الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأمر كما قال.
3 - ما أخذه صلى الله عليه وسلم من مال إنسان:
فإن الأصل تحريمه، لقوله تعالى:{ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} فإذا أخذ صلى الله عليه وسلم مال إنسان فلا يؤخذ مثله من مثله، حتى يعرف هل أخذه على وجه الزكاة، أو الصدقة، أو الهدية أو غير ذلك. وقد قال القاضي عبد الجبار:"لو أنه صلى الله عليه وسلم أكره غيره على أخذ شيء من ماله لعلمناه حقاً. فإذا علمنا سببه صح التأسي به"(1).
4 - العبادات الخاصة المرتبطة بالأسباب
، فلا تفعل إلا عند وجود سببها. كصلاة الكسوف، لا تفعل إلا عند وجود السبب. وكسجود السهو، وسجود التلاوة، وكالقنوت في الصبح على رأي ابن تيمية ومن وافقه، فإنه يراه منوطاً بالنوازل، بناء على حديث أنس (2) أنه صلى الله عليه وسلم:"قنت شهراً بعد الركوع في صلاة الصبح، يدعو على رِعْلٍ وذَكْوانَ"(3). قال ابن تيمية، بعد أن ذكر حكم القنوت:"هذا النزاع الذي وقع في القنوت، له نظائر كثيرة في الشريعة. فكثيراً ما يفعل النبي صلى الله عليه وسلم لسبب، فيجعله بعض الناس سنة، ولا يميز بين السنة العارضة والدائمة"(4).
القسم الثالث: ما فعله لسبب فزال
.
ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لمعنى معين، ثم زال ذلك المعنى نقل فيه الزركشي (5) عن الماوردي حكاية قولين للشافعية:
القول الأول: وقد قاله أبو إسحاق المروزي، أننا لا نفعله، لزوال معناه، إلا بدليل يدل على فعله بعد زوال المعنى. وبمثل هذا القول يقول أبو شامة (6).
(1) المغني 17/ 272
(2)
البخاري 2/ 490، ومسلم 5/ 179
(3)
رعل وذكوان اسمان لقبيلتين، تعرضوا لرسل النبي صلى الله عليه وسلم فقتلوهم. فكان يقنت ويدعو عليهم.
(4)
مجموع الفتاوى 23/ 4113، 114
(5)
البحر المحيط 2/ 248 ب
(6)
المحقق ق 17 ب
القول الثاني: ونسبه إلى ابن أبي هريرة: يقتدى به وإن زال معناه، نظراً إلى مطلق التأسيّ. لقوله تعالى:{واتبعوه} . ولما ورد في السنة من أن النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء، وأصحابه، اضطبعوا بأرديتهم ورملوا في الطواف من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، ومشوا من اليماني إلى الأسود، فعلوا ذلك ثلاث مرات، وبيّن صلى الله عليه وسلم الغرض من ذلك بقوله:"رحم الله أمرأ أراهم من نفسه اليوم قوة". وكان المشركون قد وقفوا في المسجد الحرام من جهة الحِجْر، وقد قالوا فيما بينهم: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتم حمّى يثرب. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك ليظهروا الجلَد والقوة والنشاط، إرغاماً للمشركين، وكسراً لحدة سخريتهم. ثم بعد ذلك فتحت مكة، وقضي على قوة الشرك، ففعل النبي صلى الله عليه وسلم، هو وأصحابه في طواف القدوم ما فعلوه في عمرة القضية، مع زوال السبّب. فلم يكن هناك مشركون يقفون من جهة الحِجْر، ينظرون إلى المسلمين تلك النظرة. فدلّ ذلك على أن ما فعله لغرض فزال، أنه يستمرّ حكمه.
وقد يعترض على ذلك بأن يقال: لم تخل مكة عند حجة الوداع أيضاً، من قوم حاقدين من أهل مكة، يتربّصون بالمسلمين الدوائر، ولو لم يروا من المسلمين قوة وشوكة ترهبهم لانتفضوا عليهم. وبهذا يتبين أن السبب لم يزل في حجة الوداع.
فلأصحاب القول الثاني أن يجيبوا عن ذلك بجوابين:
الأول: أن ما ذكرتم، لو سلّم، يقتضي المحافظة على الاضطباع والرمل أما المشي من الركن اليماني إلى الأسود، فذلك لا يقتضيه، إذ كان بالإمكان أن يستمرّ الرمل الأشواط الثلاثة، أو أن تكون الاستراحة بالمشي في غير الموضع الذي مشوا فيه أولاً. فلما حافظوا على المشي في المكان عينه الذي مشوا فيه أولاً، ورملوا في المكان الذي رملوا فيه أولاً. دل ذلك على أن الفعل يستمر حكمه وإن زال سببه.
الثاني: إنه حتى بعد أن قوي الإسلام، وزالت العداوات والإحَن،