الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك} (1) نبّه بأدائهم القنطار على أداء ما دونه" اهـ.
وعندي أن هذه دلاله قولية، لأن الله تعالى يدلّنا بالقول على ذلك، لا بالفعل، ولو قال:"نبّهوا بأدائهم للقنطار على أدائهم لما دونه" لكان لقول ابن عقيل وجه.
ويقول الجد: مثّله هو: "يعني ابن عقيل" بالبصاق في المسجد، وإلى القبلة، على البول. ولعلّه يعني أن حكّ النبي صلى الله عليه وسلم للنخامة من قبلة المسجد يدل على المنع من التبول من باب أولى.
ويقول (2): "وأحسن من هذا ما أشار إليه أحمد بن حنبل واستدل به، من أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين بالمدينة من غير خوف ولا سفر، فإنه يفيد الجمع للخوف والسفر والمطر"(3).
وهذا استدلال مستقيم.
ثالثاً- مفهوم الموافقة المساوي (لحن الفعل)
وهذا كثير في الأفعال، وهو نوعان:
الأول: كرضخه صلى الله عليه وسلم من الفيء لمن كان معه في الحرب من النساء (4) فكذلك ينبغي أن يرضخ لغيرهم ممن يماثلهم في ذلك إذا حضروا الحرب، كالصبيان. ومثل اتخاذه قبيعة سيفه من فضة، يدل على جواز اتخاذ رأس الدواة، وحلقة المرآة، ونحو ذلك، من الفضة.
(1) سورة آل عمران: آية 75
(2)
ابن تيمية: المسودة في أصول الفقه ص 348
(3)
انظر الحديث في ذلك عند أحمد 6/ 380 وأبي داود 7/ 401، 402
(4)
رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن (المغني لابن قدامة 8/ 322)
وضابط هذا النوع أن يفهم من حكم فعله صلى الله عليه وسلم حكم فعل من نوع آخر، مساوٍ له، بخلاف النوع الآتي.
الثاني: وهو أن يقال: ما فعله صلى الله عليه وسلم فحكمنا فيه كحكمه، وهو ما تقدم من قول المساواة في الفعل المجرّد.
وهذا النوع، وهو انسحاب أحكام أفعاله صلى الله عليه وسلم على أحكام أفعال الأمة بطريق المساواة، هو الدلالة الرئيسية للأفعال النبوية المجردة، وإذا أطلقت الدلالة الفعلية فإنما يراد بها هذا النوع خاصة.
ويتعلق بهذه الدلالة خاصة، أعني دلالة المساواة في الحكم بيننا وبينه صلى الله عليه وسلم، مسائل مهمة، نستعرضها في المبحث التالي.