الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني الندب
ويستفاد من مواضع:
أ- أن يكون قد فعله صلى الله عليه وسلم على سبيل الوجوب، وعلم أن الوجوب خاص به.
ب- أن يكون قد فعله على سبيل البيان لأمر دالٌّ على الندب.
جـ- أن يكون قد فعله على سبيل الامتثال لأمر دال على الندب.
د- أن يكون قد فعلَ فعلاً مجرداً دل الدليل على أنه فعله ندباً.
هـ- أن يكون قد فعل فعلاً مجرداً، ولم يعلم حكمه بالنسبة إليه، ولكن يظهر فيه قصد القربة، بأن يكون مما فعله في العبادة، وكان على خلاف مقتضى الجبلة، أو ظهر فيه ذلك بقرينة أخرى.
مسألة تابعة للندب: دلالة الفعل على الأفضلية:
إذا كانت العبادة أو غيرها من الأفعال الجائزة أو المندوبة أو الواجبة يمكن عملها على صور مختلفة، وفَعَلها النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة أو مرات كثيرة، فهل يحمل فعله على أنه صادر على أفضل الوجوه لبيان الكمال فيها، أو يحمل على الأقلّ لبيان المجزئ؟.
قال ابن تيمية في دلالة الفعل النبويّ على الأفضلية: هي مسألة كثيرة المنفعة، وذلك في صفات العبادات وفي مقاديرها وفي العادات، وفي الأخلاق والأحوال. اهـ (1).
فمثال ما لم يكثر فعله: إحرامه من الميقات، مع أنه يجوز أن يحرم من المدينة ولا خلاف في جواز الإحرام قبل الميقات (2)، فهل يقال: إحرام الحاجّ والمعتمر من
(1) المسودة ص 74
(2)
ابن قدامة: المغني 3/ 264
منزله أفضل، لكثرة العمل، أو من الميقات لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم منه؟.
قال الحنابلة بأفضليّة الإحرام من الميقات استناداً إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو حنيفة ومالك الإحرام من البلد أفضل. وفعَلَه بعض الصحابة. وعن الشافعي قولان كالمذهبين.
ومثله الأضحية: فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحّى بكبشين أقرنين أملحين ذَبَحهما بيده. استفاد منه بعض الفقهاء أفضليةَ الذكور في الأضاحي، وأن تكون باللون المذكور في الحديث. وعن مالك: الأفضل أن تكون من الغنم، بخلاف الهدي فالأفضل عنده الإبل.
والحنابلة فضّلوا الإبل، أخذاً ببعض الأحاديث القولية (1).
وقد ادُّعِيَت الأفضلية بناء على فعله صلى الله عليه وسلم في الركوب في الحج، وفي الوقوف بعرفة، والاقتصار في الضحى على ثمان، وغير ذلك.
ومما واظب عليه صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة في السفر، وجعله بعض الفقهاء واجباً وبذلك يخرج عن مسألتنا. أما القائلون بأن القصر جائز ويجوز الإتمام، فمنهم من قال: القصر أفضل، أخذاً بالدليل الفعلي، وهو قول أحمد ومالك، وأحد قولي الشافعي. وقوله الآخر: الإتمام أفضل لكونه أكثر عملاً وعدداً وهو الأصل (2).
والاستدلال بالفعل على الأفضلية، في الحالة الثانية، وهي المواظبة، أقوى وأتمّ.
ويرى النووي التفريق بين النوعين، فما وقع مرةً واحدة فإنه يقع على أكمل الوجوه وأتمّها، وأما ما يتكرر فإنه يفعل أحياناً على القدر المجزئ لبيان الجواز، والأكثر على الأكمل، لما صنع صلى الله عليه وسلم في الوضوء مرة مرة، وثلاثاً ثلاثاً، أكثر عمله الثلاث.
ونحن نميل إلى الأخذ بالاتجاه الناظر إلى طبيعة العمل، فما كان أكثر عملاً
(1) ابن قدامة: المغني 2/ 621
(2)
المغني 2/ 270