسيلة الكبرى لأداء المهمّات النبوية الخمس التي أشرنا إليها.
الطريقة الثانية للتعلّم: مشاهدة الفعل لأجل الاقتداء به:
الراغب في تعلم مهنة ما، يدرس أولاً أسسها نظريّاً، ويتفهم قواعدها وأصولها من الأقوال المسموعة أو المدونة في دواوين تلك المهنة. فإذا انتهى من ذلك وخرج إلى الحياة العملية مزوَّداً بتلك المعلومات، وهو يظن أنه قد أتقن ما سمع وعلمه حق العلم، يجد أنه عند المباشرة لتطبيق المعلومات التي حصلها يخفى عليه شيء كثير من التفاصيل التي تجدّ عليه، والتي هي بحاجة إلى أن يستكشف أسرارها وطرق علاجها.
والمشاهدة لفعل نموذجيٍّ من معلم نموذجي، من أعلى المستويات في تلك المهنة ذي خبرة بدقائقها وأسرارها، يطبق المعلومات النظرية، هذه المشاهدة هي
وسيلة حية، ومصدر مهمّ، يتعلم منه طالب العلم الشيء الكثير عن المادة التي يدرسها. وخاصة إذا كانت "مشاهدة قصدية، وموجهة توجيهاً صحيحاً، لنواحي مختلفة من عمل المدرس. وهي ضرورية مع الطلبة الصغار والكبار على السواء وينبغي ألا تتوقف طيلة مدة الدراسة. وهي طريقة ناجحة في تنمية اتجاهات محمودة نحو المهنة موضوع الدرس، وكذلك في تنمية مهارات كافية في تلك المهنة"(1).
هذا وقد أصبح استخدام وسائل الإيضاح المشاهدة جزءاً أساسياً من عملية التعليم في العصر الحاضر، وأولتها المؤسسات التعليمية الاهتمام البالغ. إذ إنها تعطي للمعلومات مزيداً من الحيوية، وتجعل الطالب متشوّقاً إلى المادة العلمية، ومتمتعاً متلذذاً بما يصحله منها، بالإضافة إلى معاونتها للطالب على تحليل المادة الدراسية، وفهمها فهماً جيداً. فإن من طبيعة هذه الوسائل أن توضح ما غمض في المادة. وتفسّر ما يصعب التعبير عنه بالقول.
كما أن هذه الوسائل من شأنها أن تجعل المعلومات المدروسة ذات قيمة تطبيقية عملية، يستطيع الطالب أن يستفيد منها في فعالياته المختلفة في حياته.
وكل ذلك يعود إلى الميزة البارزة في وسائل الإيضاح، وهي ربطها للمعلومات الجديدة التي يقدمها المعلم إلى الطالب بالمعلومات القديمة، وبذلك تعين الوسائل الإيضاحية على تثبيت ما يعرضه المدرّس من المادة في ذهن الطالب.
وبالإضافة إلى ذلك، تثير الوسائل الإيضاحية الملاحظة والتأمّل في الأشياء والحوادث والمواقف الجديدة، حتى تطلب النفس الجواب على ما يقع من المشكلات التي يشاهد الطالب وقوعها، وتتحدد أمامه مجسمة واضحة، فيقع الجواب عنها لديه موقعاً مستقراً.
وواضح أن المعلومات تصل إلى ذهن الطالب، في طريقة المشاهدة، عن طريق حاسة البصر.
(1) محمد حسين آل ياسين: مبادئ في طرق التدريس. بيروت، المكتبة العصرية ص 284