الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع الكراهة
الفعل لا يدل على الكراهة، وقد يدل الترك عليها كما يأتي إن شاء الله.
المطلب الخامس التحريم
لا يدل الفعل (1) على التحريم بطريق التأسي. ولكن يدل على ذلك الفعل المتعدي، أحياناً كما تقدم، كالعقوبة بالحدّ أو التعزير، تدل على تحريم ما كان سبباً لها.
وقد يدل نزعه صلى الله عليه وسلم للشيء وكذلك كسره وتحطيمه ونحو ذلك، على تحريم لبسه واتخاذه. كما في حديث عقبة بن عامر:"أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فَروج حرير، فلبسه ثم صلى فيه، ثم انصرف، ثم نزعه نزعاً شديداً كالكاره له، ثم قال: "لا ينبغي هذا للمتقين" (2).
و"كان لا يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه (3) " ومثله ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ذهب ثم نَزَعه ورمى به" (4). و"رأى رجلًا يطوف بالكعبة بخزامة في أنفه فقطعها" (5). وفي رواية "رأى في المطاف رجلين بزمام بينهما فقطعه" (6).
(1) أما الترك فقد يدل على التحريم. وسيأتي بحث ذلك في فصل الترك من الباب الثاني.
(2)
البخاري ومسلم (جامع الأصول 11/ 281) والفروج: القباء.
(3)
البخاري 10/ 385
(4)
انظر صحيح مسلم 14/ 66 والبخاري 10/ 315
(5)
البخاري 11/ 586
(6)
البخاري 3/ 482
وإنما يدل على ذلك إذا عرف أنه صنع ما صنع بقصد بيان الشرع أو الامتثال له.
فإنَّ نزْع الثوب نزعاً معتاداً لا دلالة فيه، وكذا لو كسر شيئاً تالفاً لا يحتاج إليه.
وإن لم يعلم أنه قصد البيان أو الامتثال فلا يدل أيضاً على التحريم.
ومثاله ما ورد في الصحيح أنه النبي صلى الله عليه وسلم فرّق ما جاءه من مال البحرين حتى لم يبق منه شيء. فقال ابن حجر: "في الحديث بيان أن الإمام ينبغي له أن يفرق مال المصالح في مستحقيه ولا يؤخره"(1).
ونحن لا نرى دلالة الحديث على تحريم التأخير ولا كراهته، لاحتمال أنه لم يقصد امتثال حكم خاص بذلك، بل لكثرة المحتاجين، أو لوجود مال غيره مخزون لديه، ينفق منه عند الحاجة. فللإمام إذن أن يقدّم أو يؤخر بحسب المصلحة. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتبس بعض الأموال لنوائبه.
(1) فتح الباري 1/ 517