الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع أقسام الأفعال النبوية الصريحة ودلالة كل منها على الأحكام
1 -
الفعل الجبلي.
2 -
الفعل العادي.
3 -
الفعل في الأمور الدنيوية.
4 -
الفعل الخارق للعادة (المعجزات).
5 -
الخصائص النبوية.
6 -
الفعل البياني.
7 -
الفعل الامتثالي (التنفيذي).
8 -
الفعل المتعديّ.
9 -
ما فعله صلى الله عليه وسلم لانتظار الوحي.
أقسام الأفعال النبويّة ودلالتها على الأحكام
قدمنا في الفصل السابق أن أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث الجملة حجّة على الأمة. وأن ذلك هو الأصل فيها. وأثبتنا ذلك بالأدلة، ورددنا الشبه التي قد تورد على حجيتها.
وفي هذا الفصل نستعرض الأفعال النبوية بأنواعها، ونبيّن ما يعرف به كل نوع، وهل يدل على حكم أو لا يدل عليه، والأحكام التي تدل عليها تلك الأنواع.
أقسام الأفعال النبوية:
فعله صلى الله عليه وسلم: إما متعلق بغيره وهو الفعل المتعديّ، أو قاصر عليه.
وفعله القاصر عليه إما أن يصدر عنه لداعي الجبلة، أو اتباعاً للعادة، أو لتقديره فيه منفعة أو دفع مضرة، أو هو تابع للشرع.
وفعله التابع للشرع إما معجز أو غير معجز.
وفعله غير المعجز إما أن يفعله لأنه مطلوب منه خاصة وهي الخصائص النبوية، أو هو مشترك بيننا وبينه.
والمشترك إما أن يعلم أنه متعلق بوحي معين، يفعله بغرض تبيين مجمل في ذلك الوحي أو مشكل وارد فيه، أو لمجرد امتثال الأمر الإلهي في ذلك الوحي. وإما أنه لا يعلم تعلقه بوحي معين.
والذي لا يعلم تعلقه به إما أن يفعله مؤقتاً لانتظار الوحي، وإما أن يفعله على غير ذلك الوجه، وهو الفعل المبتدأ المجرّد.
فانحصرت أفعاله صلى الله عليه وسلم في عشرة أقسام (1)، هي كما يلي:
1 -
الفعل الجبِلّيّ.
2 -
الفعل العَادي.
3 -
الفعل الدنيوي.
4 -
الفعل المعجز.
5 -
الفعل الخاص.
6 -
الفعل الامتثالي.
7 -
الفعل المؤقّت لانتظار الوحي.
8 -
الفعل المتعدّي.
9 -
الفعل المبتدأ المجرّد.
وسوف نعقد لكل قسم منها مبحثاً خاصاً من هذا الفصل، ونخص الفعل المبتدأ بفصل مستقل، نظراً لأن البحث فيه هو لب باب الأفعال وأهمّ ما فيه، وما عداه إنما يذكره الأصوليون مع وضوحه، بقصد تحديد المراد بالفعل المبتدأ.
وقبل التفصيل نشير إشارة مجملة لما يدل عليه كل قسم منها، فنقول: إن الفعل الجبلي والعادي والدنيوي لا قدوة فيها، ولا تدل على أكثر من الإباحة، والفعل المعجز والخاص كذلك لا قدوة فيهما، لما فيهما من معنى الاختصاص به صلى الله عليه وسلم، والفعل البياني والامتثالي يقتدى بهما، والمؤقت لانتظار الوحي لا قدوة فيه إذا جاء الوحي بخلافه، والمجرّد فيه تفصيل، يعلم في موضعه.
ونقدم قبل ذلك بيان الطرق العامة التي يسلكها علماء الأمة، على اختلاف نزعاتهم، في استفادة الحكم من الفعل النبوي.
(1) ذكر أبو الحسين البصري (المعتمد 1/ 385) تقسيماً للأفعال، ولم يحصر عددها، وحصرهما أبو شامة في ستة أقسام (المحقق 3 ب) ونحن استوفينا حصرها استيفاء لم نطلع على مثله. وبالله التوفيق.
طرق العلماء في حجية أنواع الأفعال النبوية، ودلالة كل منها على الأحكام:
للعلماء في ذلك ثلاث طرق رئيسية:
الطريقة الأولى: أن الفعل النبويّ بمجرده دالّ على الحكم في حقنا، يعني سواء علمنا حكمه بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو لم نعلم.
وأصحاب هذه الطريقة على ثلاثة مسالك:
فمنهم من قال: هي دالة على الوجوب في حقنا.
ومنهم من قال: هي دالة على الندب في حقنا.
ومنهم من قال: هي دالة على الإباحة.
الطريقة الثانية: أنها لا تدل على شيء في حقنا إلاّ باعتبار حكمها بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم.
فما فعله على وجه الوجوب فهو علينا واجب.
وما فعله على وجه الندب فهو لنا مندوب.
وما فعله على وجه الإباحة فهو لنا مباح.
وما لم نعلم حكمه بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم حملناه على أدنى الاحتمالات.
ورأى أبو علي بن خلاد أن التساوي بيننا وبينه صلى الله عليه وسلم حاصل في أحكام العبادات خاصة، وأما فيما عداها فلا.
الطريقة الثالثة: أنها ليست أدلّة بمجردها، وليست أدلة باعتبار حكمها بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم، لاحتمال أن يكون الفعل الذي فعله من خصائصه صلى الله عليه وسلم (1).
(1) انظر: أبا الحسين البصري: المعتمد 1/ 377، الآمدي: الإحكام 1/ 247 وما بعدها. المحلي: شرح جمع الجوامع 2/ 97 - 99، أبا شامة: المحقق ق 2، 3
تحرير محل النزاع:
ليس الخلاف السابق ذكره هو في جميع الأفعال، بل ما كان من أفعاله صلى الله عليه وسلم جبلياً أو شبهة، أو كان من خصائص، أو اقترن به دلالة خاصة على أن المراد به التأسّي، أو وقع بياناً لشيء من آي الكتاب، فالأمر فيه واضح. وإنما الخلاف فيما وراء ذلك وهو الفعل المجرّد المبتدأ. والأقوال المذكورة إنما هي في هذا النوع (1).
(1) سيأتي أن أبا شامة رأى أن الفعل الجبلي يندب لنا الموافقة فيه.