الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمثلة تطبيقية:
المثال الأول: مكان نحر الهدي للمحصر. قال تعالى: {ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله
…
فإن أُحصرتم فما استيسر من الهدي} ونحر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هديهم حيث احصروا.
ذهب أبو حنيفة إلى أن هدي المحصر ينحر بالحرم، كهدي غير المحصر. وذهب مالك والشافعي إلى أنه ينحر في مكان الإحصار (1).
وعن أحمد روايتان كالمذهبين (2).
استدل لأبي حنيفة (3) بقوله تعالى: {ثم مَحلُّها إلى البيت العتيق} وبتسميته هدياً، والهدي ما يهدى إلى البيت.
واستدل لمالك والشافعيّ بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (4). قال القرطبي: "ينحر حيث حلّ، اقتداء بفعله عليه الصلاة والسلام بالحديبية".
ومقتضى القاعدة التي ذكرناها، وهو الراجح عندنا في هذه المسألة، أن هدي المحصر يجب نحره بالحرم، وأما الفعل النبوي من ذبحه خارج الحرم فهو خارج على سبب، وهو أنه قد حيل بينه وبين إرساله الهدي إلى الحرم. ودليل ذلك قوله تعالى:{هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهديَ معكوفاً أن يبلغ مَحلّه} يعني (وصدّوا الهَدْي).
يقول الجصاص: (5)"هذا من أدل الدليل على أن محلّه الحرم: .. فلما أخبر عن منعهم الهديَ عن بلوغ مِحلّه، دل ذلك على أن الحِلَّ ليس بَمَحِلّ له".
(1) تفسير القرطبي 2/ 379
(2)
ابن قدامة: المغني 3/ 358
(3)
ابن الهمام: فتح القدير 2/ 297
(4)
المجموع 8/ 267 وانظر أيضاً: الشافعي: الأم 2/ 159
(5)
أحكام القرآن 1/ 273
وعلى هذا يكون المستفاد من الفعل النبوي جواز ذبحه في مكان الإحصار في حالة عدم القدرة على إرساله إلى الحرم. والله أعلم.
المثال الثاني: إقامة صلاة الجمعة بالقرى.
قال الحنفية: لا تقام إلا بمصر جامع.
وقال الشافعية والحنابلية والمالكية: تقام بالقرى.
احتج الحنفية بحجج منها: كما في بدائع الصنائع، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم الجمعة بالمدينة، وما روي إقامتها حولها، وكذا الصحابة رضي الله عنهم، فتحوا البلاد، وما نصبوا المنابر إلا في الأمصار (1).
واحتج الآخرون بحجج منها ما روي عن ابن عباس، أنه قال:"إن أول جمعة جُمعت بعد جمعةٍ في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد عبد القيس بجواثى من قرى البحرين"(2).
وقال الحنفية في رد هذا الاستدلال: القرية في عرف المتقدمين المصر، المثال الثالث: جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة، وهو جالس بين أصحابه. فوهبت نفسها له ليتزوجها، فكأنه لم يرد ذلك، فقال بعض أصحابه: إن لم يكن لك بها حاجة فزوِّجنْيها، فزوَّجَه بها، وفي رواية: كان ذلك في المسجد (3).
واضح أن الفعل يدل على الجواز، فلا حرج في إجراء عقد النكاح في المساجد. ولكن لا يصح القول بأنه مستحب فيها، لعدم الدليل على ذلك.
(1) بدائع الصنائع 1/ 261
(2)
رواه البخاري وهذا لفظه. ورواه أبو داود بمعناه (جمع الأصول 6/ 443)
(3)
فتح الباري 9/ 206