الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني قول الوقف
مبنى هذا القول على أن الفعل المجرّد لا دلالة له، لأن حكمه دائر بين الاختصاص والاشتراك، ولاحتمال المعصية ونحوها عند من يقول به.
وقد وجّهوه في الفعل المجهول الصفة أيضاً بأن التأسّي به غير ممكن، إذ التأسّي يستدعي المساواة في صورة الفعل وحكمه، فلما كان حكمه مجهولاً امتنع الاقتداء به ووجب التوقف.
فأما الاستدلال باحتمال الخصوصية والمعصية فقد أبطلناه في ما تقدم.
وأما توجيههم الوقف في الفعل المجهول الصفة فقد تقدم مناقشته أيضاً في مبحث الفعل المجهول الصفة.
إلاّ أنه يتعيّن هنا النظر في مقصودهم بالتوقف، والتصرف الذي يرون أنه ينبغي إزاء الفعل المجرّد.
فأما قولهم في الفعل المجهول الصفة أنه يتوقف فيه، فيحتمل أنهم أرادوا التوقف في حكمه بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم. وهذا أمرُهُ قريب.
ولكنهم قالوا بالوقف أيضاً فيما ظهر حكمه، وحينئذ فإما أن يمنعوا الاقتداء به فيؤول إلى قول الحظر الآتي ذكره، ولكنهم أعني الواقفية: الغزالي، والرازي، ومن معهما- ممن ورد قول الحظر.
وإما أن يجيزوا الاقتداء به مع الجهل بوجهه، وهذا أيضاً ما صرّحوا ببطلانه.
فلا يبقى إلاّ أنهم يعتبرون وجود الفعل المجرّد كعدمه بالنسبة إلينا، وحينئذ نرجع إلى الأصل في الأفعال قبل ورد الشرع، وهو ارتفاع الحرج عن الفعل. وليس ذلك عندهم هو الإباحة لأن الإباحة عندهم حكم شرعي، وهذا ليس حكماً (1). وانما هو خلوّ الفعل عن الحكم. ويكون الحكم في حقنا عندهم بمعنى الإباحة على قول من يقول: الإباحة حكم عقلي (2).
(1) المستصفى2/ 40
(2)
انظر كشف الأسرار على أصول البزدوي 3/ 922 أو البحر المحيط للزركشي 2/ 251 أ.